أكثر ما استفزنى فى تداعيات قرار الرئيس الأمريكى ترامب المشئوم بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل هو إصراره العجيب على أن تكون بلاده هى راعى عملية السلام الرئيسى بين العرب وإسرائيل!! ولا أعرف من أين استمد الرجل كل هذه الثقة والجبروت وروح الاستعباد لأمتنا العربية وكأنه يقول لنا بملء فيه: أنا سيدكم ,وستفعلون ما آمركم به وأمليه عليكم ,مهما بلغت درجة غضبكم , وظلمى لكم , وانحيازى الكامل لعدوكم!! صحيح أن أمة العرب فى قمة ضعفها وهوانها وانقسامها .. ولكنها القدس التى تحوى أولى القبلتين وثالث الحرمين .. خطنا الأحمر الذى طالما تغنينا به, وأكدنا أننا لن نفرط فيه مهما كانت الأهوال والتضحيات .. هكذا وبكل صفاقة يخرج على العالم ليعلن أنه قرر منفرداً الاعتراف بها عاصمة أبدية للأعداء مستهينا بمشاعر ملايين المسلمين، ومتحديا إرادة الشرعية الدولية , ورفض وإدانة حلفائه وأصدقائه قبل خصومه وأعدائه!! ويخطئ من يظن أن ترامب لم يحسب ردود الأفعال العربية والدولية على قراره المشئوم ..فهو يعلم مسبقا أن العرب أجمعين ظاهرة صوتية لن تتعدى ردود أفعالهم رفضا وإدانات ومظاهرات هنا وهناك، وحرقا لعلم بلاده وصوره الشخصية، ثم تهدأ بعدها الأمور، ويعودون صاغرين طائعين لحضن «ماما أمريكا» طالبين العفو والرضا والسماح .. أما بقية الدول الحليفة فإن لغة المصالح ستجبرهم أن يحذوا حذوه بعد فترة من الزمن وقليل من المساومات والإغراءات حتى وإن أظهروا غير ذلك مع بداية الصدمة التى لم يستشرهم فيها!! والمدهش أن الأيام القليلة الماضية تسير فى هذا الاتجاه .. فها هم وزراء الخارجية العرب يصدرون بياناً هزيلاً بعد اجتماع طارئ لهم فحواه دعوة دول العالم للدفاع عن قضيتهم وخوض معركتهم نيابة عنهم!! قد يظن ترامب أنه ذكى وشجاع .. نجح فى جمع مليارات الدولارات من العرب من خلال صفقات رابحة ثم وجه إلينا صفعة موجعة بقرار ظالم .. ولكنى على يقين بأن التاريخ وربما الأيام المقبلة ستثبت أنه لم يكن إلا مجرد مستبد متهور مجنون كان يحكم الكون!! [email protected] لمزيد من مقالات مسعود الحناوى