تفجرت منذ أيام فى مصر قضية من أهم قضايا العالم وهى قضية التطبيع الثقافى مع إسرائيل. أعلن محمد حفظى رئيس مهرجان القاهرة السينمائى عن قراره تكريم المهرجان للمخرج الفرنسى المعروف كلود ليلوش بعد أيام قليلة من ذكرى حرب اكتوبر. ورد عليه بعض النقاد بأن ليلوش من أشد مناصرى وداعمى الصهيونية، فعاند حفظى وقال إنه لن يسحب تكريم ليلوش لأنه مجرد يهودى زار اسرائيل كأى شخصية عامة وقال كلمات عادية عنها تدخل فى إطار المجاملة. وكرر الكلام نفسه عدد محدود من الأقلام التى دافعت عن حفظى بهدف تزوير الحقائق. هبت بعدها أعداد كبيرة من الصحفيين والكتاب والسينمائيين المصريين بفضح سيرة كلود ليلوش فى دعم الكيان الصهيوني. والمساعدة فى التبرع بالأموال للاستيطان هناك. وكان على رأس حملة إلغاء التكريم د. مالك خورى رئيس قسم السينما بالجامعة الأمريكية ومدير التصوير الرائد سعيد شيمي. ومن أهم ما عرضوه أن ليلوش أعلن فى أكثر من منبر وفى حضرة ساسة ملطخة أياديهم بدماء الفلسطينيين والعرب أنه يرى إسرائيل رمزا للمقاومة ونابذة للعنف وأنها وطنه الذى يحبه. وأنها مثال فى مقاومة الكراهية. وقد كتب الصحفى الجزائرى محمد علال المدير الفنى السابق لمهرجان وهران: ليلوش مساره الفنى مختلط بالسياسة منذ أن كان شابا يرافق جيش الاستعمار الفرنسى لتصوير الجزائريين الذين يطالبون بالحرية والاستقلال فى ثوب المجرمين وقطاع الطرق. ليلوش نفسه صرح بأنه يعتبر السياسة والفن وجهين لعملة واحدة. وقد حصل ليلوش عام 2005 على الدكتوراه الفخرية من جامعة بن جوريون لأفلامه التى أسهمت فى تطور دولة إسرائيل كما جاء فى الخطاب الرسمى لمنح الدكتوراه. وقال لجيروزاليم بوست عام 2005 عن زيارته التضامنية الى إسرائيل عام 1968 وقت حربها مع مصر فى الاستنزاف: «ذهبت لزيارة بن جوريون لأطلب منه استعمال جيش إسرائيلى فى واحد من أفلامي، فوافق». وأضاف: نحن نجعل أعداءنا دائماً يؤدون لنا الخدمات. لكن احد أهم الادلة على صهيونية ليلوش كان نشر المعترضين على التكريم صورة لليلوش فى أثناء حضوره مناورات استعراضية للجيش الإسرائيلى بخوذة وجراب عسكرى لجيش الاحتلال فى 1 نوفمبر عام 1990 قرب تل ابيب وكان برفقة 250 من المهاجرين اليهود الروس للاستيطان هناك، وكذلك برفقة مجموعة أخرى من 250 من المتبرعين بالأموال لدعم منظمة الاستيطان الصهيونى كيرين اور. المأساة أن حفظى كان يريد منح ليلوش جائزة تحمل اسم سيدة الشاشة فاتن حمامة التى كانت من أوائل من جسد دور المرأة والعربية فى دعم قضية فلسطين ومقاومتها ضد الاغتصاب الصهيونى فى فيلمي: الله معنا (1955) و أرض السلام (1957). وقال مهرجان القاهرة برئاسة حفظى عن ليلوش إنه من رواد الموجة الجديدة فى فرنسا. وهو خداع لإقناع غير المتخصصين بان ليلوش يستحق التكريم. له فيلم واحد مهم هو امرأة ورجل, حاز الاوسكار. لكن أغلب افلامه متوسطة. وجزء كبير منها يدعو للصهيونية. وهناك رسالة دكتوراه صنعت فى اسرائيل قامت بها الباحثة نيتزا شابيرا ساباج تحلل كيف خدمت أفلام ليلوش المشروع الصهيوني. الحقيقة أن اغلب الفنانين من كل دول العالم قرروا رفض التطبيع الثقافى مع اسرائيل، أو التعامل مع الكيان الصهيونى بأى صورة؟؟ وعلى رأس هؤلاء النجم الأمريكى الكبير داستن هوفمان (وهو بالمناسبة يهودي) وأيضا الممثلة الأمريكية المعروفة ميج رايان ولاعب الكرة العالمى رونالدو والمطربة العالمية ريهانا ومواطنتها سيلينا جوميز. والنجمة الاسبانية بينيلوبى كروز وزوجها خافيير بارديم والمودوبار أحد أهم مخرجى الكون. وآلاف من الفنانين من أوروبا وامريكا وقعوا عرائض ضد اسرائيل. لكن يعد أهم منتقدى الصهيونية الاوائل وبشكل دائم العظيمان جودار والبريطانى كين لوتش الذى قال: إسرائيل تخرق القانون العالمي، وتستولى على أراضى شعب آخر وتجعل حياة الفلسطينيين مستحيلة. لكن هل يتكلم أحد فى الغرب عن ذلك. ما نقف ضده هو عدم ربط الصهيونية باليهودية. إنه تطهير عرقي. لماذا قرر حفظى إذن تكريم ليلوش؟ بعض الصحفيين أشاروا الى علاقة ما تربط ما بين رئيس مهرجان القاهرة الحالى وليلوش. وحتى الآن لم يصدر بيان رسمى لمهرجان القاهرة عن إلغاء تكريم ليلوش. لمزيد من مقالات د. أحمد عاطف