عندما تقرأ تلك السطور التى بين يديك عزيزى القارئ لا يمكن أن تصدقها من أول وهلة .. فملخصها البسيط أن « الأدوية منتهية الصلاحية تباع على الأرصفة «.... بعض التجار أو الصبية يأخذون جزءا من الأدوية منتهية الصلاحية من عدد من الصيدليات، ومخازن « بير السلم « ، إلى جانب الأدوية المغشوشة ويقومون ببيعها بأقل من ثمنها الحقيقى للمرضى من « الغلابة والمحتاجين «فى شرق العاصمة وتحديدا سوق»الإمام»، وأيضا فى منطقة إمبابة، حيث تجد الأدوية وكأنها قطعة «روبابيكيا»..وشعارالتجار «لاتسألنى عن أصلها وفصلها.. المهم سعرها «..وهنا دقت نقابة الصيادلة ناقوس الخطر وأرسلت مذكرة إلى الدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة والسكان منذ عدة أيام محذرة من خطورة مايحدث ، ومطالبة بتحرك الجهات المعنية من التفتيش الصيدلى ومباحث التموين لضبط المتورطين فى ذلك .. ثم كانت المفاجأة الأكبر اكتشاف وجود نزاع بين بعض الصيدليات وعدد من الشركات حول استرداد « مرتجع الأدوية المنتهية « من عدمه، ناهيك عن الربح السريع للجوء عدد من الصيدليات إلى الشراء من «مخازن وجهات غير مصرح بها»..والضحية بالتأكيد »المواطن الغلبان»…. الدكتور طارق كامل عضو مجلس نقابة الأطباء يقول إن الأدوية التى قارب ميعاد انتهاء الصلاحية الخاص بها تكون شركات الأدوية ملتزمة بسحبها من الصيدليات ، ولكن المشكلة الرئيسية والجوهرية تكمن فى أن عددا من الصيدليات تشترى الأدوية من مخازن أو شركات توزيع ، لوجود هامش ربح كبير وفرص أكثر فى السداد، كما أن المخازن لاتصدر فواتير وبالتالى لا يسدد الصيدلى أى ضرائب عند بيعه لهذه الأدوية ، بينما الشركات المنتجة للدواء، ملزمة باسترداد «المرتجع «من الصيدليات . وأضاف كامل أن الصيدليات التى تشترى من المخازن لانستطيع إلزامها برد الأدوية منتهية الصلاحية فهذا اتفاق يتم بينهم ، بسبب هامش الربح العالى ، منوها إلى أن الأمانة العلمية والطبية تقتضى أن يتم إعدام الأدوية التى قاربت على الانتهاء فورا وهذا لايحدث إلا فى بعض الصيدليات ، بينما الصيدليات الأخرى وهى المصيبة الكبرى تقوم ببيعها إلى بعض التجار على الرصيف وفى أماكن كثيرة.. ليثار السؤال عن مصدر تلك الأدوية ! وأشار عضو مجلس نقابة الأطباء إلى وجود ممارسات خاطئة من بعض الصيدليات تستوجب المحاسبة من قبل نقابة الصيادلة، إلى جانب الدور المهم للتفتيش الصيدلى بوزارة الصحة للرقابة على تلك الأدوية لحماية المرضى من مخاطرها ، فالأدوية منتهية الصلاحية بها مواد سامة ، وبعضها لايفيد المريض بسبب انتهاء المادة الفعالة ، ومسألة أن تباع الأدوية على الأرصفة وفى الشوارع تمثل مصيبة ، ولو حدثت فى أى دولة بالعالم فستقوم الدنيا ولن تقعد. من جانبه يقول الدكتور محمد العمارى رئيس لجنة الصحة بمجلس النواب إن دور الانعقاد للمجلس سيبدأ غدا «الأحد «وستقوم اللجان النوعية بدورها، وقد تكون هناك طلبات واستجوابات لمناقشة قضية الأدوية المغشوشة ومنتهية الصلاحية ، والتى سمعنا عنها فى عدد من المناطق خلال الفترة الأخيرة ، وستتم مناقشة قضية الطلبات وسؤال المسئولين عنها، منوها إلى أن دور وزارة الصحة أصيل فى معالجة تلك المشكلة القائمة بين شركات الأدوية والصيدليات حول» الأدوية المنتهية» ، والتى تباع فى الأسواق بثمن بخس بعيدا عن أعين الجهات الرقابية ، فمباحث التموين والتفتيش الصيدلى لهما دور مهم فى حماية المواطنين، ويجب إحكام الرقابة وضبط الأمور أكثر من ذلك . من جهته يقول الدكتور محيى عبيد نقيب الصيادلة إنه أرسل خطابا إلى الدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة والسكان يوضح فيه معاناة بعض الصيدليات من تعنت شركات الدواء فى سحب الأدوية منتهية الصلاحية ، والتى تراكمت وأصبحت عبئا على الصيدلى وخطرا على المريض ، منوها إلى أن هذا العبء على الصيدلي يتمثل فى خسارة رأس ماله ، الذى يمكنه من الاستمرار فى أداء عمله ، كما أنها تشكل خطرا على المواطن لأنه فى حالة رفض الشركات سحب الأدوية تتراكم لدى الصيدلي، الذى لايجد سبيلا للتخلص منها إلا بإلقائها فى القمامة ، حيث يتم تجميعها وبيعها ، وربما طباعة تاريخ الصلاحية عليها مرة أخرى مما يشكل خطورة على حياة المرضي، مشيرا إلى أنه يوجد قرار رقم 114 يلزم الشركات بسحب الأدوية»منتهية الصلاحية» من الصيدليات فى مختلف المحافظات ، والتى يصل عددها إلى 73 ألف صيدلية ، ولو تم تنفيذ القرار بشكل سليم فستنتهى هذه المشكلة تماما، وإذا لم يحدث ذلك فسيكون المواطن هو «الفريسة» ، ناهيك عن الخسائر المالية الكبيرة للصيدليات.