أعلم أن الكلمات السابقة صادمة لهؤلاء الذين يحلو لهم إغماض أعينهم عن الواقع وحتمية مواجهته بكل الحسم فربما تمر الجريمة دون أن يخدش من هم حريصون علي حمايته بإعتباره من أصحاب النفوذ.. فالقتل حتي ولو كان بالتواطؤ أو التباطؤ أو الإهمال جريمة يجب ألا تسقط بالتقادم أو أن يفلت المتورط فيها من العقاب والخضوع لحق المجتمع مهما كان نفوذه أو مكانته أو سلطاته طالما كنا ننشد مجتمعا تسوده قيم العدل وتحكمه قواعد الانضباط والالتزام. لا أجد ومعي كثيرون سوي اللجوء لمنطق التفسير التآمري لمذبحة رفح الإجرامية في ظل هذا الصمت الذي طال ما يقرب من شهر من جانب أصحاب القرار ربما خوفا من صدمة المجتمع أو إقلاقه إذا ما تبين أن هناك إهمالا من جانب البعض.. أو ربما خشية من أصحاب النفوذ إذا ما ثبت أن جريمة التواطؤ أو التباطؤ تحلق فوق رؤوسهم.. فالسطور هذه قد كتبت قبيل ساعات من إتمام الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع التزامه خلال زيارته رفح لمتابعة عمليات النسر والإطمئنان علي حراس الوطن الإسبوع الماضي بإعلان أسماء مرتكبي المذبحة سواء كان هذا الإعلان قد تم بالفعل أم لا. بالتأكيد أن أحدا من هؤلاء الحراس لم يتخيل قبل أن يغادر موقعه علي خط الحدود ليصعد إلي السماء ويصبح من بين هؤلاء الذين باتوا أحياء عند ربهم يرزقون أن البعض يسعي سواء بالإهمال أو التواطؤ أو التباطؤ إلي إجهاض الحلم بتأسيس وطن ومستقبل أفضل.. ويحاول أن يخضع مصر الثورة لمنطق المخلوع أنا أو الفوضي..!! أكثر من أربعة أيام قبل وقوع المجزرة حذرت أجهزة الإستخبارات الإسرائيلية رعاياها وطالبتهم بمغادرة أرض سيناء تحسبا لعملية إرهابية ستقع خلال ساعات غير أن هذا التحذير قد استقبله مسئولونا دون أي رد فعل جاد عدا نفي ساذج وتبرير أكثر سذاجة كما اعتاده محافظ شمال سيناء اللواء السيد عبد الوهاب مبروك في أي مناسبة مؤلمة' وما أكثر تلك المناسبات التي جرت في سيناء الشمالية من تفجير خطوط الغاز وتناثر بؤر الإرهاب من التكفيريين والجهاديين وغيرهم' فخرج علينا ليؤكد:' غير صحيح ما تدعيه إسرائيل, وأن الهدف من هذه الإدعاءات هو ضرب السياحة في سيناء' كما ولو كان قد أدي ماعليه دون أن يكلف نفسه عناء البحث عن تلك الحقيقة التي إضطر التليفزيون المصري الرسمي إلي بثها وإذاعتها في أكثر من برنامج!! المأساة السوداء اكتملت علي لسان اللواء مراد موافي رئيس جهاز الاستخبارات المصرية الذي فاجأنا بعد ساعات من المذبحة التي أرتكبت بدم بارد سواء من جانب منفذيها أو صمت من علم بها وتباطأ أو تواطأ من أنه كان لدي الجهاز معلومات مؤكدة بأن جريمة إرهابية ستشهدها سيناء وأنه تم إبلاغها إلي الجهات المعنية دون أن يحددها التي لم تحرك ساكنا علي حد علمنا وما جري إعلانه!! بالقطع لم يتصور ذلك الحاج في إحدي قري الدلتا أو نجوع الصعيد وهو يلملم سجادة الصلاة بعد أن أدي فريضة المغرب في ذلك اليوم ورفع أكفه للسميع العليم أن يتقبل ابنه بين الشهداء أن ابنه قد دفع حياته ضمن مجموعة من شباب أوكلت إليهم فروض الواجب حماية حدود الوطن أن البعض قد استهدف تآمرا أو تباطؤا أو إهمالا ذلك الوطن لتحقيق نبوءة المخلوع ولم تكلفه جريمته هذه التي ارتكبها بدم بارد سوي فقدانه لمواكب التشريفة.. حاكموهم حتي تظهر الحقيقة ولا تهدر دماء أبرياء ألزمهم الواجب بترك أبنائهم أيتاما فالإقالة وحدها لا تكفي..!! [email protected] المزيد من مقالات عبدالعظيم درويش