من بين أول وأهم الدروس التى تعلمناها فى بداية مشوارنا الصحفى على يد جيل الرواد العظام فى مدرسة الأهرام الصحفية، أن الكلمة الصادقة هى مفتاح الوصول إلى عقل وقلب القارئ الباحث دوما عن الحقيقة التى لا تخاصم الأكاذيب فقط وإنما تخاصم سطحية التناول لأن الصحيفة تفقد احترام القارئ كلما انزلقت إلى تزييف الواقع! وكنا كلما تساءل أحدنا عن سبب تضييق مساحة السماح لأجيالنا الشابة بحق إبداء الرأى كان الجواب يجيء على الفور: إن الوقت مازال مبكرا لأن الحق فى إبداء الرأى ليس منحة ينالها من يمتهن العمل الصحفى وإنما هى مسئولية تستوجب المزيد من القراءة والمزيد من المعرفة والمزيد من الممارسة المهنية المتنوعة حتى يتوافر لكاتب الرأى رصيد هائل من الرؤى والأفكار التى تستحق أن تكتب وأن تحظى باهتمام الرأى العام لتحدث تأثيرا ملحوظا فى حركة المجتمع. لكن الصورة اختلفت تماما الآن ولم يعد هناك حرص على تمييز العمق عن السطحية لتجنب ما نراه معيبا ومؤسفا من ضياع الخط الفاصل بين الخطأ والصواب! وأخشى أن أقول: إنه إذا استمر الحال على ما هو عليه الآن فإن المهنة تحمل فى داخلها كل عوامل انقراضها، لأنه حتى مع التسليم بصحة ما يتردد ويقال عن أسباب تراجع أرقام التوزيع فإن بيت الداء يكمن فى داخل الأداء الذى لا يتراجع فقط وإنما يقترب من أن يكون عنصرا طاردا للقارئ فى ظل غياب الحد الأدنى من عناصر الجذب والتشويق التى كانت عنوانا ودافعا للحرص على انتظار دوران المطابع كل يوم. ولكننى فى ذات الوقت لا أخشى أن أقول إن الاستخدام السيئ لمفهوم الحرية بعد أحداث 25 يناير لعب دورا بارزا فى نشوء هذا النفور الشعبى من وسائل الإعلام التقليدية والاتجاه صوب وسائل التواصل الاجتماعى التى تفرط فى الحديث عن الحرية المنفلتة التى ضاع منها كل مضمون وخلت من كل معني! وظنى أن الفرصة مازالت متاحة لتصحيح المسار إذا عدنا لدروس سنة أولى صحافة! خير الكلام: هنيئا لأمة أصقلتها الحكمة وعلمتها التجارب! [email protected] [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله