لا يخلو إيقاع الحياة فى بر مصر من الصخب والجدل والقيل والقال، وتكاد تنفرد بلادنا بديناميات حياة تتفاعل بالمثيرات كل لحظة، وتتألق على وقعها المتناقضات وكأنها لا تجد تربة تتكاثر وتتعايش فيها كما تجد على أرض المحروسة! ومنذ أزمنة بعيدة ومصر تحتضن المهرجانات الفنية، ولا غريب فى هذا، فبلادنا هى مهد الفن والحضارة وعلى يديها تعلم الآخرون وتذوقوا الفنون التى تكسر قسوة الحياة وإيقاعها الممل. لكن لماذا يشذ بعض من يتولون شئون الفن فى مصر عن قاعدة الفن النظيف الهادف الكاشف بلا ابتذال،الذى يعتمد الموضوعية لا المبالغة، الإصلاح لا الهدم، نشر الفضيلة لا الفجر (بضم الفاء) والفحشاء؟. يطلب معظم أهل الفن وعلى الأخص صناع السينما حصانة مجتمعية تطلق يديهم فيما يسمونه (حرية الإبداع)، يرفضون تقييدهم بسقف أو خطوط حمراء (تخنق إبداعهم)، ولا ينصتون فى أى مناقشة لمن يذّكرهم بتقاليد مجتمع،وفى نفس الوقت هم يطلبون التقدير المعنوى والإقبال على شباك التذاكر رغم أنهم أحيانا يقدمون ما يخرج على تقاليد المجتمع وموروثاته، لكن تتملكهم الأنانية فيرغبون فى الحصول على كل شيء رغما عن الجميع! آخر سجالات أهل الفن والسينما مع الجماهير كانت على وقع مهرجان سينمائى يقام حاليا فى البحر الأحمر،فى حفل الافتتاح كانت المشاهد صادمة، حيث تبارت المدعوات فى إظهار المفاتن فى مشهد عجيب تتصور معه أنه مهرجان للأزياء وليس للفن السابع، واللافت أنه عندما اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعى بالرفض والامتعاض من تلك المشاهد كان رد صناع السينما على طريقة (أصلكم دقة قديمة)، وأن الجمهور لا يتفهم أن تلك الملابس الفاضحة من مقومات مهرجانات السينما العالمية وأنها من الطقوس الأساسية للسير على السجادة الحمراء المميزة لتلك المهرجانات التى نجهل نحن المشاهدين قيمتها! هذا المهرجان والجدل الغاضب من حوله أثبت حقيقة صادمة لأهل الفن (الهابط) وهى أن الفجوة تتسع بينهم وبين الجماهير لأن الوعى لدى المشاهد بلغ درجة عالية من النضج فى انتقاء الفن الهادف ونبذ الغث أو ذلك الذى لا يزيد على كونه (أداء تمثيليا لزوم أكل عيش)، واسأل المنتجين عن حال شباك التذاكر؟! [email protected] [email protected] لمزيد من مقالات شريف عابدين