انحنى لليدين اللتين تدسان لى فى حقيبتى المدرسية كل شروق فطائر محشوة بالدعاء. انحنى للندى الليلى الذى يتساقط من كفها فى يدىّ قروش صباح. أهتف بالهوى المستباح. وبكل الذين يحطون على قلبها كالفراشات فوق صحون العسل. قبل أن تنمو من قبل. وفؤادى أشعلته التى علمتنى الرجولة . أمي.. كيف أشرح حبى لها, هى مسألة مستحيلة. أنحنى للنساء الحوامل والمنجبات عيالا كثيرة.. رغم أنف الحكومة.. أنحنى للأمومة.. صورة كتبتها لأمى فى ذاكرتى من أيام الطفولة.. ساندويتش المدرسة فيها طقس مقدس.. فى الأرياف يوضع فى اللانش بوكس بتاع زمان (كيس أو شنطة قماش) وكنا نتمرد على ذلك خوفا من أن ينظر إلينا على أننا مازلنا أطفالا صغارا..يعنى نجوع ونبقى رجالة أحسن ألف مرة وفى أيام الامتحانات كانوا يفقشون لنا بيضتين نيئتين فى كوب حليب ساخن بالهنا والشفا وساندويتشات أخرى لها مسميات جديدة الآن مثل ساندويتشات النابالم فول على طعمية على بيض وساندويتشات السكالانس أى الحلاوة بالقشدة.. وقرص العجوة كأنها كورس فيتامينات كامل.كانوا يرددون الحديث الشريف: من ليس فى بيته تمر أهله جياع. كانت عندى أمنية ومازالت وهى أن تزرع مصر كل عام مليون نخلة على جانبى النيل من أسوان حتى الإسكندرية وفى كل الأراضى غير المستغلة.. وياريت فى أحواش المدارس أيضا, انتاج النخلة الواحدة من البلح يتراوح بين مائة كيلو واربعمائة كيلو. إنها ثروة غذائية جبارة.. حيث يحتوى التمر على كل العناصر الغذائية .. والقرآن الكريم يخبرنا بقصة السيدة مريم (وهزى إليك بجذع النخلة) كى تتغذى بعد الولادة .. أذكر أيام زمان أيضا كانت محال العجوانية منتشرة فى كل المدن الصغيرة والكبيرة... رحم الله أيام العجوانى مسئول الإمداد والتموين الغذائى الأول فى طفولتنا ..والمكون الرئيسى للوجبات المدرسية . رائع أن الحكومة خصصت نحو مليار جنيه هذا العام للتغدية المدرسية للتلاميذ، والخبراء يؤكدون لنا أهمية أن تحتوى وجبة فطور الطالب على النشويات بنسبة لا تقل عن 50% بالإضافة إلى الخضراوات والفواكه الغنية بالماء والفيتامينات والمعادن. .. أن تحتوى حشوة «الساندويتش» على كمية من البروتين وقليل من الدهون. التنويع فى الوجبة صحى جدا ويفتح الشهية، زيت الزيتون والمكسرات وزبدة الفول السوداني.. فمتى نرى تلامذة مصر فى كامل اللياقة البدنية والعقلية؟!. سوف نطمئن إذا كانت بداية الإصلاح مع المناهج والرياضة والساندويتش والتابلت والتكنولوجيا.. فتتحقق النقلة النوعية فى تطوير التعليم. …طبعا بالمقارنة مع الدول الغنية المسافات شاسعة بيننا وبينهم .. مثلا هناك وجبات متميزة جدا تجعلك تتمنى العودة لأيام التلمذة. فرنسا مثلا تقدم وجبة دجاج مقلى لتلاميذ المدارس هناك ..وفنلندا تقدم الدجاج بالكارى .. والبرازيل تقدم اللحوم.. وفى اليابان يقدمون السمك والطحالب البحرية وحساء الخضراوات والبطاطس والطماطم والأرز .. أما فى الولاياتالمتحدة فيقدمون شرائح الديك الرومى المدخن والبطاطس المهروسة وفطيرة الخوخ ..والآيس كريم وكوب الشاى المثلج .. إنهم أغنياء جدا ويستطيعون أن يفعلوا ذلك، لأنهم يستثمرون فى أبنائهم الذين هم رجال الغد وقادة المستقبل، وأهم من كل ذلك تحديث نظم التعليم فى هولندا مثلا يختار التلاميذ المواد التى يدرسونها ، وفى كوريا الجنوبية برامج التعليم... مدى الحياة لتطوير القدرات ومواكبة الجديد أولا بأول … وأيضا سنغافورة مناهج التعليم فيها تعتمد على المرونة بما يتوافق مع مواهب وتميز التلاميذ.لاشك أن أصحاب العقول اشجاعة عندنا سوف يخوضون معركة التغيير والإصلاح رغم علمهم بالفواتير التى سوف يدفعونها… لمزيد من مقالات جمال الشاعر