ولد الأستاذ توفيق الحكيم رائد الرواية العربية والأديب المرموق حيث ولد في يوم 9 أكتوبر 1889 وتوفى فى 26 يوليو 1987 ومرت ذكرى وفاته مرور الكرام.. وأنه سوف يمر بعد أقل من شهرين 120 عاما على ميلاد الحكيم صاحب الرؤى الفلسفية والسياسية والانسانية والذى كان لى شرف الاقتراب منه بسبب أواصر علاقات عائلية قديمة جدا ومتداولة عبر الأجيال فكان كما قال لى الحكيم والد جدتى لأبى محمود بك عبدالغفار كان زميلا فى دفعة والده إسماعيل الحكيم وإسماعيل صدقى بكلية الحقوق إلى جانب صداقته لشمس الدين عبدالغفار خال والدى، حيث اجتماعاتهم الودية والمتواصلة كل صيف «بتراس» أى شرفة «بترو» بسان استيفانو ومعرفته الوثيقة بجدى أحمد عبدالغفار قطب الأحرار الدستوريين والخلافات السائدة والمتفاقمة بين حزب النخبة والوفد آنذاك. وتطورت علاقتى من خلال زياراته المتكررة لباريس فى طرقات وندوات اليونسكو وحى «راسباي» الذى كان يعشقه أو بحديقة فندق جورج الخامس مع الأستاذين الكاتبين الفاضلين محفوظ الانصارى وفؤاد مطر وفى مكتبه بالدور السادس بالأهرام وبمطار أورلى وخلال تسجيلاته الطريفة للإذاعة الفرنسية ولقاءاته الودية مع عصافير الشرق من الشباب المستنير ليتواصل الحوار ساعات.. حتى نشأت ألفة وتناغم بين أرواحنا أتاحت فرصا عفوية للاقتراب من العملاق الأدبى وإجراء الأحاديث معه أذكر منها تناوله الزيارة التاريخية للرئيس السادات للقدس وترحيبه بمبادرة السلام حتى إنه كان يرسل لى اجابات الأحاديث مكتوبة بخطه بالرصاص واليوم بمناسبة صدور الطبعة الثانية لكتاب «عودةالوعي» الذى كنت قد قرأت مقتطفات منه ثم تسريبها لجريدة «اسبري» الفرنسية ونقلتها عنها جريدة «الحياة» اللبنانية يكشف الحكيم أبعادا من ثورة 52 من أجل أن تنهض مصر وتتجنب الأخطاء وليضع المواطن المصرى مصلحة وطنه أمام عيونه وتكتسب هذه الأوراق الخاصة أهميتها لأنها -كما قال الحكيم -انها آراؤه وشهاداته أمام ضميره حتى إنه وصف عودة الوعى بأنها مشاهد ومشاعر استرجعت من الذاكرة وتمتد إلى عشرين عاما كاملة من 1952 إلى يوم 23 يوليو 1972 أى سنة قبيل نصر أكتوبر 73 يتناول فيها حماسه لحركة وثورة 1919 واتفاق الجلاء والعدوان الثلاثى وهزيمة 1967 ومغامرة اليمن وتقييم مكاسب الثورة وبعض النماذج من ردود الفعل إزاء عودة الوعى وردود توفيق الحكيم على مقال للأستاذ هيكل ورسالة منه إلى اليسار المصرى ورد عليها من الكاتب الصحفى المرموق عبدالستار الطويلة.. ويشرح الكاتب الكبير بنظرة المؤرخ الموضوعى كيف اعتبره الرئيس عبدالناصر الأب الروحى لثورة يوليو بسبب عودة الروح التى أصدرها عام 1933 وأنه لم يمنع أى عمل له حتى عندما أصدر عام 1959 السلطان الحائر بين السيف والقانون وبنك القلق عام 1966 وقام بتقييم النظام الناصرى برؤية ثاقبة وكان من أنصار الديمقراطية، إلا أنه وصف السنوات العشرين الأولى بعد الثورة بأنها كانت مرحلة عاش فيها الشعب المصرى فاقدا للوعى لأنها لم تسمح بظهور رأى فى العلن مخالف لرأى النظام.. وتساءل الحكيم: كيف أن شخصا مثله محسوبا على أهل الفكر يمكن أن ينساق خلف الحماس العاطفى، مجيبا بأن الثقة قد شلت التفكير وبالذات أن عددا كبيرا من المفكرين تحمسوا لبريق الآمال والوعود التى كانوا يتطلعون إليها وظلت مشاعرهم منقادة للنظام لاشك أن الحكيم هو مؤرخ بارع لتلك الفكرة لأنه قام بتحليل تردد الملك فى الاستجابة لاسماعيل شيرين بالاستعانة بزعيم الأغلبية مصطفى النحاس فى الأيام الأولى للثورة من أجل انقاذ الملكية ثم ينقل لنا كيف أن محمد نجيب كان يرى أن الجيش كان لابد أن يحافظ على الدستور ويعود إلى ثكناته .. وللحديث بقية. لمزيد من مقالات عائشة عبدالغفار