لم ينضم الحكيم فى حياته إلى حزب سياسى، وكان يكتب كعادته فى التمويه تحت عناوين (قالت العصا، وحمارى قال لى..) فأوهم الناس أنه بعيد عن السياسة وما كان كذلك، ففى 1919 كتب مسرحية «الضيف الثقيل» ويقصد بها الاحتلال الإنجليزى، وفى باريس 1927 كتب «عودة الروح» متأثراً بالروح الوطنية التى أشعلتها ثورة 1919 وكان قد اعتقل فى سجن القلعة لأنه سار فى مظاهراتها، وكتب مقالات عديدة عن حق مصر وسوريا ولبنان فى الاستقلال، وفى «آخر ساعة» فى 11 سبتمبر 1946 دعا الشعب إلى المقاومة السرية المسلحة، وفى 1947 قام برد وسام إلى فرنسا أهدى إليه من قبل احتجاجاً على موقفها فى المغرب العربى، وأثناء المفاوضات المصرية البريطانية كتب فى أخبار اليوم فى 24 أغسطس 1946على لسان حماره (نحن معشر الحمير لم نقبل أن نوقع بإمضائنا على أن توضع القيود فى أرجلنا واللجم فى أفواهنا)، وفى 1940 وجه النداء صراحة إلى المفكرين ودعاهم إلى مناصرة الحلفاء ضد المحور، دون أن يتحدث على لسان العصا أو الحمار. وعندما قامت ثورة 23 يوليو استقبلها الحكيم بحماسة وأبدى عبدالناصر إعجابه ب«عودة الروح» وتأثره بها، ولذلك عندما كتب توفيق الحكيم «عودة الوعى» كتبه من منطلق ليس فيه حقد ولا تصفية لحسابات قديمة فإذا كانت «عودة الروح» هى شهادة توفيق الحكيم على ثورة 19 ودور زعيمها سعد زغلول فى تحقيق العودة لروح مصر، فإن «عودة الوعى» شهادة دامية على ثورة يوليو 52 وأحدث «عودة الوعى» للحكيم أكبر ضجة وبلبلة سياسية لأنه هاجم كل منجزات ثورة يوليو. وانتهى الحكيم فى كتابه إلى أن الفترة من 23 يوليو 52 إلى 23 يوليو 72 مرحلة عاش فيها الشعب المصرى فاقداً الوعى، مرحلة لم تسمح بظهور رأى فى العلن مخالف لرأى الزعيم المعبود وأعلن فى كتابه أنه أخطأ بمسيرته خلف الثورة بدون وعى.