المشهد كان قاسيا إلى أبعد الحدود .. ففى الوقت الذى يستعد فيه أهالى قرية الشرفا بمركز الصف لاستقبال أول أيام العيد، والجميع كان منهمكا ما بين تجهيز الأضحية وما بين شراء مستلزمات العيد ، كانت القرية مع موعد فاجعة كبرى لم يتوقعها أحد، راح ضحيتها شابان من أبنائها بسبب خلافات لم تكن تستحق هذه النتيجة، بل ربما كانت كلمة واحدة من أحد العقلاء كفيلة أن تحل الأزمة، وتحول دون وقوع هذا الحادث الذى أبكى قلوب أهل القرية جميعا، بل حول فرحتهم واحتفالاتهم بعيد الأضحى إلى سرادق عزاء كبير ينعون فيه فقيديهما. الزمان كان مع دقات ساعات ليل وقفة عيد الأضحى عندما قرر »سيد« أن ينهى الجدل السائد بين أهالى القرية حول استحواذ طليقته بمساعدة شقيقيها على منزله الذى دفع لشرائه كل ما يملك . فمن وقت انفصاله عنها منذ أكثر من عام ولم تتوقف محاولاته فى طلب استراد عقد التنازل عن منزله الذى وقع عليه لصالح طليقته وأبنائه لكنه لم ينجح فى ذلك، بل طرأت عليه فكرة إعادتها إلى عش الزوجية مرة أخرى حيث توجه كثيرا إلى منزل شقيقيها بالقرية لإحضارها وإقناعها بالعودة إليه وأبنائه لكنهما لم يوافقاه الرأي، حتى طليقته رفضت العودة له مرة أخرى بعد طلاقهما. وهنا قرر »سيد« الانتقام من الجميع. يوم الواقعة لجأ سيد »مبيض المحارة« إلى حيلة شيطانية، اعتقد أنها طريقا سريعة لتحقيق مقصده. الحيلة كانت طريقة شيطانية لإراقة الدماء وإثارة العنف بل كانت طريقا سريعا يذهب به إلى حبل المشنقة. حيث غادر منزل عائلة طليقته عقب فشله فى التفاوض مع شقيقيها »ناصر« و»خالد«، وعاد مرة أخرى ليلا حاملا سلاحا ناريا. ورغم سنه الذى تعدى ال 58 عاما، إلا أنه استطاع أن يتسلق إلى منزل الشقيقين المكون من طابقين ويمطرهما واحدا تلو الآخر بوابل من الرصاص حتى أرداهما قتيلين. تفاصيل الواقعة رواها حمدى عكاشة شاهد عيان على الواقعة والذى قال إن المتهم كان يقيم بالمعصرة بمنطقة حلوان منذ 15 عاما وهو ابن لإحدى عائلات القرية وقد قرر شراء منزل له ولأبنائه والعودة للعيش بين أهل عائلته مرة أخري، لكن علاقته بزوجته لم تستمر طويلا، فقد نجحت الخلافات الزوجية فى طلاقهما. وتنازل الزوج عن المنزل لزوجته بعد مشادات ومشاحنات مع شقيقيها استمرت بينها طويلا. وحتى بعد التوقيع على عقد التنازل كان »المتهم« يتردد على منزل شقيقى زوجته للتشاجر معهما، ومطالبتهما باسترداد عقد المنزل بحجة إجباره على فعل ذلك . ولكن هذه المرة أنهى حياتهما. »خرج جميع سكان القرية فى ساعة متأخرة ليلة العيد فى فزع على صوت صراخ كان يدوى فى السماء .. وعقب وصولنا إلى مكان الواقعة وجدنا جثتى الشقيقين غارقتين فى دمائهما.. واستطعنا بأعجوبة الإمساك بالمتهم عقب محاولته القفز على منزل زوجته الملاصق لمنزل شقيقيها لقتلها وإطلاق النار عليها« .. بهذه الكلمات استكمل حمدى روايته حول الواقعة، واصفا المشهد الذى كان يسود أنحاء القرية يوم وقوع الجريمة قائلا، إنه شارك الأهالى فى احتجاز المتهم لحين وصول رجال مركز شرطة الصف ورجال النيابة لمعاينة الجثث والقبض على المتهم. لم ينكر المتهم أمام النيابة تفاصيل ارتكاب جريمته، قائلا: »لم أكن أنوى قتلهما .. ولم أكن أتوقع يوما أن خلافى مع طليقتى سيتطور يوما ليصل إلى جريمة قتل بشعة، أو أن يكون سببا فى إلقائى فى السجن انتظارا لحبل المشنقة.. لكن ماذا أفعل وقد استحوذ الشيطان على عقلى وجعلنى أقتل ابنى عمى بسبب خلاف لا يستحق كل ذلك؟« ، مشيرا إلى انه أحضر بندقية آليه وأطلق النار على شقيقى طليقته حتى سقطا جثتين هامدتين قبل وصولهما للمستشفي، كما حاول إطلاق النيران عليها لقتلها، إلا أن الأهالى تمكنوا من الإمساك به قبل أن يرتكب جريمته . تحريات رجال مباحث الجيزة باشراف اللواء رضا العمدة مدير الادارة العامة لمباحث الجيزة توصلت إلى أن مبيض محارة يدعى »سيد. س« 58 سنة أطلق النار من بندقية آلية على »ناصر . ج« 45 سنة عامل فى شركة ملابس، وشقيقه »خالد .ج« 42 سنة موظف بالهيئة العامة لمترو الإنفاق، مما أسقطهما أرضا جثتين هامدتين، وذلك بسبب خلافهم على ملكية منزل تقيم به طليقة المتهم بقرية الشرفا التابعة لمركز شرطة الصف، كما أفادت تحريات اللواء محمد عبد التواب نائب مدير الادارة العامة لمباحث الجيزة باشراف اللواء مصطفى شحاتة مساعد وزير الداخلية لقطاع أمن الجيزة، أن المتهم أطلق النار على طليقته أيضا محاولا قتلها إلا أن تدخل الأهالى منعه من ذلك، وقد أحدث بيدها إصابة خطيرة نقلت على إثرها إلى مستشفى قصر العيني، وتمكن ضباط المباحث باشراف العميد مدحت فارس مدير المباحث الجنائية بالجيزة والعميد عبد الرحمن ابوضيف رئيس مباحث قطاع الجنوب من القبض على المتهم وبحوزته السلاح المستخدم فى الجريمة، وحرر محضر بالواقعة وأخطرت النيابة التى قررت حبس المتهم على ذمة التحقيقات.