مع بدء عودة ضيوف الرحمن عقب أداء فريضة الحج ومن الله عليهم بالوقوف على صعيد عرفات ليشهدوا الوقفة الكبرى أو الركن الأعظم من الحج.. جاء أفواج الحجيح من كل فج عميق ملبين ومكبرين وداعين الله أن يتقبل حجهم..ترك كل منهم الدنيا وما فيها تلبية للأمر: «وأذن فى الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله..». رحلة إيمانية تشتاق إليها النفوس كل عام ورغم المشقة لكنها تظل أهم رحلة يتمناها كل مسلم.. وفى كل مكان تكون الخيرات والبركات والفضل الكبير من المولى سبحانه وتعالى ..ضيوف الرحمن يكون مقصدهم الذهاب إلى المدينةالمنورة لزيارة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم والصلوات فى الحرم النبوى الشريف وتكون بألف صلاة فى أى مسجد آخر ما عدا المسجد الحرام الذى تكون الصلاة فيه بمائة ألف صلاة..هى بركات وخيرات لا تحصى يجنيها ضيوف الرحمن.. وهناك من يتوجه إلى البيت العتيق «أول بيت وضع للناس للذى ببكة مباركا»..والطواف والسعى بين الصفا والمروة.. ومع فجر يوم التاسع من ذى الحجة يرتدى ضيوف الرحمن الإحرام ويلبون: «لبيك اللهم لبيك..لبيك لا شريك لك لبيك..إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك». ومن فضل هذا اليوم يرتدى كل ضيوف الرحمن لونا واحدا وملبسا واحدا لا فرق بين هذا وذاك فالكل سواسية يلبون ويحمدون الله على تمكنهم من الوقوف على عرفات ... إنه مشهد لا مثيل له فى العالم من تجمع هذا العدد الضخم لأكثر من مليونى حاج فى مكان واحد له بداية ونهاية تحفهم رعاية الله والذى يشهد الملائكة بأنه قد غفر ذنوب من وقف فى هذا المشهد الإيماني. تتملك كل منا الفرحة والبكاء فى هذا اليوم على كل النعم التى من الله على عباده بها. وهنا لابد من الثناء على ما تقدمه حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان من خدمات تساعد ضيوف الرحمن على أداء مناسكهم فى يسر ويحسب للمملكة عدم التفرقة بين الحجاج على أساس المواقف السياسية فرغم قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران إلا أنها وفرت لهم كافة التسهيلات منذ قدومهم للاراضى المقدسة، ونفس الأمر مع حجاج قطر رغم ما تقوم به تلك الدويلة الصغيرة من مؤامرات مستمرة ضد دول المقاطعة الأربع..وهذا لم يؤثر فى تقديم الخدمات لحجاج قطر، الذى أدى بعضهم المناسك رغم مطالبة السلطات القطرية مواطنيها بعدم آداء الفريضة بل وحذرت من معاقبة أى شخص يذهب الى الأراضى المقدسة. تعامل المملكة بكل مسئولية دينية وأخلاقية يؤكد دوما قدرتها على تنظيم الحج وتجنيب القضايا السياسية وعدم الخلط بينها ولم تنجح محاولات قطر أو إيران فى استفزاز القيادة السعودية. تنفق المملكة العربية السعودية مليارات كل سنة من أجل توفير سبل الراحة للحجاج والمعتمرين سواء فى شبكة الطرق والنقل وقطار المشاعر بين عرفات والمزدلفة ومنى وقطار الحرمين بين مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة والذى يقطع المسافة فى ساعتين بدلا من 5 أو 6 ساعات مما يوفر مشقة السفر التى كان يتحملها ضيوف الرحمن خلال تنقلاتهم وتجنب الحوادث المرورية. وجاءت مبادرة خادم الحرمين الشريفين باستضافة 1000 من أسر شهداء القوات المسلحة والشرطة للعام الثانى على التوالى لتجسد موقف المملكة الداعم والمؤيد لمصر فى حربها ضد الإرهاب وحظى أسر الشهداء برعاية كبيرة من جميع المسئولين إلى جانب تسخير البعثة الرسمية المصرية فى الأراضى المقدسة كل إمكاناتها لخدمة أسر الشهداء وجميع الحجيج. لمزيد من مقالات أحمد موسي