{ دخل أبو نواس على الخليفة يريد أن ينشده قصيدة طامعا فى بعض المال لكنه وجد الخليفة مشغولا بمجالسة إحدى جواريه، وكانت تسمى «خالصة» وقد وضع على عنقها عقدا نفيسا، ولم يعر أى انتباه لما قاله أبو نواس، فخرج أبونواس غاضبا صفر اليدين وكتب على باب الخليفة: لقد ضاع شعرى على بابكم.. كما ضاع عقد على صدر خالصة، وانصرف فرأت الجارية الكلام المكتوب فأرادت أن توقع به فأسرعت إلى الخليفة مشتكية، فغضب وأرسل إلى أبى نواس فى الحال، فحضر وعلم بالأمر وما سيجرى له فأسرع إلى الباب الذى كتب عليه الشعر ومسح الجزء الأدنى من حرف العين فى كلمة (ضاع) فصار البيت: لقد ضاء شعرى على بابكم.. كما ضاء عقد على صدر خالصة، وعندما دخل على الخليفة قابله بجفاء وعنفه على سوء أدبه فرد أبونواس بأنه لم يقل إلا خيرا وطلب من الخليفة إعادة قراءة ما كتبه فسر الخليفة وزال غضبه وأمر له بعطاء! { من الشعراء الذين اشتهروا بالفكاهة والطرائف والشعر الضاحك الشاعر (أبو دلامة) الذى يروى عنه أنه دخل على المهدى فى مجلسه وعنده جمع من أصدقائه فقال له المهدي: أنا أعطيت عهدا لئن لم تهج واحدا ممن معى بالمجلس لأقطعن لسانك: يقول أبو دلامة: فكلما نظرت إلى أحد الحاضرين وجدته من كبار القوم، فعلمت أنى قد وقعت ولم أر مخرجا إلا أن اهجو نفسي!! فقلت: الا أبلغ لديك أبا دلامة ... فليس من الكرام ولا كرامة إذا لبس العمامة كان قردا... وخنزيرا إذا نزع العمامة جمعت دمامة وجمعت لوما .... كذلك اللوم تتبعه الذمامة فإن تك قد أصبت نعيم دنيا... فلا تفرح فقد دنت القيامة فضحك الجميع وخرج «أبودلامة» من ذلك الموقف بذكائه وفطنته { أنشد أبوتمام أمام أحد الخلفاء قصيدة يمدحه فيها، ومنها هذا البيت: إقدام عمرو فى سماحة حاتم فى حلم احنف فى ذكاء إياس فقال أحد جلساء الخليفة وقد ملأ قلبه الحسد على أبى تمام، ما عدوت أن شبهت أمير المؤمنين بأقل منه منزلة من بدو القبائل، فأنشد أبوتمام يقول: لا تنكروا ضربى له من دونه.. مثلا شرودا فى الندى والباس فالله قد ضرب الأقل لنوره.. مثلا من المشكاة والنبراس فأخذوا الصحيفة التى قرأ منها أبوتمام القصيدة فما وجدوا هذين البيتين الأخيرين، فتعجبوا من سرعة بديهته وشدة ذكائه. { قال أحدهم: سافرت مرة إلى الشام عن طريق البر ومعى أعرابى استأجرت منه دابة، وضايقنى طول السفر، وبطء الدابة، فأخذت أسلى نفسى بقول القطامى وهو من شعراء الدولة الأموية: قد يدرك المتأنى بعض حاجته وقد يكون مع المستعجل الزلل. فقال الأعرابي: ما زاد قائل هذا الشعر على أن يثبط الناس عن الحزم وكان أولى به أن يزيد: وربما ضر بعض الناس بطؤهم وكان خيرا لهم لو أنهم عجلوا فقلت: أناشدك وأرجوك أن تقنع حمارك بهذا الرأى لعله يسرع!! { طلب الشاعر ابن الرومى من صديق له أن يهديه ثوبا، فوعده به، لكنه أبطأ فى إنجاز وعده فقال يعاتبه: جعلت فداك لم أسألك... ذاك الثوب للكفن سألتكه لألبسه.. وروحى بعد فى البدن { بعث أحد الشعراء برسالة إلى صديقه الشاعر أبى عزيزة ليبحث له عن عروس يقول فيها: أريد منك حليلة..... شقراء معروف لديكم أصلها وعزيزة وأريبة ورصينة فى عقلها.. وتكون ذا مال وفير تعطيه من بعد الزواج لبعلها.. وتطيعنى دوما وتهجر أهلها فأجابه صديقه أبوعزيزة: وافى كتابك سيدى فقرأته.. وعرفتها تلك المطالب كلها لو كنت أقدر أن أرى ما تشتهي.. طلقت أم عزيزة وأخذتها { قال الشاعر محمود غنيم هذه الأبيات فى أحد أصدقائه حين دعاه إلى مأدبة فى سفح الهرم، وذبح له ديكا هزيلا: ياصاح مالك والكرم... البخل طبعك من قدم شهدت ببخلك ليلة... قمراء فى سفح الهرم ديك هزيل الجسم... تركله الجرادة بالقدم فى دولة الأدياك كان... من السعاة أو الخدم خلناه فى الأطباق ... رسما بالمداد وبالقلم جلد يحيط بأعظم... لا لحم فيه ولا دسم زعموه روميا ومنه... الغرب تبرأ والعجم إن قلت ان حساءه... الماء القراح فلا جرم { روى أن نعمة قازان وكان صاحب محل أحذية اهدى حذاء إلى توفيق ضعون وهو كاتب وشاعر لبنانى مهجرى وأرفق به هذين البيتين: لقد اهديت «توفيقا» حذاء.. فقال الحاسدون وما عليه! أما قال الفتى العربى يوما ... شبيه الشيء منجذب إليه! فشكره توفيق على الهدية وأرسل إليه باقة من الورد وأرفق بها هذين البيتين: لو كان يهدى إلى الإنسان قيمته.. لكنت اسألك الدنيا وما فيها لكن تقبلت هذا النعل معتقدا... ان الهدايا على مقدار مهديها د.أنس عبدالرحمن الذهبي