يحكى أن أبو دلامة دخل ذات يوم على الخليفة المهدي في مجلسه، وكان عنده جماعة من بني هاشم فبادره الخليفة بقوله: إن لم تهج أحدًا ممن في هذا المجلس يا أبا دلامة لأقطعن لسانك. فجال أبو دلامة ببصره في القوم وحار في أمره، فصار كلما نظر إلى واحد غمزه وأفهمه أن عليه إرضاءه، فما كان ذلك إلا ليزيد في حيرته وتفكيره، ثم رأى أبو دلامة أن أسلم ما يفعله هو أن يهجو نفسه فقال: ألا أبلغ لَدَيكَ أبَا دُلامَة *** فَلَيسَ مِنَ الكِرامِ وَلا كَرَامَة إذا لَبِسَ العِمَامَةَ كانَ قِردًا *** وَخِنزِيرًا إذا نَزَعَ العِمَامَة جَمَعتَ دَمَامةً وجَمَعتَ لُؤمًا ***كَذَاكَ اللُّومُ تَتبَعُهُ الدَّمَامَة فإن تَكُ قَد أصَبتَ نَعِيمَ الدُنيَا *** فلا تَفرَح فَقَد دَنَتِ القِيامَة وبما أن أبو دلامة كان أحد الموجودين في المجلس فقد أفلت من المأزق الذي وضعه فيه الخليفة، بذكائه ومكره "شتم نفسه".