الموالد هي ثقافة شعبية نابعة من إيمان وحب وارتباط روحي, وهي تكشف من خلال طقوسها الشعبية التي يمارسها المصريون في ربوع المحروسة عن سر تعلقهم بآل بيت رسول الله وبأوليائه الصالحين. اللوحة بالألوان المائية تعبر عن جموع غفيرة في أحد الموالد التي تنتشر في مصر ويحتفل بها المصريون في مواعيد سنوية ثابتة إلي حد ما, فمولد النبي ثابت هجريا في الثاني عشر من ربيع الأول, وهناك موالد مرتبطة بتاريخ هجري معين وليس تاريخ الميلاد نفسه كمولد السيدة زينب رضي الله عنها, فقد ولدت في شهر شعبان من السنة الخامسة الهجرية, ودخلت مصر في أواخر شهر رجب عام61 هجريا وتوفيت في منتصف شهر رجب عام62 هجريا, ويتم الاحتفال بمولدها يوم الثلاثاء الأخير من شهر رجب وذلك لأن هذا التوقيت يوائم دخولها مصر; بل وانتقالها فيه إلي الرفيق الأعلي. وتذكر كتب التاريخ أن الفاطميين هم أول من ابتدع فكرة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف احتفالا تعلوه مسحة الأعياد والمهرجانات, واعتبر العيد في أيامهم عيدا رسميا شعبيا إسلاميا, كما احتفلوا بغيره من المواسم والأعياد الأخري إسلامية كانت أم مسيحية, فمن المعروف أن النبي لم يحتفل بعيد ميلاده وكذلك الخلفاء الراشدون, ولم يفعل الأمويون ولا العباسيون وعلي الرغم من وجود حفلات في البلاط أيام الطولونيين والإخشيديين إلا أنها كانت محدودة لا تقاس بعظمة موالد الفاطميين وروعتها, ولكن من الواضح كذلك أن الحفلات والمهرجانات والأعياد كانت معروفة في بيزنطة وفارس العربية. وكتاب الحفلات لقسطنطين سجل للحفلات البيزنطية الدينية, ويبدو أن الصلة كانت مستمرة بين الفاطميين والإمبراطورية البيزنطية والفرس, ولم تنقطع طوال حكمهم. وتتركز فكرة المولد في اتحاد المسلمين في هذه الذكري الدينية المحببة لأنفسهم, ويمكن القول بأن التسامح الديني الذي أظهره الفاطميون في مشاركتهم للأعياد المسيحية والقبطية( عيد النيروز) في مصر كان من ضمن الأسباب التي دعتهم للاحتفاء بالمولد النبوي الشريف تقليدا ومنافسة لإظهار الدين الإسلامي في مقام يليق به بين الأديان. إضافة إلي المولد النبوي الشريف ومولد السيدة زينب هناك العديد من الموالد المنتشرة في ربوع مصر مثل مولد سيدي أبي الحسن الشاذلي وسيدي علي زين العابدين والسيدة فاطمة النبوية والإمام الحسين وسيدي السلطان أبو العلا وأحمد البدوي وإبراهيم الدسوقي والسيدة سكينة والسيدة نفيسة والسيدة رقية والسيدة فاطمة الزهراء والإمام الشافعي والسيدة عائشة والإمام الحسن وأحمد الرفاعي وحسن الأنور. ويحافظ جموع المصريين علي الحضور والمشاركة في الموالد خاصة مولد الإمام الحسين والسيدة زينب وهي تعد موسما رائجا للتجارة حيث تكثر فيها حالات الزواج والزيارة والتبرك والدعاء خاصة للمرضي الذين يحرصون علي الجلوس بالساعات حول الضريح والدعاء له طمعا في الشفاء.