رويترز: إيران ترفض التفاوض على وقف إطلاق النار مع إسرائيل في ظل الهجوم عليها    ختام فعاليات اليوم الأول من برنامج "المرأة تقود" بكفر الشيخ    سعر الدولار اليوم أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية قبل بداية تعاملات الاثنين 16 يونيو 2025    سعر الفراخ البيضاء والبلدى وكرتونة البيض بالأسواق اليوم الإثنين 16 يونيو 2025    محافظ قنا يقود دراجة عائدًا من مقر عمله (صور)    خبير اقتصادي: مصر تمتلك الغاز الكافي لسد احتياجاتها لكن البنية التحتية "ناقصة"    خبير اقتصادي يوضح أسباب تراجع الجنيه أمام الدولار بنهاية تعاملات اليوم    شركة مياه الشرب بكفر الشيخ تُصلح كسرين في خط مياه الشرب    رجال الأعمال المصريين الأفارقة تطلق أكبر خريطة استثمارية شاملة لدعم التعاون الاقتصادي مع إفريقيا    تنسيق الجامعات 2025.. تفاصيل الدراسة في فارم دي صيدلة إكلينيكية حلوان    ترامب: لسنا منخرطين في التصعيد بين إسرائيل وإيران.. ومن الممكن أن نشارك    بى إس جى ضد أتلتيكو مدريد.. إنريكى: نسير على الطريق الصحيح    سمير غطاس: إيران على أعتاب قنبلة نووية ونتنياهو يسعى لتتويج إرثه بضربة لطهران    إعلام إيراني: إسقاط مسيرات إسرائيلية شمال البلاد    بعد 258 دقيقة.. البطاقة الحمراء تظهر لأول مرة في كأس العالم للأندية 2025    كريم رمزي يكشف تفاصيل جديدة عن توقيع عقوبة على تريزيجيه    "ليس بغريب على بيتي".. إمام عاشور يشكر الخطيب والأهلي لسرعة التحرك بعد إصابته    كأس العالم للأندية.. انطلاق مباراة بالميراس وبورتو في مجموعة الأهلي    مباريات كأس العالم للأندية اليوم الإثنين والقنوات الناقلة    رياضة ½ الليل| الأهلي يفسخ عقد لاعبه.. غرامة تريزيجيه.. عودة إمام عاشور.. والاستعانة بخبير أجنبي    بسبب شاحن الهاتف، السيطرة على حريق داخل شقة بالحوامدية (صور)    رابط نتيجة الشهادة الإعدادية 2025 الترم الثاني محافظة القاهرة.. فور ظهورها    «بشرى لمحبي الشتاء».. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم الإثنين: «انخفاض مفاجئ»    رصاص في قلب الليل.. أسرار مأمورية أمنية تحولت لمعركة في أطفيح    حريق داخل مدينة البعوث الإسلامية بالدراسة    وزير الثقافة يشيد ب"كارمن": معالجة جريئة ورؤية فنية راقية    ليلى عز العرب: كل عائلتى وأصحابهم واللى بعرفهم أشادوا بحلقات "نوستالجيا"    يسرا: «فراق أمي قاطع فيّا لحد النهارده».. وزوجها يبكي صالح سليم (فيديو)    علاقة مهمة ستنشئ قريبًا.. توقعات برج العقرب اليوم 16 يونيو    «الأهلي محسود لازم نرقيه».. عمرو أديب ينتقد حسين الشحات والحكم (فيديو)    حدث بالفن | وفاة نجل صلاح الشرنوبي وموقف محرج ل باسكال مشعلاني والفنانين في مباراة الأهلي    أمين الفتوى: الله يغفر الذنوب شرط الاخلاص في التوبة وعدم الشرك    هل الزيادة في البيع بالتقسيط ربا؟.. أمين الفتوى يرد (فيديو)    عانى من أضرار صحية وتسبب في تغيير سياسة «جينيس».. قصة مراهق ظل 11 يوما دون نوم    سبب رئيسي في آلام الظهر والرقبة.. أبرز علامات الانزلاق الغضروفي    لدغة نحلة تُنهي حياة ملياردير هندي خلال مباراة "بولو"    صحة الفيوم تعلن إجراء 4،441 جلسة غسيل كلوي خلال أيام عيد الأضحى المبارك    عميدة إعلام عين شمس: النماذج العربية الداعمة لتطوير التعليم تجارب ملهمة    الثلاثاء.. تشييع جثمان شقيق الفنانة لطيفة    الهجوم الإيراني يفضح ديمقراطية إسرائيل.. الملاجئ فقط لكبار السياسيين.. فيديو    الرئيس الإماراتي يبحث هاتفيا مع رئيس وزراء بريطانيا التطورات في الشرق الأوسط    غرفة الصناعات المعدنية: من الوارد خفض إمدادات الغاز لمصانع الحديد (فيديو)    عرض «صورة الكوكب» و«الطينة» في الموسم المسرحي لقصور الثقافة بجنوب الصعيد    مصدر: ارتفاع ضحايا حادث مصنع الصف ل4 وفيات ومصابين    إصابة رئيس مباحث أطفيح و6 آخرين أثناء ضبط هارب من حكم قضائي    القنوات الناقلة لمباراة السعودية وهايتي مباشر اليوم في كأس الكونكاكاف الذهبية 2025    عادل مصطفى: الأهلى قدم أفضل شوط له من 10 سنوات وفقدان التركيز سبب التراجع    "نقل النواب" تناقش طلبات إحاطة بشأن تأخر مشروعات بالمحافظات    أحمد موسى: «إسرائيل تحترق والقبة الحديدية تحولت إلى خردة»    3 طرق شهيرة لإعداد صوص الشيكولاتة في المنزل    كيف تنظم المرأة وقتها بين العبادة والأمور الدنيوية؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    وزير الشئون النيابية يحضر جلسة النواب بشأن قانون تنظيم بعض الأحكام المتعلقة بملكية الدولة في الشركات المملوكة لها    بوستات تهنئة برأس السنة الهجرية للفيس بوك    جبل القلالي يحتفل بتجليس الأنبا باخوميوس أسقفًا ورئيسًا للدير (صور)    تنسيقية شباب الأحزاب تحتفل بمرور 7 سنوات على تأسيسها.. وتؤكد: مستمرين كركيزة سياسية في الجمهورية الجديدة    صحيفة أحوال المعلم 2025 برابط مباشر مع الخطوات    ترقب وقلق.. الأهالي ينتظرون أبناءهم في أول أيام امتحانات الثانوية العامة| شاهد    بمناسبة العام الهجري الجديد 1447.. عبارات تعليمية وإيمانية بسيطة للأطفال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فاطمة النبوية.. أم اليتامي والمساكين
نشر في المسائية يوم 21 - 01 - 2011


صاحبة أول مؤسسة خيرية لرعاية أبناء شهداء الحرب
لماذا يأكل الناس العسل الأسود والعدس في الاحتفال بمولدها؟
أشبه بنات الحسين بأمه فاطمة الزهراء
تحقيق وتصوير: حسين الطيب
وبين الحارات والعطوف بحي الدرب الأحمر بالقاهرة الفاطمية كانت وجهتنا الي مسجدها الكبير الذي أقيم محل دارها فولجنا داخل رحاب المسجد الذي يستقبلك بمقامها وكأنها تقف علي الأعتاب تستقبل الزوار في مقصورة عالية المقام مصنوعة من النحاس الأصفر الذي رغم مرور عشرات السنين عليه إلا أنه كل يوم يزداد بريقا عن سابقه ومن المقام إلي المسجد بأعمدته الكثيرة ومساحته الشاسعة وحوائطه العالية.. وقد عاصر المسجد العديد من عمليات التجديد أشهرها تجديدات الأمير عبدالرحمن كتخدا والخديوي عباس حلمي الثاني وآخرها في العصر الحالي ولكنهم أخطأوا في التجديدات الأخيرة خطأ كبيرا بطمسهم معالم مقامات السبع بنات اليتيمات المدفونات بالقرب من راعيتهن السيدة فاطمة النبوية وبالتحديد علي يمين الداخل للمسجد بعد المقام حيث تم بناء السور عليهن فطمست معالمهن من الظاهر ولكنهن في ذاكرة الأهالي..حيث كان مقامهن من معالم المسجد الشهيرة بين الناس.وبعد أن صلينا وجلسنا في رحاب المسجد اخذنا نتنقل بين عادات وطبائع الزوار وتارة أخري بين عقول أهل الحي الذين يقولون عن أنفسهم إنهم ما من أحد يعيش بجوار مسجدها إلا ويرق قلبه ويصير حنونا عطوفا من صفات صاحبة المقام.وفي مسجدها تعقد حضرة ذكر أسبوعية كل يوم ثلاثاء وهو اليوم الذي كانت تعقد فيه فاطمة النبوية درسها الأسبوعي ولقاءها مع محبيها من مريدي العلم والسؤال والمعرفة ولذا فقد حرص وورث عنها محبوها درس يوم الثلاثاء ولكنه مع تطور الأيام صار الدرس حضرة ذكر.
سرالعسل الأسود في مولدها
ومن اشهر عادات الناس في مولدها الذي يستمر قرابة العشرة أيام أنهم يحرصون علي طهي العدس وأكل العسل الأسود في مولدها وذلك لما اشتهر وتوارث في العادات الشعبية أنها رضوان الله عليها كانت دائمة العمل علي تقديم العدس والعسل الأسود لزوارها وكانت تحب أكلهما ولذلك أصبح من مشهور عادات مولدها تقديم العدس والعسل علي روحها للزوار في مولدها بل إن الأهالي يسارع كل منهم علي اطعام الوافدين من قري الوجه البحري والصعيد بطعامها المفضل احياء لذكراها.
أم اليتامي والمساكين
ولقد لازمها طوال حياتها واشتهر عنها بين الجميع عامة وخاصة وبين دفات كتب التاريخ والتراجم ألقابها التي يعد كل واحد منهم تاجا تتشرف به أي امرأة في حياتها حيث عرفت بأم اليتامي ولعل هذا اللقب هو الأشهر والأكثر انتشارا بين الجميع لأنها كانت صاحبة أول مؤسسة خيرية اجتماعية في تاريخ الاسلام لرعاية أبناء ضحايا وشهداء الحرب وذلك لما عرف عنها باصطحابها لسبع بنات تيتمن بعد كربلاء فأخذتهن معها أينما كانت وتكفلت برعايتهن طوال حياتها ولم تفارقهن حتي دفن جميعا بجوار مقامها في مسجدها بالدرب الأحمر.
ولم تكتف بالسبع بنات فقط وإنما كانت دارها مأوي للمساكين من جميع الأقطار فكانت تحسن إلي المساكين وتطعمهم وتلبسهم وتعينهم بكل السبل علي مواجهة الحياة فجاء لقبها الثاني (أم المساكين ).. وبما أنها كانت تعطف علي المسكين وتربي اليتيم فلا بد وأن يضعوا علي باب حياتها لقب أم الحنان وكأنها قد وافرها الله بقدر عظيم من الحنان لتقوم به علي رعاية عباد الله في كل مكان وزمان كانت فيه.
أين مقام ابنها بالدرب الاحمر؟
ومن رحاب مسجدها خرجنا متوجهين إلي أحد المساجد الصغيرة التي تكاد تكون مهملة ولكنها بين الأهالي معروفة بأهميتها حيث كتب علي باب المسجد مقام سيدي سعد الله الحسن بن سيدي عبدالله وسيدي عبد الله ابن السيدة فاطمة النبوية وهو عبارة عن مسجد صغير وفي نهايته بوابة خشبية تفصل المقام عن المسجد وداخل البوابة حجرة صغيرة يرقد فيها صاحبا المقام دون ادني اهتمام أو رعاية.
مغارة فاطمة النبوية الصغري
ومن مقام ابنها إلي مقام فاطمة النبوية الصغري بدرب سعادة وهو المقام الذي خلط البعض بينه وبين مقام السيدة فاطمة النبوية الكبري في مسجدها الكبير وفي مقام الصغيرة التقينا بالحاجة أم أحمد راعية وخادمة المقام والتي استقبلتنا بالترحاب وفتحت لنا المكان للزيارة وتحدثنا معها عن ماهية صاحبة المقام فقالت أنها توارثت خدمة المقام أبا عن جد وعن جدود الجدود وكل فرد في عائلتها يتربي علي أن صاحبة المقام هي السيدة فاطمة النبوية أما إن كانت الصغري أم الكبري فهي لا تعرف وبالبحث في كتب الأنساب وآل البيت انها السيدة صفية بنت اسماعيل بن محمد بن اسماعيل بن قاسم بن ابراهيم بن اسماعيل بن الحسن المثني بن الحسن السبط بن علي بن ابي طالب توفيت ليلة الخميس التاسع محرم سنه 383ه.وجاء في الشبلنجي صاحب نور الابصار ان : السيدة صفية هذه من ال البيت وهي بقرب مزار الشيخ الحموي بدرب سعادة.. كما ذكر ابن بطوطة الرحالة المعروف أن بالقرب من مقام السيدة فاطمة النبوية مقاماً للسيدة فاطمة النبوية أخري وكان في مغارة.. وقال البعض إن هذا المكان هو مكان تعبد وخلوة السيدة فاطمة النبوية رضي الله عنها ولذلك اقام البعض لها مقاما في مكان تعبدها وخلوتها والله أعلم.
لآلئ من حياة أم الحنان
مؤخر صداقها من حفيد عثمان بن عفان مليون دينار
كانت السيدة فاطمة النبوية المولودة في العقد الثالث للهجرة النبوية صاحبة حسب ونسب بين بنات جيلها فهي حفيدة الرسول الكريم وما بعد نسبه نسب وأمها ابنة أحد العشرة المبشرين بالجنة ومع حسبها ونسبها حاباها الله بفيض كثير من جمال الخلقة والحال فكانت أشبه بنات سيدنا الحسين بأمه فاطمة الزهراء خلقة وأخلاقا وكانت ممن شهدن معه مذبحة كربلاء لآل البيت علي يد الغاشم الغشيم يزيد بن معاوية سافك دماء آل البيت وكاشف ستر سيدات بيت النبي ولكن الله لا يرضي بكشف سترهن أبدا فستر عنهن الأعين بجليل فضله.. فشاهدت المآسي والمظالم وحفرت في ذاكرة قلبها مأساة يوم بأيام الدنيا كلها وحينما كانت مع بقية سيدات آل البيت بخيمتهن فوجئت بفرس الحسين يأتيهن وحيدا فعرفن بمقتل سيدهن وامامهن فخرجن صارخات ناعيات سيد الشهداء ووجدت أباها صريعا وقد طالته سهام ورماح وسيوف الطاغوت من جنود يزيد في متفرق جسده الشريف فألقت بنفسها علي جسد أبيها ومعها بقية التابعات من آل البيت وسمع من في السماء وكل مخلوقات الأرض صرخات آلامهن علي امام آل البيت الحسين بن علي.. ولم تزل دموعها تذرف دما علي أبيها إلا والملاعين في الدنيا والآخرة يجتزون رأس أبيها ويعلقونه علي سن الحراب وتساق ويساق معها أشراف بيت النبي في موكب لن تري الأرض بعده موكب عز واجلال أبدا.. حتي وصل الركب الي قصر يزيد بن معاوية مرفوعات الرأس والهامات يظللهم عزة رسول الله وبعد الكثير من السجال في الأخذ والرد بين يزيد والعقيلة الفاهمة المفهمة السيدة زينب رئيسة ديوان آل الرسول الكريم تصرخ النبوية في يزيد قائلة : أبنات رسول الله سبايا يا يزيد ؟ فيرد يزيد محاولا التخفيف من وطء فعلته الشنعاء ويقول: بل حرائر كرام وأدخلهن علي أهله وبالغ في التودد إليهن محاولا أن يصلح من وقع جريمته الملطخة بدماء أحفاد خير الخلق أجمعين.
وفي مجلس الملعون ينظر إليها أحد خبثاء المجلس التابعين للخبيث الأكبر يزيد ويهمس في أذن يزيد ويطلب منه أن يهديه الفاطمة النبوية ويزيد الرجل في نظراته ويلح في طلبه من يزيد تتواري السيدة فاطمة عن عيون الخبثاء في حماية الله وتتمسك بجلابيب عمتها رئيسة ديوان آل البيت السيدة زينب أم هاشم التي ترد الخبيث الأصغر والخبيث الأكبر عن ابنة أخيها.
ولأنها كريمة ابنة الكرام فإنها حرصت علي مكافأة من حرسهم بكل حسن أدب ورعاية أثناء ترحيلهم من دمشق الي المدينة وكان الرجل يقدر مع من يكون فأحسن رعايتهن وحفظهن وكان من أهل الشام فلم تنس السيدة فاطمة في مثل موقفها العصيب وحزنها الدامي أن تهتم به وأن تفكر في مكافأته فأخذت من أختها سكينة سوارين ودملجين وبعثت بها إليه، إلا أن الرجل ردها قائلا إنه صنع ذلك لقرابتهم من الرسول.
ومما ورد في الأثر أنها رضي الله عنها تزوجت قبل كربلاء ولزواجها قصة جميلة حيث تزوجت السيدة فاطمة أولا من ابن عمها سيدنا الحسن بن الإمام الحسن السبط بن علي بن أبي طالب المعروف بالحسن المثني، وأنجبت منه سيدي عبد الله الملقب بالمحض لإخلاصه في العبادة لله لأنه كان أول حسني يجمع بين نسب الحسنين، وكان يشبه رسول الله وقد صار شيخ بني هاشم في زمانه، ومما يروي عنه أنه قيل له: لمَ صرتم أفضل الناس؟ فقال: لأن الناس كلهم يتمنون منا ولا نتمني أن نكون من أحد.
وانجبت أيضا من سيدنا الحسن المثني: سيدي ابراهيم الملقب بالقمر لجماله، وسيدنا الحسن المثلث (لأنه الحسن بن الحسن بن الحسن) وكل منهم له عقب ولكنهم ماتوا جميعا في علي اختلاف الأزمان في سجن السفاح أبو جعفر المنصور. وروي قصة زواجها بابن عمها أنه حين خطب سيدنا الحسن بن الإمام الحسن إلي عمه الإمام الحسين قال له: يا ابن أخي قد كنت هذا منك، انطلق معي... فخرج به حتي أدخله منزله، فخيره في ابنتيه السيدة فاطمة والسيدة سكينة فاستحيا، فقال له الإمام الحسين: قد اخترت لك فاطمة فهي أكثر شبها بأمي فاطمة بنت رسول الله. وبعد وفاة سيدنا الحسن المثني امتنعت السيدة فاطمة عن الزواج وفاء له، وأقامت علي قبره سنة في قبة عملتها، وظلت تقوم الليل وتصوم النهار، وكانت تشبه بحور العين لفرط حسنها وكمالها، ولكن أمها ظلت تلح عليها لقبول الزواج حتي انها وقفت ساعتين في الشمس وأقسمت أنها لن تبرح عنها أو تستجيب لرغبتها في تزويجها، فقبلت شفقة بأمها ( حسب بعض الروايات ) وتزوجت بسيدنا عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان وكان ملقبا بالمطرف لوسامته وأبهته وأنجبت منه القاسم ومحمدا الملقب بالديباج لجماله، ورقية وقد مات عنها سيدنا عبد الله بن عمرو ولم تتزوج بعده وقيل انه كتب لها مؤخر صداق ألف ألف ( مليون) دينار.
موقفها من ميراث أبنائها
ومما يروي من مأثورات أقوالها الحكيمة ما حدث به ابنها محمد بن عبد الله بن عمرو قال : جمعتنا أمنا فاطمة بنت الحسين فقالت: يا بني ما نال أحد من أهل السفه بسفههم شيئا ولا أدركوا من لذاتهم شيئا إلا وقد أدركه أهل المروءات بمروءاتهم، فاستتروا بستر الله.
ومما يدل علي عميق خبرتها بالنفوس والقلوب أنها أعطت أولادها من سيدنا الحسن المثني كل ميراثها منه، وأعطت أولادها من عبد الله بن عمرو كل ميراثها منه؛ فوجد أولادها من الحسن في أنفسهم من ذلك لأن ميراثها من عبد الله بن عمرو كان أكثر، فقالت لهم : يابني إني كرهت أن يري أحدكم شيئا من مال أبيه بيد أخيه فيجد في نفسه، فلذلك فعلت ذلك.
وذُكرت السيدة فاطمة بعد وفاتها يوما عند الإمام عُمر بن عبد العزيز وكان لها معظما فقيل: إنها لا تعرف الشر، فقال : عدم معرفتها الشر جنبها الشر ( ذكرت نفس الرواية في السيدة سكينة بنت الحسين بن علي بن ابي طالب).
النبوية الفقيهة راوية الحديث
لم تكن السيدة فاطمة مشغولة في حياتها فقط برعاية اليتامي والمساكين.. فلم تأخذها مأساتها عن علوم دينها واحاديث جدها النبي المختار سيد الأطهار فهي تعد من التابعيات الراويات للحديث الشريف، فلها العديد من الأحاديث المرسلة عن جدتها الزهراء وعن أبيها الإمام الحسين وعمتها السيدة زينب بنت الإمام علي وأخيها الإمام علي زين العابدين والسيدة عائشة أم المؤمنين وسيدنا عبد الله بن عباس والسيدة أسماء بنت عميس وسيدنا بلال مؤذن الرسول ومن ذلك مارواه عنها الإمامان أحمد وابن ماجه عن أبيها الإمام الحسين عن النبي (ما من مسلم يصاب بمصيبة فيذكرها وإن قدم عهدها فيحدث لها الاسترجاع إلا كتب الله له من الأجر مثل يوم أصيب)، وقد روي عنها بنوها بروايتها أحاديث كثيرة وضمت سيرة ابن هشام بعض رواياتها
ومواقفها وأعمالها.
حقيقة مقام فاطمة النبوية ساكنة الدرب الأحمر
مثلها مثل بقية آل البيت الكرام يحاول البعض تجريد مصر من وافر حظها بدفن آل البيت في ترابها حتي ينال أهلها من فيض كراماتهم ورحمات ربهم مثلما ذكر في واقعة دفن السيدة نفيسة بمصر.. وعلي هذه الحال حاول البعض انكار دفن السيدة فاطمة النبوية في مصر علي الرغم من ثبوت قدومها الي مصر مع عمتها السيدة زينب ثم عودتها الي المدينة ثم رجوعها الي مصر مرة أخري وأخيرة ولم تغادرها كما جاء في كتب التاريخ والسير والتراجم ولقد وهنت براهين المشككين وكان في المقابل قوة حجج وبراهين المؤكدين حيث جاء كتاب (تحقيق واثبات مراقد ومشاهير آل البيت) للمؤلفان رجب عبدالسميع وعادل سعد زغلول والذي أشرف عليه فضيلة الشيخ الدكتور السعيد محمد علي وكيل وزارة الأوقاف ومديرعام شئون الدعوة بالوزارة أن آخر أزواج السيدة فاطمة بنت الحسين كان عبد الله بن عمرو بن عثمان جاء الي مصر ودفن بها عام 96 هجريا، ونستطيع أن نؤكد أن الديار المصرية تشرفت بقدومها مع زوجها الذي مات بمصر كما قال علماء التاريخ والتراجم والرجال إجماعاً بلا مخالف أمثال كل من أبي عبيد القاسم بن سلام، ومحمد بن سعد، وأبو سعيد بن يونس، وابن زبر الربعي، وابن عساكر، والمزي، والذهبي، وابن حجروالسيوطي وجاء أيضا في كتب آل بيت النبي في مصر للمؤلف أحمد أبو كف وفي " تحفة الأحباب " وفي"مشارق الأنوار" نقلا عن الشهاب الأوحدي صاحب الخطط " والشبلنجي في نور الأبصار حيث يقول مؤلفه حول مقام السيدة فاطمة النبوية " (ونري ذلك هو أقرب الأقوال وأصدقها في كونها توفت بمصر، ومن أراد الشك فعليه أن يعرف متي مات الزوج الأول، ومتي مات الزوج الثاني) ويقول الشيخ محمد زكي ابراهيم إن فاطمة دفينة درب سعادة هي فاطمة النبوية بنت أحمد بن إسماعيل بن محمد بن جعفرالصادق، وهي بنت عم فاطمة بنت محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق دفينة منطقة الخليفة. ويؤكد علي باشا مبارك في الجزء الخامس من " الخطط الجديدة " طبعة بولاق عام 1305 الهجري أن السيدة فاطمة النبوية مدفونة في مشهد بالدرب الأحمر ويضيف علي باشا مبارك : " وفي بعض الوثائق أن الأمير سليمان أفندي الشهير بمسيو، أنشأ وعمر زاوية وضريح السيدة فاطمة النبوية (رضي الله عنها) بقرب درب شعلان، وزرع النوي، داخل الدرب المعروف بالنبوية، علي يسرة السالك للتبانة ودرب السباع، وصرف علي ذلك مبلغاً قدره ستون ألفاً ونصف الألف من الفضة العددية، ولهذا المسجد أوقاف جارية عليه تحت نظر ديوان الأوقاف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.