* أطفال: نساعد أسرنا وندبر مصروفاتنا المدرسية * قانونيون : تفعيل «حماية الطفل» ضرورة للحد من الظاهرة * رأى الدين :الأطفال فى رقبة آبائهم وهم مسئولون عن الإنفاق عليهم كثير من الأطفال خلعوا ثوب الطفولة وودعوا براءتهم ليرتدوا عباءة الرجال مقتحمين سوق العمل والكفاح.. البعض اختار العمل بمحض إرادته بحكم العمل في مهنة والده ليحمل الراية من بعده ومعاونته، والبعض الآخر وهم الأكثرية أجبرته ظروف الحياة وقسوتها على النزول للعمل لسد احتياجات أسرة وجد نفسه رغم صغره مسئولا عنها... ويبقى أن الجميع خرج وكافح وتحمل شقاء يفوق طاقته من أجل لقمة العيش... وقد أثار مشهد أطفال بورسعيد جدلا كبيرا بين متعاطف معهم ورافض لفعلتهم، وفى النهاية يجب ألا ننسى أنهم أطفال خرجوا للعمل.
التقينا نماذج من الطفولة العاملة وتلامسنا مع واقعهم ، وكذلك قمنا برصد رأى نخبة من المتخصصين لمعرفة أسباب وتداعيات ظاهرة عمالة الأطفال. أميمة فضل طفلة فى الرابعة عشرة من عمرها خرجت للعمل وهى فى السادسة بدلا من أن تتفرغ للدراسة لتساعد والدها فى عملية البيع على عربة الخضار تحملت ظروفا صعبة تحت لهيب الشمس الحارقة وفى البرد القارس، كانت تعمل فى الصيف طوال اليوم وفى الشتاء تعاود دراستها وتذهب للمدرسة، وعند عودتها لا تعود للمنزل كباقى أقرانها بل تعود لعربة والدها تذاكر واجباتها وتساعد والدها فى نفس الوقت ولم يمنعها العمل من التفوق بل تفوقت فى دراستها وأحبت العمل حتى تحولت العربة لمحل خضار وفاكهة، ومازالت أميمة تحلم بدخول كلية التجارة وأن يمتلك والدها أرضا زراعية ويكبر مشروعهم. محمد حسان فى الثامنة من عمره جاء من الصعيد تاركا دراسته ليعمل مع إخوته بالقاهرة بسبب سوء أحوال أسرته المادية، وبدأ فى العمل فى محل «مكوجي» فى هذه السن الصغيرة. فايز ابراهيم - يبلغ عشرة أعوام، كلما بدأت الإجازة الصيفية يودع أسرته بالشرقية مسافرا لمرسى مطروح مع بعض أقاربه من أعمار مختلفة، ليعمل هناك ليدبر مصروفاته المدرسية ويخفف الضغوط عن والديه. الاهتمام بالعلم ..رغم الفقر الشيخ باسم سامى من علماء الأوقاف بدأ كلامه بقول الله سبحانه وتعالى فى كتابه الكريم «والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس إلا وسعها» فالأطفال فى رقبة أبويهم وأمرهم الله بحسن تربيتهم ومعاملتهم وانفاق عليهم قدر المستطاع إلى حين بلوغ سن النضج أى العقل ، فيرى أن الأولاد عندما يخرجون للعمل فى سن صغيرة من الممكن أن يتعرضوا للانحراف وخاصة إن لم تكن هناك متابعة ورعاية وإشراف من الوالدين، كما أنه يجب أيضًا الاهتمام بالعلم لانه يرفع بيوتا لا عماد لها حتى لو كانوا يعانون الفقر.. فالله سبحانه وتعالى أوصى بالعلم وكما قال النبى صلى الله عليه وسلم «العلماء ورثة الأنبياء «فإذا جاهد الوالدان فى تعليم أبنائهما قدر المستطاع فذلك بمثابة أنهم ورثوا علما من علم الأنبياء . محظورة بحكم القانون الدكتور حافظ أبو سعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان يؤكد أن عمالة الأطفال محظورة بحكم القانون حتى 18 سنة وهذا معمول به فى مصر وقد أخذت به الدولة.. ولكن قانون العمل يسمح فقط بالتدريب على العمل قبل هذه السن كنوعمن التأهيل المهنى الذى له ضوابط محددة كمنع العمل فى مهن خطرة أو تعريض الطفل للخطر ووفق عدد ساعات معينة وضمان توفير التغذية اللازمة له ويستثنى من ذلك مهنة الدراسة الموسمية حيث يساعد الأولاد آباءهم، أما عمل الطفل من 8 سنوات فهو محظور تماما وهنا تقع المسئولية على الدولة لمنع عمل الأطفال من خلال حملات للتصدى لهذه الظاهرة. الخطة الوطنية الدكتورة عزة العشماوى أمين المجلس القومى للأمومة والطفولة أكدت أنه من الصعب عمل إحصائية وحصر للأطفال العاملين فى مصر..وان كانت هناك أهمية لتنفيذ الخطة الوطنية التى أطلقتها وزارة القوى العاملة مؤخرا لمناهضة أسوأ أشكال عمل الأطفال فى مصر ودعم الأسرة، وذلك بالتعاون مع المجلس القومى للطفولة والأمومة وكافة المنظمات والمجالس المعنية بالطفل وأيضًا مناهضة أى عوامل خطرة تضر بصحتهم وأمنهم، وتوفير حياة اجتماعية وصحية ونفسية ملائمة للطفل، فضلا عن أن بعض منظمات المجتمع المدنى تعتبر شريكا أساسيا للمجلس ولها دور بارز فى مكافحة عمالة الأطفال من خلال تعاونها مع لجان حماية الطفل واللجان الفرعية والجمعيات الأهلية للمجلس القومى للطفولة والأمومة لمناهضة المشكلة. قانون حديث النشأة الدكتور محمود البدوى رئيس الجمعية المصرية لمساعدة احداث فى حقوق انسان وعضو الفريق الوطنى لمناهضة العنف ضد أطفال مصر قال إنه برغم أن قانون حماية الطفل تم إصداره من 1996 وأدخلت التعديلات عليه في 2008 فإنه لم يتم تفعيله على أرض الواقع..ولا يزال البعض يعتبره حديث النشأة، ولمكافحة عمالة اطفال دشنا في 2016 حملة «أسرة آمنة ومجتمع واع» بالتعاون مع جمعية حماية المستقبل، وكانت تهدف إلى الوقوف على المخاطر التى تحيق بالأطفال، وهى مخاطر متعلقة بموروثات ثقافية ودينية واجتماعية وعرفية ومحاولة تفادى هذه المخاطر عن فئة الأطفال التى تمثل40% من المجتمع، ووضعنا فى الاعتبار المتغيرات الاقتصادية التى بسببها تلجأ بعض الأسر إلى استغلال أطفالها فى العمل، وكان واحدا من أهم هذه المحاور أننا كيف نزكى عند الناس قيمة العلم وتعزيز حرصهم علي انخراط أبنائهم فى التعليم وبدأنا فى توعيتهم من خلال حوارات مجتمعية حول حجم المخاطر المترتبة على عمل أطفالهم، وأيضًا نوجههم إلى نوعية الأعمال التى يمكن أن يلتحق بها الطفل والتى تكسبه مهارات وخبرات، وتكون تحت أعينهم دون أن تلحق الضرر بهم. لغة الحوار وأشار إلى أن لغة الحوار المستخدمة كانت تختلف كثيرًا فى استجابة الأسر، فالبعض لديهم رغبة حقيقية فى التغيير ولكن يجب انتقاء لغة الحوار والأشخاص المؤثرين فى كل مجتمع مثلا كالاستعانة بالرائدات الريفيات والنساء ذوى التأثير الفعال الواضح فى المجتمع المستهدف وكان له أبلغ اثر فى توصيل رسالتنا ..لكن حوارات الغرف المغلقة والخطاب «الاستعلائي» كانا السبب وراء عدم تفعيل قانون الطفل حتى الآن .. ويجب أن تكون لدينا الثقة فى القدرة على تغيير المفاهيم والموروثات الثقافية وان كانت تحتاج بعض الوقت. الأميه ..أهم الأسباب الدكتورة سامية خضر أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس تؤكد أن لدينا نسبة عالية تصل إلى 30% من الأمية وهى وراء ظاهرة عمالة الطفل ..فالجهل وقلة الوعى وعدم الرضا بما قسمه الله والرغبة الدائمة فى اللهث وراء المال تجعل الأسرة تستغل طفلها فى العمل، ولمعالجة تلك الظاهرة لا بد من تضافر جهود رجال الأعمال مع وزارة التضامن الاجتماعى والشباب الجامعى بعمل ندوات للتوعية ومحو الأمية. الوأد النفسى الدكتور وليد هندى استشارى الصحة النفسية يقول إن الوأد النفسى أشد وطأه من القتل الجسدي، فالطفل لديه عالمه الخاص واحتياجاته المتفردة التى يجب العمل على إشباعها حتى لا يعيش محروما من إنسانيته مهدرا لكرامته ; فعمالة الطفل لها العديد من الظلال والآثار النفسية على شخصيته .. ليس فى الوقت الراهن فقط ولكن فى جميع مراحل عمره حتى الشيخوخة ..فالطفل الذى يعمل فى سن مبكرة يفتقد الحنان والرعاية وينخفض مفهومه نحو ذاته فيشعر أنه أقل من الآخرين، وهو ما يعكس عليه مجموعة من الاضطرابات والأمراض النفسية كالتوتر والقلق والكآبة، وبعض ملامح الاكتئاب كما يكون أكثر عرضة للتدخين وإدمان المخدرات والاستغلال الجسدى والمعنوي، بل والقانوني.. وقد أثبتت الأبحاث العلمية أن الطفل الذى يعمل فى سن مبكرة يكون سهل الانقياد والبعض منهم قد يتعرض للاستغلال وقد يكون ذلك من خلال مافيا تجارة الأعضاء. قاعدة بيانات وقال إنه للتخلص من ظاهرة عمالة الأطفال يجب أن تكون لدينا قاعدة بيانات دقيقة عن حجم الظاهرة مع تصنيف الفئات المختلفة من حيث الجنس والنوع والمرحلة العمرية وبناء عليه يتم تصنيف هؤلاء الأطفال والتعرف على من منهم يحتاج للتدخل السريع، ومن يجب أن تقدم له الحلول والخدمات الفورية ومن يحتاج لدخول محميات إعادة التأهيل ..إذ إنه يوجد صعوبات جمة فى إقناع طفل بترك عمل يدر عليه أموالا حتى ولو ضئيلة.. كذلك من الضرورى توعية الأسرة بخطورة عمل الطفل وتكاتف كل الجهود لإنهاء تلك الظاهرة والحد من خطورتها بمشاركة علماء النفس والاجتماع والصحة النفسية والطب النفسي، كما يجب أن يكون لوزارة الأوقاف والأزهر الشريف دور من خلال تخصيص خطبة جمعة موحدة لمناقشة تجريم هذه الظاهرة من الناحية الدينية كذلك تطوير التشريعات المتعلقة بعمالة الطفل لتتسع دائرة العقاب وتمتد لصاحب العمل وولى أمر الطفل .