شبه حكيمنا نجيب محفوظ وصول عمر الإنسان الى محطة 85 سنة بالوصول الى محطة سيدى جابر التى تتوقف فيها جميع القطارات المتجهة الى الإسكندرية فيكتشف الراكب بعدها بأن محطة الوصول الأخيرة صارت قريبة جدا، لكن هذا التشبيه الذى ذكره كاتبنا الكبير صلاح منتصر لا ينطبق عليه ، لان قطار «اسكندريته» «قشاش» لم يتحرك بعد من ميدان رمسيس، وانه سيصل سيدى جابر «بعد عمر طويل» عن طريق شلاتين وتيران!. والمناسبة هى عيد الميلاد ال 85 لأقدم كتاب الأهرام صلاح منتصر، وصدور كتابه الأحدث والمهم (شهادتى على عصر جمال عبد الناصر سنوات الانتصار والانكسار) عن سلسلة «كتاب اليوم». وأمام شاهد عيان اعتبره من أنجب مؤرخى الصحافة خاصة بعد أن انتقل إلى الأهرام عام 1957، وعهد اليه الأستاذ هيكل كتابة مقدمات خطب عبد الناصر المنشورة فى الأهرام، وشاهدت بنفسى منذ أيام هذه الملخصات لخطابات «الزعيم» حتى وفاته على كروت صفراء تحتضنها مكتبة «منتصر»، كنت أتمنى شهادة «ظل عبد الناصر» على العصر كما عاشه وشارك فى صناعته صحفيا، ولا يكتفى بشهادات الآخرين «المجروحة» لمبالغتها فى الحب أو إبراء الزمة، خاصة وقد أشار الأستاذ «منتصر» أن أصدق ما كتب عن الثورة هى مذكرات عبد اللطيف البغدادى مما يلقى بظلال من الشك على ماعداها.. وسأكتفى بسطور لعلها تنبه القارئ لمغزى شهادته: مما ساعد على استحواذ «عبد الناصر» بالسلطة والتخلص من الإخوان محاولة سمكرى اخوانى اسمه محمود عبد اللطيف اغتيال عبد الناصر فى المنشية عام 54 فصدر قرار حل الجماعة واتهام نجيب بأنه كان على صلة بالمؤامرة، (ليضاف هذا السمكرى إلى الميكانيكى فى الطيران للتخلص من الشيوعيين وسائق دمرو الذى أنقذ السادات)!. إن عبد الناصر أضاع فرصة «الخطة ألفا» الأمريكية لحل الصراع (الإسرائيلى - الفلسطيني) وتمويل السد العالى، وتحقيق طموحات مصر فى المجال النووى، وتحويلها الى مركز للاتصالات والمواصلات الإقليمية بسب عقده صفقة الأسلحة السوفيتية ورفضه كتابة خطاب الموافقة إلى بن جوريون. يطلب فيه أن تتخلى إسرائيل عن بعض الأراضى ليس لإعادة الفلسطينيين الى أراضيهم، ولكن ليتيح لعرب آسيا وإفريقيا أن يتواصلوا!.. وقال الأستاذ صلاح إن عبد الناصر رفض محاولة أمريكا خوفا من تأثر زعامته.. و(لا تعليق)!. 3 ساعات ونصف هى مدة حرب 5يونيو 1967بدأت فى الثامنة صباحا ونفذها 492 طائرة اسرائيلية على 3 موجات أدت الى فقدان القيادة العسكرية المصرية أعصابها وتوازنها وتحول قتال الجيش المصرى إلى قتل 294جنديا فى اليوم الأول و6811 بعد قرار الانسحاب!.. ولم يذكر الأستاذ صلاح أن «حرب يونيو» بدأت منذ إنشاء وطن قومى لليهود فى فلسطين وتسارع القوى المنتصرة فى الحرب العالمية الثانية للاعتراف باسرائيل، وإصدار قرار التقسيم بشكل دفع العرب لعدم قبوله!. يوم 21 أكتوبر67 نجح البحارة المصريون فى إغراق المدمرة إيلات بكل مافيها 47 ضابطا إسرائيليا وكانت إيلات فى الأصل سفينة تتبع الأسطول الملكى المصرى أسرتها القوات الفرنسية فى عدوان 1956، وأهدتها لإسرائيل التى سلحتها وأطلقت عليها المدمرة إيلات). «عقدة سوريا» وراء هزائم مصر، ابتداء من وحدة متسرعة عطلت خطة التنمية التى استعد لها ناصر بوزراء من الشباب (يونيو 56)، كان رئيسا لمصر فصار عدوا للملكيات العربية.. وخرج ناصر من العدوان الثلاثى قويا وبعد الانفصال دخل حربا إلى جانب الثورة اليمنية للانتقام من السعودية لدعمها الانفصال، وبسبب التدخل فى اليمن حرب الاستنزاف الأولى تبدد رصيد مصر من الذهب، وتورطنا فى حرب يونيو 67 بسبب خبر كاذب عن حشود إسرائيلية على حدود سوريا فكانت الهزيمة المريرة، وبسبب دمشق والجزائر فشل مشروع «القرار اللاتينى» لإنهاء حالة الحرب وانسحاب اسرائيل من أراض عربية، حتى بعد نجاح العبور وانتصار أكتوبر العظيم 1973فإن استرضاء سوريا دفع القيادة السياسية لتحريك القوات خارج مظلة الصواريخ داخل سيناء مما ضاعف من خسائرنا، وأدى لحدوث الثغرة و«تشويه» الانتصار المصرى، وبسبب سوريا أيضا تشكلت جبهة الرفض ضد السادات لإفشال مبادرة السلام عام 1979فلم تحقق كامل أهدافها.. وهنا أسأل: هل سوريا أيضا وراء رفض إسرائيل مبادرة السلام العربية وتهويد الأراضى وضياع القدس؟. وأخيرا.. بعدوى من سوريا انتقلت إلينا فكرة «توريث» حكم الجمهوريات التى ثار المصريون ضدها فى 25 يناير 2011! وهكذا مضت شهادة صلاح منتصر المهمة على عصر ناصر و«عقدة» سوريا دون أن نعرف شهادته عن إنجازات التعليم والصحة والتنمية، والقاعدة الصناعية التى بيعت وخصخصت؟.. وماذا عن شرط كيسنجر للسادات لا تكلمنى عن سوريا ولتنشغل مصر بحدودها إن أردتم السلام، ولماذا لا نفضها سيرة الآن وننسى الكلام عن مؤامرات التقسيم، ودعم الجماعات الإرهابية، وتهديد أمن مصر القومى و«مسافة السكة» مادامت سوريا هى السبب؟!. لمزيد من مقالات ◀ أنور عبد اللطيف