سمعت عن فيلم سلفنى 3 جنيه أو أربع جنيه أو حتى قرش! لكن سلفنى حبة؟ حبة إيه؟ مسكن للصداع «...».!! لم أصدق نفسى وأنا أقف فى الصيدلية واشترى ما كتبه لى الطبيب من كل ما لذ وطاب من أدوية البرد والنزلات الشعبية والرئوية والمسكنات والمخفضات والمضادات الحيوية والفيتامينات، لأدخل بالروشتة ومعى فلوس وأخرج بالدواء والجيب خاويا وكلمة الصيدلانى «يبقالى يا هانم».. فالحساب مفتوح!! فى هذه المرة قبل أن أرحل يدخل طفل صغير.. «بائس» يقول للصيدلانى ممكن تسلفنى حبة.. علشان الصداع ويكون مستورد!! لم أتمالك نفسى وأنا أقف أراقب صاحب الصيدلية وهو يخرج العلبة الحمراء إياها المستوردة من دول الخليج، ويفتح قرصا ويعطيه للطفل ومعه كوب ماء ويقول له.. خد من غير فلوس بس أشربه قدامى لو عندك صداع فعلا «حيروح».. وبالفعل يأخذ الطفل حبة المسكن وكوب الماء، ثم جلس قليلا وارتاح.. سألت الرجل؟ فقال: إنه يخصص علب دواء كنوع من أنواع التكافل الاجتماعى والتصدق وتطهير دخله وماله لصالح الفقراء!!! لم استخسر فى الصيدلانى النقود التى أخذها منى وزال حنقى من الطبيب الذى كتب لى أدوية بمئات الجنيهات على شوية إنفلونزا وتذكرت خالى رحمة الله عليه طبيب الأطفال فى الجيش.. الذى كان يقول إن الدواء الحقيقى للإنفلونزا سواء عند الأطفال أو الكبار هى السوائل السخنة «إن شالله» ماء ساخن والراحة.. وماء ماء ماء ويظل يمأمأ.. حتى انبح صوته ثم قال: لكن كيف أقول لمريض يدخل لى العيادة ويدفع ثمن الزيارة: أشرب ماء ماء ماء لابد أن اكتب له روشته «وش وضهر»!! جلس الطفل يستريح على الرصيف وينتظر مفعول الدواء ولم أجد راحتى إلا بالجلوس بجانبه.. وسألته انت مستنى إيه فقال: إنه ينتظر مفعول الدواء وإلا سيعود للصيدلية مرة أخرى! بمنتهى البراءة همس لى أنه شك فى حبة دواء مجانية يمكن تكون مضروبة.. أردت أن أدفع ثمنها!! لتكون حقى أطالب به بفلوسي! لا أريد إحسانا من أحد فأنا أعمل صبى مكوجى ولدى يومية.. الحكاية كلها أن الفلوس تتأجل لكن الوجع لا يؤجل.. عجبتنى حكمة الطفل وكم من حكيم بالفطرة ملقى على الرصيف. دعبتنى ورقة من أوراق الصحيفة اليومية تتحدث عن التأمين الصحى، وكيف ستكون ثورة فى منظومة العلاج.. التقطتها من على الأرض وبحثت فى الكلمات وعصرت قاموس ترجمة الفصحى إلى العامية، ومن العامية إلى «العيالية» لأبسط ما اقرأه واترجمه لهذا الطفل المتألم الذى يستلف الدواء بالحبة ويرفض الإحسان فيما يخص دواءه! وما فهمته وحاولت شرحه فى جلستى مع الطفل الفقير على الرصيف أن هناك مشروعا للتأمين الصحى يحميك وعائلتك سوف ندفع كلنا فيه فلوس.. لكن من لا يستطيع لن يدفع والدولة ستتكفل به. التأمين الجديد لو أنت تقدر تدفع أو لا تقدر سوف يحميك من أنك تستلف حبة دواء ويجعل واحدة «زيى تشترى لك العلبة كلها زى ما الدكتور بيقول».. وليس مثل ما تريد. إلا إذا كان الطبيب مثل خالى وينصحك بشرب الماء فى حالات الصداع والإنفلونزا، حيث يكمن سر الحياة وشفاء الآلم الذى يتعارض مع مصالح مافيا الدواء العالمى الذى قد يصلون كما تقول الأقاويل لصنعهم الداء ليركبوا علبة الدواء بالمليارات.. والله أعلم. لمزيد من مقالات دينا ريان