إذا كنت من متابعى شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، فلا شك أنك ستعرفها .. هى مى عبد الهادى صاحبة مبادرة تعديل سلوك الأطفال عن طريق الحكايات، التى استطاعت فى شهور قليلة أن تصبح الصوت المحبب للأطفال، بحكاياتها التى تنشرها عبر الشبكة العنكبوتية، والتى أصبح متابعوها من الآباء والأمهات يعتمدون عليها فى معالجة السلوكيات الخاطئة لأبنائهم، وتربية القيم الحسنة فى نفوسهم، وقد جمعت الكثير من حكاياتها فى كتاب بعنوان «كان ياما كان»، كما تسعى إلى تفعيل تلك المبادرة فى المدارس الحكومية بإذاعة حكاياتها على التلاميذ لعلاج أية مشاكل فى حياتهم. تقول مي: بدأت الفكرة قبل ثلاثة أعوام، وكنت فى البداية مشغولة بالأفكار التى أريد أن ألقنها لأولادي، وكان ابنى قد بدأ يوجه لى أسئلة خاصة بالغيبيات، مثل وجود الله، وأسباب مرض بعض الناس، فبدأت البحث عن إجابات لتلك الأسئلة بحيث تكون مناسبة لعمره ويمكنه استيعابها بسهولة، وللأسف فإن بعض الأمهات يرفض الإجابة عن تلك التساؤلات، ويعتبرها نوعًا من «زن الأطفال»، وهذا خطأ كبير، لأن الأم حلقة الوصل بين الطفل والكون، فلابد أن يكون هناك حوار مع هذا الطفل، ولذلك سعيت للإجابة عن هذه الأسئلة وتشكيل وجدان طفلي، فحصلت على بعض الدورات فى التربية الإيجابية، ووجدت أن تجربتى فى هذا المجال قد تفيد أمهات أخريات، فنشرتها فى كتاب بعنوان: «أرد أقوله إيه؟» واستعنت خلال الكتابة بالدكتور إيهاب عيد استشارى سلوكيات الأطفال بجامعة عين شمس للإجابة عن تلك الأسئلة بشكل سلس ذى مرجعية علمية. وأضافت: بعد نجاح الكتاب قررت تطوير الفكرة، خاصة أنى وجدت أن الأطفال لا يميلون للاستجابة إلى النصائح المباشرة، ويشعرون بالملل منها، وفى الوقت نفسه لابد أن أزرع بداخلهم القيم التى تتحول فيما بعد إلى سلوك، وهذا لن يحدث إلا بتوجيه نصائح بأسلوب مقنع لا يجعل الأمر ثقيلًا على نفسه، وهنا بدأت تنفيذ فكرة توجيه النصائح من خلال الحكايات، وكان ذلك من خلال محاور ثلاثة: زرع القيم الأخلاقية، وتعديل سلوك الأطفال، ودعم الأطفال نفسيًا، وبدأت تنفيذ الفكرة مع ابنيَّ ونجحت فى تحقيق نتائج طيبة للغاية معهما، ثم بدأ صديقاتى يطلبن حكايات بأسماء أبنائهن، فأنشأت مجموعة على «الواتس اب» تكونت من عشر صديقات فقط، وكنت أنشر حكاية يوميًا، ولما اتسع نطاق الفكرة بدأت فى نشر حكايات على الفيسبوك، وخلال ثلاثة أيام بدأت المجموعات تزيد، حتى أصبح لديًّ 22 مجموعة، منهم أعضاء من بلدان عربية مثل الإمارات والكويت والسعودية، وأيضًا من دول أخرى مثل انجلترا والسويد وبعض بلدان أمريكا اللاتينية. وأكدت أنها تسعى لعمل مبادرة بإذاعة «الحكايات» فى المدارس الحكومية، وقالت إن أربع مدارس خاصة طلبوا منها الحكايات وبدأوا يذيعونها للتلاميذ فى حصص الأنشطة، وحققت نجاحًا كبيرًا فى هذه المدارس، وأشارت إلى أنها قدمت الفكرة لوزارة التربية والتعليم، مع تطويرها لتقدم فى مدارس الحكومة بشكل تطوعي، وأنها قدمت طلبًا لمقابلة وزير التربية والتعليم لعرض المبادرة عليه. وعن المادة التى تستمد منها الحكايات، قالت: الأطفال مصدر الحكايات، فى مقدمتها المشكلات التى تقع بين الأطفال وآبائهم، ولابد أن أسمع المشكلة من الطفل وليس من الأم، وأعرف ما الذى يغضبه، ثم أعود لبعض المتخصصين فى سلوكيات الأطفال مثل د. هالة حماد ود. سهام حسن ود. هاجر أسامة، وأراجع معهم الحكايات التى أكتبها عن المشكلة، حتى أصل لأفضل صورة للحكاية، وأتأكد أنها تناسب الحالة التى كتبت من أجلها، ثم أقوم بتسجيلها للأطفال، وفى بعض الأحيان أضع الفكرة وأطلب من الأطفال أن يتخيلوا أنفسهم فى مكان البطل، وأن يكتبوا أحداث الحكايات بأنفسهم. وأضافت: من الحكايات التى استلهمتها من وقائع حقيقية للأطفال حكاية «الأمير على أمير الزمان » وكانت إحدى الأمهات قد حكت لى أن ابنها سقط من الدور الثالث وكُسرت ساقه، وأنه كان حزينًا وساءت حالته النفسية جدًا، وكان يتساءل: لم فعل الله بى ذلك، فكتبت الحكاية التى يقع فيها الأمير على من فوق الحصان، ويكتشف أن حكمة الله أنه كان مُقدمًا على طريق كان فيه موته، فشاء الله أن يقع من فوق الحصان وتُكسر ساقه حتى لا يموت، وبالفعل عندما استمع الولد للحكاية أدرك أن هناك حكمة وراء كل شيء، وتحسنت حالته النفسية كثيرًا، وبالمثل كتبت حكاية «عمر وجنون الكرة» لمعالجة فكرة تعصب أحد الأولاد للكرة، وصورت له كيف يمكن أن يؤدى هذا التعصب إلى الفرقة والخصام بين الأصدقاء. وأكدت أننا فى مصر نهمل بناء الأطفال بناء صحيحًا، ونتركهم يعانون من سلبيات خطيرة، منها قضاء الأطفال - من مختلف المستويات الاجتماعية - أوقاتهم على أجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة وممارسة ألعاب تافهة، وهذه جريمة يرتكبها الآباء بحق الأطفال، فهذا بالفعل يسرق طفولتهم ويؤثر سلبًا على تركيزهم، وهناك مواد يشاهدونها على شبكة الإنترنت تدمر القيم الاجتماعية. وعن وسيلة نشر حكاياتها، قالت: بدأت بمجموعة فى «الواتس آب»، والآن أصبحت على جميع وسائل وقنوات التواصل الاجتماعي، وأصبح لدينا مجموعات لأمهات أصحاب الاحتياجات الخاصة، ومن خلالها أنشر حكايات تعالج مشكلاتهم، وتساعدهم على التعايش مع المجتمع، كذلك أصبحت هناك ترجمة للحكايات للغات الألمانية والفرنسية والإنجليزية، وتقوم بالترجمة بشكل تطوعى سارة ربيع وإيمان منجود وياسمين نجيب، لأن الأطفال فى الدول الأخرى سمعوا عن الحكايات من الأطفال العرب المقيمين فيها، فطلبوا ترجمة لهذه الحكايات، فأصبحنا ننشر الحكايات باللغة العربية أربعة أيام فى الأسبوع، ونخصص يومًا لكل لغة من اللغات الثلاث، وهذه وسيلة من وسائل تصدير ثقافتنا العربية للغات الأخري.