'إبني يحاسبني' هذه العبارة أصبحت الآن بمثابة استغاثة لكثير من الأمهات اللاتي يعانين من تدخل أبنائهن في كل شئونهن بما قد يصل إلي حد التحكم والسيطرة والمحاسبة علي كلا كبيرة وصغيرة في تصرفات الأم، حول هذا السلوك الغريب والدخيل علي مجتمعاتنا الشرقية والذي يبعد كل البعد عن القيم والتقاليد التي تحكم الأسرة المصرية بصفة خاصة يحدثناا.د.جمال شفيق أحمد استاذ الإرشاد والعلاج النفسي ورئيس قسم الدراسات النفسية للأطفال بجامعة عين شمس قائلا:عادة ما يكون هذا السلوك مع بداية سن المراهقة وهي السن التي يرغب فيها الإبن إثبات ذاته وفرض شخصيته والشعور بأن كلمته مسموعة, فيبدأ باتباع أسلوب الهجوم خير وسيلة للدفاع, أي قبل أن يعطي أمه فرصة لمحاسبته علي تقصيره وأخطائه يبدأ هو بمحاسبتها كبديل عن أبوه, ولذا لابد أن يكون دور الأم حاسما إلي حد كبير, وتكون هناك متابعة مستمرة من الأب ووجود تواصلبينهما, وقديكون الأفضل ان تنمي الأسرة هذه الشخصية بتوجيهه إلي ميول وهوايات لاستغلال طاقاته, ومن ناحية أخري عدم التساهل والتصدي بحسم لهذا السلوك لأنه قد يصل إلي حد التطاول باللفظ أو القول, وهو بداية العقوق للوالدين. و يوضح د.جمال: علي الأم أن تدرك الأسباب وراء هذا السلوك الغريب من ابنها, فأحيانا تتعامل الأم مع الإبن بنوع من التدليل الزائد وتمنحه حرية بصورة مبالغ فيها وتسمح له بالكثير من الأمور فيعتبر نفسه وصيا عليها و يلغي دوره كإبن يحتاج للإرشاد و التوجيه ويقوم بمحاسبتها علي تصرفاتها وسلوكياتها وخاصة في حالة غياب الأب وتخليه عن دوره, وأحيانا أخري يقلد الإبن والده الذي يعتبره القدوة والمثل فكما يعطي الأب الأوامر في البيت يتعامل الإبن بنفس الطريقة, أيضا ولأن للمدرسة دورا مهما ومكمل لدور الأسرة ولما للمدرس من تأثير علي الطفل- لأنه يعتبره مثل يحتذي به وقد يقلده في محاسبته له علي أخطائه- فقد يأتي الابن بمثل هذا السلوك مع أمه. ويختم د.جمال حديثه بالنصائح الآتية: ان الأسرة كانت و لا تزال إلي أن يرث الله الأرض و من عليها هي الحضن الإجتماعي الوحيد الذي يعلم الطفل و يكسبه السلوكيات الاجتماعية السليمة, لذا لابد أن تغرس في أبنائها آداب التعامل مع الأب والأم ومع الكبار بصفة عامة, لأن ما يحدث داخل الأسرة يستنسخ في العلاقات خارجها و يصبح نمط حياة للطفل. -ألا يقتصر دور المدرسة علي تلقين الدرس و المعلومات فحسب, بل لها دور تربوي في المقام الأول حيث أن تأثير المدرسين قد يفوق تأثير الوالدين أحيانا. دور العبادة و الوازع الديني مهم, فلابد أن تركز هذه الدور علي تقديم دروس في المحافظة علي العلاقات الأسرية وصلة الرحم و القيم الراقية. لوسائل الإعلامدور كبير ومؤثر, لذلك يجب أن يكون لها رسائل هادفة لتقويم السلوك والتوجه السليم. وأخيرا ينبغي علي الأب أن يمارس دوره داخل الأسرة, فهو ليس ممولا وملبيا للاحتياجات المادية فقط, فالطفل يحتاج للإشباع النفسي بقدر احتياجه للإشباع المادي كالشعور بالحب والأمن والحماية والرعاية والمشاركة الفعالة والاهتمام بكل نواحي حياته, وعلي الأم أن تكمل دور الأب بحسم وفعاليةوأن تدعم كل القيم الإنسانية كالصدق والأمانة والصراحة وغيرها من خلال القصص والحكايات المسلية التي من شأنها غرس القيم التربوية والدينية السليمة.