الهيئة القبطية الإنجيلية تحتفل باليوبيل الماسي    الاقتصاد فى ملعب بلا جمهور!    حملة تموينية بالقليوبية تضبط مصنعًا غير مرخص للمواد الغذائية بالخانكة يحوز زيوتً    توقيع اتفاقية مصرية - إيطالية لإنتاج الغاز الحيوي ودعم الطاقة النظيفة    كتائب القسام تعلن تسليم جثمان أسير إسرائيلي في التاسعة من مساء اليوم    استمرار محادثات السلام بين باكستان وأفغانستان لليوم الثالث في ظل توترات حدودية    فيديو متداول ل«افتتاح ملعب بالعراق من إهداء الملك سلمان».. ما حقيقته؟    البطل فى مأزق.. الأزمات تحاصر ليفربول قبل مواجهة ريال مدريد النارية    فيفا يطرح مليون تذكرة جديدة لكأس العالم 2026    شاهد بالبث المباشر الأهلي السعودي اليوم.. مشاهدة مباراة الأهلي السعودي × الباطن بث مباشر دون "تشفير" | كأس خادم الحرمين الشريفين 2025-26    مدراء ومعلمون.. رابط وظائف المدارس المصرية الألمانية 2026/2027    القليوبية: ضبط 2800 لتر من زيوت السيارات مجهولة المصدر داخل مخزن غير مرخص بالخانكة    خبير أثري: المتحف الكبير يجمع بين الحضارة والترميم والتكنولوجيا    إقبال جماهيري كبير على ليالي مهرجان الموسيقى العربية 33 في الإمارات    بعد إعلان عرضه.. تفاصيل مشاركة مهرة مدحت بمسلسل "كارثة طبيعة" بطولة محمد سلام    المخرج سعد هنداوى يطالب بتكريم عادل إمام ببناء دار عرض تحمل اسمه    هل يضاعف حساب الذنوب حال ارتكاب معاصي بعد العمرة أو الحج؟.. فيديو    طب المناطق الحارة والجهاز الهضمي بجامعة أسيوط ينظم مؤتمره الرابع والعشرون الاربعاء    شيخ الأزهر للرئيس الإيطالي: ننتظر إعلان روما الاعتراف بدولة فلسطين (صور)    رئيس المركزي للمحاسبات يفتتح أعمال المجلس التنفيذي ال79 للإنتوساي بشرم الشيخ    الأهلي يختتم استعداداته لمواجهة بتروجيت وسط تركيز عالٍ وتظلم رسمي ضد الكاف    انتخابات مجلس النواب 2025| 7 سيدات يواجهن 122 مرشحًا في قنا    إيهاب فهمى ووفاء مكى يقدمان واجب العزاء فى شقيق فريدة سيف النصر    مكتبة مصر العامة تحتفي بالتراث الفلبيني في احتفالية ومعرض فني بعنوان باجكيلالا – الاعتراف    ملك الأردن: لن نرسل قوات إلى غزة ومستعدون لدعم الشرطة الفلسطينية    هل على العقارات المؤجَّرة زكاة؟.. أمينة الفتوى بدار الإفتاء توضح    النيابة تصرح بدفن جثمان طفل شبرا الخيمة بعد انتشاله من بلاعة    وفاة طفل أردني بعد لدغة "ذبابة الرمل السوداء"    بدء صرف معاشات نوفمبر الأسبوع القادم.. «التأمينات» تعلن الجدول الرسمي للمستفيدين    حكم طلاق المكره والسكران في الإسلام.. الشيخ خالد الجندي يحسم الجدل ويوضح رأي الفقهاء    تأجيل محاكمة 89 متهما بقضية "خلية داعش مدينة نصر" لجلسة 11 يناير المقبل    محمد صلاح ضمن قائمة المرشحين لأفضل 11 لاعباً فى العالم من فيفبرو    مدير تعليم سوهاج يشارك في الاجتماع التنسيقي لتنفيذ مبادرة الأنيميا والتقزم    متي يبدأ العمل بالتوقيت الشتوي 2025؟    اعرف وقت الأذان.. مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 27 أكتوبر 2025 فى المنيا    «فنانون ومبدعون».. ما هي الأبراج التي تتمتع بخيال واسع؟    جدول مواقيت الصلاة غدًا الثلاثاء 28 أكتوبر بمحافظات الصعيد    بث مباشر.. الفتح في ضيافة الرياض الليلة الساعة 5.35 في دوري روشن السعودي 2025    مشهد صادم على الطريق.. سائق ميكروباص يدخن "شيشة" وهو يقود في الإسكندرية    عاجل- إنهاء حالة الطوارئ في جنوب إسرائيل لأول مرة منذ 7 أكتوبر    رسمياً.. يوفنتوس يقيل تودور بعد أسوأ سلسلة نتائج منذ 2009    حين تصير شجرة الزيتون شاهدة على الحرب.. كيف استهدفت إسرائيل ذاكرة فلسطين الخضراء؟    مفتي الجمهورية: الجماعات المتطرفة توظف العاطفة الدينية للشباب لأغراضها الخاصة    أول صورة لضحية حادث تصادم سيارتين ملاكي وتريلا في قنا    مراسل القاهرة الإخبارية: الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة ما زالت بالغة الصعوبة    رئيس الوزراء يتابع مع محافظ بورسعيد عددًا من المشروعات الاستثمارية الجاري تنفيذها في المحافظة    «تعليم أسيوط» يعلن تلقى طلبات الراغبين في العمل بالحصة لمدة عشرة أيام    المشاط: الإحصاءات تُمثل ركيزة أساسية في صنع القرار ودعم مسيرة التنمية    وزير العمل: إصدار القانون الجديد محطة فارقة في تحديث التشريعات الوطنية    4 أساسيات للانش بوكس المثالي للمدرسة.. لفطار رايق وصحي    شيخ الأزهر في القمة العالمية للسلام بروما: لا سلام بالشرق الأوسط دون إقامة الدولة الفلسطينية    هل ستتعرض القاهرة الكبري لأمطار خلال الساعات المقبلة ؟ الأرصاد تجيب    «الرقابة الصحية» تعقد الاجتماع الأول لإعداد معايير اعتماد مكاتب الصحة والحجر الصحي    أسعار اللحوم اليوم الاثنين في شمال سيناء    بعد قليل.. محاكمة المتهمين ومصور فيديو الفعل الفاضح أعلى المحور    مدير معهد الآثار الألماني: نتطلع بفرح غامر إلى الافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير    سيراميكا كليوباترا: نسعى للاستمرار على قمة الدوري.. وهدفنا المشاركة القارية الموسم القادم    غزل المحلة: الأهلى تواصل معنا لضم ثلاثى الفريق الأول.. ولكن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصفقة: جورج الخامس يفاوض نفسه

عندما ينتقل مفهوم الصفقة من عالم المال والأعمال إلى عالم السياسة، فإن ذلك لا يمثل فحسب مجرد تبسيط واختزال التعقيد الكامن فى عالم السياسة، خاصة عندما يتعلق الأمر بصراع ممتد يتجاوز المائة عام كالصراع العربى الإسرائيلى، بل يمثل فى حقيقة الأمر غياب العقل السياسى، أو على الأقل خللا كبيرا فى معايير وقواعد ومبادئ المقاربة والأحكام، ذلك أن كلا العالمين عالم المال والأعمال وعالم السياسة وخاصة القضية الفلسطينية، تفصل بينهما هوة سحيقة من المفاهيم والقواعد والآليات، فالأول أى عالم المال والأعمال تشغل فيه قيمة المال والحساب والمكاسب المادية الحيز الأكبر من دوافعه، فى حين أن عالم السياسة خاصة المتعلقة بالموضوع الفلسطينى يزخر بمفاهيم السيادة والكرامة والاستقلال والتحرر من الاحتلال والحرية وهى مفاهيم تتجاوز بكثير حسابات المكسب والخسارة والربح والعائد.
ورغم صعوبة هذا الانتقال للمفهوم من عالم المال والأعمال إلى عالم السياسة والقضية الفلسطينية، وما يعترى هذا الانتقال من تبسيط وخلل فى المعايير والمبادئ والقياس, فإن الصفقة المزعومة التى يعكف على صياغتها وبلورتها فريق من الخبراء العقاريين فاقدى الخبرة والخلفية فى الشرق الأوسط، فريق عائلى بزعامة ترامب، لم تراع القاعدة الأساسية المعمول بها فى أية صفقة تجارية، أى أن أية صفقة تتم بالضرورة بين طرفين يقبلان غير مرغمين أو كارهين بمحتواها ومضمونها، وإنما يزعم أصحاب هذه الصفقة تمريرها وتنفيذها رغم رفض الجانب الفلسطينى لها ممثلا فى السلطة الشرعية للرئيس الفلسطينى محمود عباس، وهذا الرفض تأسس على القرارات الأمريكية التى اعترفت بالقدس ونقل السفارة الأمريكية إليها وإخراجها من مجال التفاوض والموقف الأمريكى من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الأونروا وانحياز الولايات المتحدة الأمريكية بشكل مطلق لحليفتها إسرائيل، وهكذا فإن هذه الصفقة ينطبق عليها ما انطبق على المفاوضات التى كانت الإمبراطورية البريطانية تزمع إجراءها مع الوفد المصرى الممثل لثورة 1919 والشعب المصرى عندما قال ممثل الأمة الزعيم الراحل سعد زغلول إن جورج الخامس يفاوض جورج الخامس أى أن بريطانيا تفاوض نفسها، ذلك أن الصفقة أو ما تسرب عنها أو نقل منها إلى الزعامة الفلسطينية يتم تدبيرها وصياغتها سرا بين الولايات المتحدة وإسرائيل أو بين البيت الأبيض وإسرائيل بعيدا حتى عن الخارجية الأمريكية.
قد لا يمكن الجزم بحقيقة هذه «الصفقة» ومعالمها، فهى تفتقد إلى أية معلومات رسمية أو وثائق رسمية توضح معالمها، ولكن ما نشر عنها أو ما تسرب منها فى المواقع الإلكترونية والصحف وما سبقها وما رافق الحديث عنها من قرارات الإدارة الأمريكية، يوضح مضمونها ومحتواها فالقدس واللاجئون والمستوطنات وحل الدولتين خارج التفاوض باستثناءعاصمة فلسطينية فى أبو ديس أو العيزرية، وكذلك السيادة والاستقلال والتحرر من الاحتلال، ماذا يبقى من القضية الفلسطينية؟ بل ما هى القضية الفلسطينية إذا ما استثنينا هذه البنود؟ وهل من الممكن استبدال كل هذه البنود التى تمثل جوهر النضال الفلسطينى ومحتواه بإنهاء معاناة غزة وإغاثتها، وهى المعاناة الناجمة عن الاحتلال والحصار الذى يقوم به، وتعويق حل الدولة الفلسطينية فى الضفة الغربية وغزة؟
والحال أن هذه الصفقة وأوهام إنهاء الصراع العربى الإسرائيلى والفلسطينى على الطريقة الأمريكية الإسرائيلية يبقى مصيرها غامضا، ويتعثر إخراجها رسميا إلى العلن، ويتأجل الإعلان عنها أكثر من مرة، ومحاولات تطويق الجانب الفلسطينى والعربى باعتباره الطرف الآخر منها أو ترغيبه وترهيبه ستبوء بالفشل، لأن الحلف الأمريكى الإسرائيلى قد يستطيع أن يفرض الحرب، ولكنه لن يستطيع أن يفرض تسوية تنهى القضية الفلسطينية، وتنهى معها القرارات والمبادئ القانونية الدولية التى تؤكد شرعية الحقوق الفلسطينية فى الدولة وإنهاء الاحتلال والقدس.
لدى الشعب الفلسطينى قدرة متجددة على رفض تلك المشروعات والمقترحات الخاصة بالسلام مع إسرائيل، والتى لا تتوافق مع الحد الأدنى من أمانيه الوطنية, واليوم أكثر من أى وقت مضى تبدو الحاجة إلى بعث رصيد الاحتجاج والرفض الفلسطينى لهذه الصفقة المشبوهة، بيد أن هذا الرفض ينبغى أن يتم فى إطار استراتيجية وطنية فلسطينية جامعة تستند إلى الصراحة والشفافية والتوافق الوطنى على التمسك بالمشروع الوطنى الفلسطينى، أول عناصر هذه الاستراتيجية إنهاء الانقسام بين غزة والضفة وحماس وفتح لقطع الطريق على استغلاق معاناة سكان غزة ضمن هذه الصفقة المشبوهة، أما ثانيها فيتمثل فى استمرار الرفض الشعبى والاحتجاج السلمى من قبل كافة الفئات فى مواجهة تجليات وتداعيات محاولات تنفيذ بعض بنود هذه الصفقة، وثالثا استمرار بعثة طرق أبواب المنظمات الدولية والحقوقية لتأييد حقوق الشعب الفلسطينى غير القابلة للتصرف بلغة هذه المنظمات ذاتها، أما رابع هذه العناصر فيتمثل فى تخلى القيادات الفصائلية عن اعتبارات الأيديولوجيا والمصالح الضيقة وإعلاء المصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني. بيد أن هذا الرفض الفلسطينى للصفقة وتداعياتها رغم أهميته القصوى لأنه يمثل النواة الصلبة فى إسقاطها، قد لا يكون كافيا لإنجاز هذه المهمة، ما لم يترافق مع تبلور وتشكل «ظهير عربى» نواته الأساسية مصر والمملكة الأردنية الهاشمية ومعهما بقية الدول العربية التى حضرت قمة الرياض الأخيرة ووافقت على بيانها الصادر عنها الذى أكد تأييد توجهات القيادة الفلسطينية واستمرار التمسك بالمبادرة العربية للسلام التى طرحت عام 2002 وتأييد المطالب العربية والفلسطينية فى الدولة على حدود عام 1967 والقدس الشرقية بعاصمتها وحل عادل لقضية اللاجئين.
لمزيد من مقالات ◀ د. عبد العليم محمد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.