تذكرت أستاذى البولندي، وأنا أتابع ما تمارسه شركات مرشحات «فلاتر» المياه المنزلية على المواطن المصرى الذى يشرب مياه النيل، لقد كان أستاذى نباتيا ويستمد معظم العناصر الغذائية الضرورية لجسمه من شرب المياه، فقد كان حريصا على شراء نوعية معينة من المياه ذات محتوى مناسب من الأملاح، فطبقا لمنظمة الصحة العالمية WHO يعد 500 ملجم / لتر من الأملاح الذائبة بالماء مناسبا للشرب وصحة الإنسان، وطبقا لقرار وزير الصحة رقم 458 لسنة 2007 المنظم لمعايير مياه الشرب، فإن نسبة الأملاح المناسبة لمياه الشرب يجب ألا تزيد على 1000 ملجم / لتر ، فالماء يمد الإنسان بما يحتاجه من عناصر معدنية غذائية بأقل سعر بالمقارنة بما يمكن أن يحصل عليه من مصادر غذائية أخري، فعلى سبيل المثال يمكن أن نحصل على عنصرى الكالسيوم والماغنسيوم من شرب مياه النيل أكثر مما يمكن أن نحصل عليهما من وجبة أسماك أو حتى من المكسرات والألبان ، فعادة مايحمى عنصر الماغنسيوم الإنسان من السكتة الدماغية والأزمات القلبية القاتلة، فهو ضرورى لعمل الأنسجة العصبية والعضلية وصحة الإنسان والوظائف البيولوجية الطبيعية، كما أن الكالسيوم من المعادن الأساسية التى تشكل الأسنان والعظام والعضلات . وقد صدق الرسول الكريم فى الحديث الشريف عن ماء زمزم، الذى رواه مسلم حينما قال: «إنها مباركة.. إنها طعام طعم»، بمعنى أنه يفى عن سائر الأطعمة ، لما به من نسب أملاح معدنية، كما أن الماء له فوائد كثيرة منها أنه يغذى الجسد وينقيه. وتحتوى مياه النيل على نسبة أملاح لاتزيد على 1000 ملجم/ لتر فى معظم الأحوال، ويمثل مجموع عنصرى الكالسيوم والماغنسيوم ما نسبته 16% من الأملاح الذائبة به، وبرغم ذلك فإن مندوبى شركات الفلاتر المنزلية يقنعون المصريين على حد سواء، بأساليب مختلفة بأهمية وضرورة تركيب فلتر منزلى خمس وسبع مراحل لشرب مياه صحية وهذا غير سليم علميا، فلا ضرورة مطلقا لمرحلة نزع الأملاح من المياه القادمة من محطات ترشيح مياه شرب مصدرها مياه النيل، بل ينتج عن نزع الأملاح أضرار خاصة للفئات الضعيفة ماديا والتى لاتستطيع ان تشترى انواعا من الطعام تمدها بما تحتاجه من عناصر معدنية يحتاجها الجسم، وفى الوقت نفسه تحرمهم من تلك العناصر المعدنية المجانية التى كانوا يحصلون عليها من شرب مياه النيل قبل تركيب «الفلتر» متعدد المراحل وبخاصة مرحلة نزع الأملاح ،ولذلك فإننى أدعو الجهاز التنظيمى لمياه الشرب إلى مراقبة «سوق الفلاتر» فى مصر والعمل على إصدار تشريع من البرلمان يتيح للمصريين مقاضاة الشركات غير الأمينة التى تحرم أبناءهم من العناصر المعدنية المجانية التى كانوا يحصلون عليها من شرب مياه النيل قبل تركيب المراحل غير الضرورية من جانب الشركات، وأن تجبر الشركات على كتابة نص فى العقد يلزمها بتصميم الفلتر طبقا لنوعية مياه المصدر، وألا تحرم المواطنين من المعادن والأملاح المجانية ومراعاة صحتهم بأمانة طبقا للأسس العلمية والمعايير الصحية العالمية، كما أناشد جهاز حماية المستهلك توعيتهم بهذه القضية، ومراقبة مدى التزام الشركات بالمعايير الصحية والأمانة المهنية. د. كمال عودة غديف أستاذ المياه بجامعة قناة السويس