أعتقد أن السجائر هى السلعة الوحيدة فى العالم التى يحذر صانعها المستهلك من مخاطرها بل ويسجل على غلاف كل علبة منها المخاطر الصحية المؤكدة للتدخين مع تدعيم هذا التحذير بصور مفزعة لمرضى سرطان الرئة والبلعوم والفم ومرضى القلب من ضحايا التدخين مع تأكيد أنه السبب الرئيسى للوفيات على مستوى العالم. وبرغم ذلك فإن المدخنين يضربون عرض الحائط بكل هذه التحذيرات والمخاطر وهو ما يؤكد أن التدخين إدمان كالمخدرات بل هو بداية الطريق اليها فى كثير من الأحيان، لذلك فإن الإقلاع عنه ليس بالأمر السهل ولكنه بالتأكيد ليس مستحيلاً، ووفقاً لما دار أخيرا فى الجلسات الحوارية لمنتدى النيكوتين العالمى لصناع التبغ فإن هناك ما لا يقل عن مليار مدخن على مستوى العالم، وأن حجم الإنفاق السنوى على التبغ يصل إلى ثمانمائة مليار دولار . وفى تقرير أصدرته منظمة الصحة العالمية بمناسبة اليوم العالمى للامتناع عن التدخين جاء أن التدخين يحصد أرواح 7 ملايين شخص سنوياً منهم 900 ألف شخص من غير المدخنين الذين يموتون لاستنشاقهم دخان التبغ بطريقة غير مباشرة (التدخين السلبي)، أما عن مصر، فقد ذكر التقرير أن المصريين يدخنون 80 مليار سيجارة سنوياً، وتحتل مصر المركز العاشر عالمياً من حيث نسبة المدخنين، وأخطر ما جاء فى التقرير أن هناك أكثر من 70 ألف طفل مدخن أعمارهم أقل من 10 سنوات، ونصف مليون أعمارهم أقل من 15 سنة ( انظر إلى مرتادى المقاهى الذين كانوا يدخنون الشيشة فى إجازة العيد الفائت منذ أيام لتصدم أن غالبيتهم كانوا من الأطفال). والعجيب أنه برغم كل هذه المخاطر الناجمة عن التدخين بالإضافة إلى فتوى أصدرتها دار الإفتاء المصرية منذ سنوات بأن التدخين حرام شرعا، كما أن هناك قانوناً يمنع التدخين فى الأماكن العامة..أقول أنه برغم ذلك فإن مسلسلات التليفزيون تروج للتدخين بشكل مريب وفى كل مكان ، فبمجرد أن يشعر الممثل أو الممثلة بالتوتر تبعاً للدور الذى يؤديه فإن يد كل منهما تمتد فوراً إلى علبة السجائر لإشعال سيجارة بدعوى تقليل حدة التوتر، ومع أن الإعلان عن التدخين ممنوع قانوناً فى وسائل الإعلام فإن المسلسلات التليفزيونية تقوم بمهمة الإعلان والترويج المريب خير قيام بطريقة لا تخلو من المكر والدهاء واللف والدوران حول قرار حظر الإعلان عن السجائر حتى إن البعض لا يستبعد أن تكون شركات السجائر من بين ممولى هذه المسلسلات، فهل من قانون يحظر كل مشاهد التدخين وتعاطى المخدرات فى الدراما التليفزيونية التى تدخل كل بيت ويشاهدها ويقلدها الشباب والأطفال ؟. وهل سنسمع حينئذ من يتباكى على حرية الإبداع؟. مى عبد الرءوف بسيوني