كما أن الطاعات والقربات إلى الله لها آثار طيبة على قلب المؤمن ووجهه وحياته ؛ فالمعاصى والذنوب لها آثار سيئة على مرتكبيها، يقول جل شأنه فى سورة المطففين: (كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون)، والرَّانُ فى المعجم: الغِطاء والحِجاب الكثيف، وهو هنا ما غَطَّى على القلْب وركِبَه من القسوة للذَّنب بعد الذنب. ولقد ذكر الحق جل شأنه فى هذه الآية الكريمة حال الكفار وموت قلوبهم ، وهو يحذر فيها عباده المؤمنين من الإصرار على الذنوب فإنها تُعْمى القلوب ويُطبع عليها الرَّان بسبب الاستمرار على الذنوب، واستحلالها، فإن الاستمرار والإصرار على المعصية يجعلها سهلة على فاعلها، وربما حمله ذلك على استحلالها، ولذلك حذَّر النبى صلى الله عليه وسلم من الإصرار على الذنب وحثَّ على المبادرة للتوبة، فقد أورد الإمام أحمد فى مسنده عن عبد الله بن عمرو بن العاص، عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال وهو على المنبر: ارحموا تُرحموا، واغفروا يغفر الله لكم، ويل لأقماع القول، ويل للمُصِرِّين الذين يُصِرُّون على ما فعلوا وهم يعلمون. فى هذا الحديث الشريف تنبيه لطيف للمؤمن، أن يكون موقفه مع قول الله تعالى وقول رسوله صلى الله عليه وسلم موقف الوعاء الواعي، بحيث يتقبلهما قلبه ويعقلهما ويتدبر ويتعظ، ولا يكن قِمعاً يمر القول عليه، كما يمر السمن والزيت على القِمع دون أن يحصل منه على شيء. ويقول الشيخ عبدالله سراج الدين: إن للذنوب آثاراً ظلمانية على القلوب، ومن أجل ذلك يجب على العبد إذا وقع فى ذنب أن يبادر إلى التوبة قبل أن تتراكم الظلمات على قلبه، فإن التوبة تصقل القلب وتمحو تلك الظلمات. والتوبة تكون من السيئات (صغائر الذنوب) ومن الذنوب (كبائر الذنوب) فقد أورد الإمام مسلم فى صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر. والعبد التائب كأنه لم يذنب، فقد أورد الإمام ابن ماجة فى سننه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: التائب من الذنب، كمن لا ذنب له.