* الأقارب المحتاجون أولى بالصدقات وزكاة المال.. والقطيعة من كبائر الذنوب اهتم الإسلام بالرحم، وأمر ببرها، ووصلها، وجعلها كالأركان الإسلامية الخمسة، كما أن الله أثاب عليها ثواباً عظيماً، لأن السعادة لا تتحقق لإنسان بمفرده، وإنما تكون السعادة حينما يكون الفرد بين الجماعة، وحتى يوم القيامة سيدخل المؤمنون الجنة جماعات وليسوا فرادي، لقول الله تعالي: (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ).
ويؤكد علماء الدين أن صلة الأرحام ثوابها عظيم، وحذروا من قطيعتها، فهى من الذنوب العظيمة، ويجب على الإنسان أن يمد يد العون والمساعدة لكل من يحتاجه، والإحسان إلى الأقربين، وإيصال ما أمكن من الخير إليهم، ودفع ما أمكن من الشرِّ عنهم؛ فتشمل زيارتهم، والسؤال عنهم، وتَفَقُّدِ أحوالهم، والتصدُّق على فقيرهم، وعيادة مرضاهم، ومشاركتهم فى أفراحهم، ومواساتهم فى أحزانهم، قال تعالي: (وَاعْبُدُوا اللهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِى الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِى الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا) النساء: 36. وأوضح الدكتور أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرص فى العديد من التوجيهات النبوية الكريمة على حث المسلمين على صلة الرحم ودفعهم إلى هذه الفضيلة لينال من يتحلى بها العطاء الإلهى الوافر حيث قال فى الحديث الصحيح من سره أن يبسط له فى رزقه وينسأ له فى أثره فليصل رحمه، ومن أراد أن يوسع الله له فى رزقه، وأن يبارك له فى عمره فعليه أن يصل رحمه. وأضاف: إن صلة الرحم واجبة وقطعها من الذنوب الكبيرة فقد ورد الوعيد بشأن قاطعها فى أحاديث كثيرة منها قول الرسول صلى الله علية وسلم إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ من خلقه قالت الرحم هذا مقام العائذ بك من القطيعة قال نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك قالت بلى يا رب قال فهو لك، قال رسول الله صلى الله علية وسلم «فاقرأوا إن شئتم فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا فى الأرض وتقطعوا أرحامكم»، وصلة الرحم ثلاثة أنواع رحم عامة وهى رحم الدين ورحم خاصة وهى الأقارب ورحم القريب غير المسلم. فأما الرحم العامة فتجب بالتواد والتناصح والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وما إلى ذلك من الحقوق الواجبة والمندوبة. وأما الرحم الخاصة وهى التى تعنيها التوجيهات والوصايا النبوية فى الأغلب فتكون صلتها بزيادة النفقة على الأقارب وتفقد أحوالهم والتسامح معهم، وقضاء حوائجهم، وكل ما فيه نفع دينى أو دنيوى يعود عليهم. ولصلة الرحم وجوه عديدة منها ما يكون بالمال ومنها ما يكون بتفقد أحوالهم، وقضاء مصالحهم وهى ليست خاصة بمن يصلون المودة بل إن المسلم مطالب بأن يصل جميع رحمه ليس فى رمضان فقط بل فى كل أيام. من جانبه أكد الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، أن صلة الأرحام من أعلى القربات الشرعية الثابتة فى الكتاب والسنة والإجماع لقوله تعالى من باب الترغيب: “واتقوا الله الذى تساءلون به والأرحام” أما من باب الترهيب فى قوله تعالي:” فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِى الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ” . وأضاف: إن شهر رمضان يقوى صلة الرحم ويزيد فى الرزق وقد نهى النبى صلى الله عليه وسلم عن قطيعة الرحم وشدد على الصلة، لأن صلة الرحم من الإيمان بالله واليوم الآخر فعن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم، قال: “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه”، وصلة الرحم زيادة فى الرزق والعمر وسبب فى عون الله وتأييده, جاء رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم قال: إن لى قرابة أصلهم ويقطعوننى وأحسن إليهم ويسيئون إليَّ وأحلم عنهم ويجهلون علي, فقال النبي: ( لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل أى تطعمهم الرماد الحار ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك). وأشار الدكتور مختار مرزوق عبدالرحيم عميد كلية أصول الدين السابق بأسيوط، إلى أن الأرحام تكون سببًا فى مضاعفة الحسنات, لقوله صلى الله عليه وسلم الصدقة على المسكين صدقة وهى على ذى الرحم ثنتان صدقة وصلة. وكما أن صلة الرحم طاعة لله عز وجل, فهى وصل لما أمر الله به أن يوصل, قال تعالى مثنيًا على الواصلين (والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب) وصلة الأرحام تكون فى شهر الصيام وفى غيره من الشهور تؤدى إلى شيوع المحبة بين الأقارب فبسببها تشيع المحبة وبهذا يصفو عيشهم وتكثر مسراتهم كما أن الإنسان إذا وصل رحمه وحرص على إعزازهم أكرمه أرحامه وأعزوه وأجلوه وسودوه وكانوا عوناً له.