حقائق مذهلة تتوالى ردا على مقالى الماضى عن كارثة أبو قردان والأرز، منها ما قاله الدكتور نادر نور الدين خبير المحاصيل والموارد المائية، ردا على سؤالى عن قرار الحكومة تقليص مساحات الأرز: إن تربية «عجل» واحد من الماشية تستهلك من المياه ما تستهلكه زراعة فدان طوال العام، من كل المحاصيل ورحت أسأل: ما المانع من تقليص زراعات الأرز فى الدلتا، لترشيد استهلاك المياه فى مصر حتى يتم ملء سد النهضة الإثيوبى الذى صار أمرا واقعا، إذا كان التقليص يتم فى إطار سياسة زراعية تعتمد على بدائل للأرز مثل استيراد الأرز الآسيوى الرخيص والتوسع فى مشروعات تربية الماشية والدواجن وزراعات الذرة والقطن والكرنب والقلقاس؟! فجاءت إجابة نور الدين هادئة على «غير العادة»: خطورة القضية أن الأرز أصبح هو البديل الوحيد لغسيل أراضى الدلتا من الأملاح والأسمدة والمبيدات، ومن تمليح المياه الجوفية، ومنطقة الدلتا هى رأس مال مصر الزراعية فهى تضم 8 محافظات فقط، ولكنها تؤوى 55% من السكان وتنتج 72% من الإنتاج الزراعى وتمثل أكثر من 62% من الأراضي.. والآن وصلت نسبة الأراضى التى تملحت فى شمال الدلتا الى 46% وفى وسط الدلتا 37%وفى جنوبها 24% ، وينبغى زراعتها بالأرز للقيام بمهمة الغسيل بعد انقطاع فيضان النيل عنها وإلا تصحرت، وبالتالى لاينبغى علميا أن تقل مساحة زراعات الأرز كما تخطط الحكومة من 1.6 مليون فدان سنويا الى 700 الف فدان فقط، وعدت أسأل عن استهلاك الأرز المرتفع للمياه الذى يتراوح بين 8 و 12 ألف متر مكعب للفدان ألا يكفى سببا لمنعه؟ فقال الرجل: إن أغلب زراعات الأرز كانت تروى بمياه المصارف المالحة ويعطى محصولا اقتصاديا مربحا للفلاح، وليس له بديل إلا زراعات القطن، ولكن القطن يستهلك مياها اكثر لأنه يستمر فى الأرض الزراعية لمدة تسعة أشهر مقابل أربعة أشهر فقط للأرز، كما أن الارز لايزيد استهلاكه من مياه الرى على أربعة الى خمسة ألاف متر مكعب للفدان، وتراجع زراعات الارز الى النصف سوف تؤدى الى تراجع مياه المصارف الزراعية والتى تدخل فى حسابات الري، كما أن تراجع زراعاته سوف يخفض انتاجه الي50%، وبالتالى تستورد الدولة الأرز الشبيه بالمصرى قصير الحبة من الفلبين والهند الذى رفضه المستهلك المصرى وأطلق عليه من قبل «الأرز البلاستيك»،لأنه يتحجر اذا برد بعد الطهى ولايعاد تسخينه قبل تقديمه للمائدة ويكلفنا عملات أجنبية ويصل سعره بالجملة إلي20 جنيها للكيلوجرام، وبالتالى ترتفع أسعار بيعه للمستهلك الى أعلى من ذلك، وتكون النتيجة أن يتجه ضحايا «الأرز البلاستيك» الى البديل وهو المكرونة والخبز المصنعان من القمح الذى نستورده بالدولار فترتفع أسعار المكرونة ويزيد استيرادنا من القمح! فهل حسبت الحكومة توفير بديل للفلاح يدر عليه نفس العائد ويغسل أرضه ويحافظ عليها من التدهور؟، وهل تعلم وزارة الزراعة ان المبيدات الحارقة التى ترشها على زراعات الارز المخالفة تدمر التنوع والتوازن الحيوانى والبيئة المحيطة؟ وعلى ذكر المبيدات أسأل نور الدين: وهل تصلح بديلا لدور صديقى أبو قردان؟، فيجيب: أن «صديقنا جميعا» الذى نضعه فى «وش المدفع» يأكل الحشرات الضارة من التربة، كما ان مخلفاته عالية الحموضة تطهر التربة من العديد من الامراض والفطريات الضارة. ثم عدت وسألت عن البديل المناسب الآن قبل أن يصبح تخفيض الزراعات أمرا واقعا أجاب الخبير أن تعيد الحكومة النظر فى القرار وأن تقلص مساحات الموز والكرنب وقصب السكر لأن لها بدائل، دون المساس بزراعات الأرز لأنه بلا بديل، ومنع التوسع فى مشروعات تربية الدواجن والماشية، وأقاطعه: حلمك يا دكتور.. هل استيراد اللحوم أوفر للمياه ويصلح بديلا لاستيراد أرز؟ فيجيب نور الدين: بكلام العلم والتجربة: العجل الواحد يستهلك 5000 متر مكعب من المياه اى ما يعادل استهلاك فدان من المياه فى سنة كاملة، وليس فى زراعة محصول واحد؟ وبالتالى فإن تربية مليون عجل يستهلك قدر استهلاك مليون فدان أرز، لذلك لاتنتشر تربية العجول إلا فى بلاد الأمطار الغزيرة والمراعى الطبيعية المجانية مثل إثيوبيا والسودان وتنزانيا ودول أوروبا والبرازيل، وهذه الدول ليس لديها أزمة مياه وأعلاف وهى المشكلة التى تضطر الفلاح المصرى لزراعة البرسيم بدلا من القمح, فصرنا أكبر مستورد للقمح فى العالم، مع العلم بأن العائد من المتر المكعب من المياه فى تربية العجول 4 جنيهات فقط للكيلو جرام وفى تربية الدجاج 6 جنيهات، أما فى الأرز فالعائد 10 جنيهات لكل متر مكعب من المياه، وبالتالى فعمليا الأرز أفضل اقتصاديا من تربية العجول والدجاج. وختمت مندهشا: هذا يعنى أن طبق الأرز أفضل بكثير من قطعة اللحم.. أليس كذلك يا دكتور؟ قال: نعم! لمزيد من مقالات ◀ أنور عبد اللطيف