إدراج جامعة سيناء بتصنيف التايمز 2025..    رسميًا.. التعليم تعلن مصروفات المدارس لجميع المراحل بالعام الدراسي الجديد 2025/2026    تراجع أسعار الذهب اليوم الجمعة 20 يونيو في منتصف التعاملات    هند رشاد: تعديلات الإيجار القديم خطوة لتحقيق العدالة الاجتماعية بين المالك والمستأجر    مصر تعرض فرص تشغيل مطاراتها على كبرى الشركات العالمية    جيش الاحتلال الإسرائيلي: قصف منصات إطلاق صواريخ في جنوب غرب إيران    وزير الخارجية الإيراني: سندافع بكل قوتنا عن سيادتنا وسلامة أراضينا    الخطوط الجوية السورية تحول رحلات الغد إلى مطار حلب    الأهلي يتحرك لخوض مران اليوم استعدادا لمواجهة بورتو    جارسيا بعد انضمامه إلى برشلونة: حققت حلمي أخيرا    آرسنال يضع اللمسات الأخيرة على صفقة نجم سوسيداد    فوت ميركاتو: اتحاد جدة يبدي رغبته في التعاقد مع بوجبا    بعد إنقاذها.. إطلاق السلحفاة "مارفل" عبر سواحل الإسكندرية| صور    الاثنين.. أُسرة أبو العينين شعيشع تُحيي الذكرى الرابعة عشر لرحيله بمسقط رأسه في كفر الشيخ    "الدبّاح بيكسح".. فهد البطل يتصدر مشاهدات شاهد عربيًا وعالميًا    هجوم صاروخى إيرانى واسع النطاق يستهدف العمق الإسرائيلى    نائب وزير الصحة يتفقد عدد من المنشآت الصحية بالدقهلية    ضبط 12 طن دقيق مدعم في حملات على المخابز خلال 24 ساعة    إصابة 5 أشخاص إثر تصادم ملاكي مع توكتوك في مسطرد بالقليوبية    بالأسماء.. إصابة 18 شخصا فى حادث انقلاب سيارة بطريق ديروط الفرافرة أسيوط    «الجبهة الوطنية» يعلن تشكيل أمانة إدارة الأزمات والتدخلات العاجلة    وسط هدم مزيد من المباني| جيش الاحتلال يصعد عدوانه على طولكرم ومخيميها بالضفة    مبابي خارج موقعة ريال مدريد ضد باتشوكا في كأس العالم للأندية    شيرين رضا: جمالي نعمة حذرني منها والديّ    خطيب الجامع الأزهر: الإيمان الصادق والوحدة سبيل عزة الأمة الإسلامية وريادتها    إزالة مزارع سمكية مخالفة بجنوب بورسعيد على مساحة 141 فدانا    عرض "سترة" بمهرجان الفرق المسرحية مساء اليوم    طرح البوستر الرسمي لنجوم فيلم "أحمد وأحمد"    مجلس الاتحاد اللوثري: خفض المساعدات يهدد القيم الإنسانية والتنمية العالمية    إصابة 18 شخصا إثر انقلاب سيارة ميكروباص على طريق ديروط الفرافرة بأسيوط    الشيوخ يفتح ملف التنمر داخل المدارس بحضور وزير التربية والتعليم    للأفضل أكاديميا.. إدراج جامعة سيناء بتصنيف التايمز 2025 (تفاصيل)    المنظمة المصرية لحقوق الإنسان: واقع اللاجئين اليوم يتجاوز مجرد التنقل الجغرافي    «لا مبالاة؟».. تعليق مثير من علاء ميهوب على لقطة «أفشة»    بالاسم ورقم الجلوس... موعد ظهور نتيجة الشهادة الإعدادية 2025 بكفر الشيخ    أحمد سعد بعد تعرضه لحادث وتحطم سيارته: "أولادي وزوجتي بخير"    بسبب دعوى خلع.. الداخلية تكشف تفاصيل فيديو اعتداء سيدة على أخرى بالدقهلية    دون تأثير على حركة الملاحة.. نجاح 3 قاطرات في إصلاح عطل سفينة غطس بقناة السويس    الصحة: فرق الحوكمة والمراجعة تتابع 392 منشأة صحية وترصد تحسنا بمستوى الخدمة    محافظ الإسكندرية يشهد فاعليات الحفل الختامي للمؤتمر الدولي لأمراض القلب    مصر تتدخل بتحرك عاجل لوقف الحرب بين إيران وإسرائيل    أفضل طرق الحفاظ على تكييف سيارتك في الصيف    فيتسل: سعيد باللعب بعد 6 أشهر صعبة    حريق في سيارة نقل محملة بمواد كحولية بالشرقية    طائرة في مران ريال مدريد استعدادًا لمواجهة باتشوكا    حملة للتبرع بالدم بمديرية أمن الأقصر    تشغيل مستشفى القنطرة شرق بعد تطويرها بتكلفة 400 مليون جنيه    أسرار استجابة دعاء يوم الجمعة وساعة الإجابة.. هذه أفضل السنن    حسن الخاتمه.. مسن يتوفي في صلاة الفجر بالمحلة الكبرى    القومي للأشخاص ذوي الإعاقة يشارك في احتفالية مؤسسة "دليل الخير"    رئيس وزراء جمهورية صربيا يزور المتحف الكبير والحضارة    الإسلام والانتماء.. كيف يجتمع حب الدين والوطن؟    محافظ أسيوط يوجه بتخصيص أماكن لعرض منتجات طلاب كلية التربية النوعية    بنجاح وبدون معوقات.. ختام موسم الحج البري بميناء نويبع    أوقاف شمال سيناء تطلق حملة موسعة لنظافة وصيانة المساجد    البوري ب130 جنيه... أسعار الأسماك في أسواق كفر الشيخ    إسرائيل تتهم إيران باستخدام "ذخائر عنقودية" في هجماتها    الاتحاد الأفريقي يعلن مواعيد دوري الأبطال والكونفدرالية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نصيب المصري من المياه العذبة أقل من حد الندرة ويستخدم 85% منها في الزراعة
نشر في الشروق الجديد يوم 20 - 01 - 2010

تمثل مياه المحيطات والبحار المالحة فى العالم نسبة 97.5% من مجموع المياه فى الكرة الأرضية فى حين لا تمثل المياه العذبة أكثر من 2.5%، وبهذا يمكن تشبيه المياه العذبة فى كوكب الأرض بملء ملعقة صغيرة من المياه بالنسبة إلى مغطس مملوء بالمياه المالحة.
وليت الأمر يتوقف عند هذه النسبة الصغيرة من المياه العذبة بل إن 70% من هذه فى العالم متجمدة فى القطبين الشمالى والجنوبى وقمم الجبال الشاهقة ولا يمكن الاستفادة منها و30% موجودة على صورة مياه جوفية مختلفة الأعماق فى حين لا تمثل مياه الأنهار الجارية والبحيرات العذبة أكثر من 0.3% فقط من مجموع المياه العذبة فى العالم.
ومن هذه المياه العذبة تمتلك دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نسبة لا تزيد على 1% من المياه فى العالم لعدد سكان يبلغ نحو 5% من سكان العالم لذلك تعانى جميع الدول العربية (باستثناء العراق) من ندرة فى المياه حيث يبلغ نصيب الفرد فيها أقل من ألف متر مكعب من المياه العذبة وهو الحد الذى اتفق عليه كحد للندرة بما يمثله من الحد الأدنى من احتياجات البشر من المياه فى مختلف أنشطة الحياة من مشرب ومأكل واستخدامات منزلية وصناعية. فعليا لا يستهلك الإنسان فى شرابه أكثر من 2 4 لتر يوميا إلا أنه يأكل مياه خلال غذائه تتراوح بين ألفين وأربعة آلاف متر مكعب يوميا!.
لذلك تعد الزراعة هى المستخدم الأعظم للمياه العذبة فى العالم بمتوسط عام يبلغ 70% مقابل 22% لاستخدامات القطاع الصناعى و8% للقطاع المنزلى. وعلى الرغم من ندرة المياه فى مصر والدول العربية فإن الزراعة تتجاوز نسب المتوسط العالمى حيث تستهلك نحو 85% من المياه العذبة ولا تشارك فى الناتج القومى الكلى GDP إلا بنسب لا تتجاوز 20% فقط، فى حين لا تتجاوز نسب استنزاف الزراعة للمياه فى دول أمريكا الشمالية أكثر من 39%، وفى أوروبا فقط 33% وحتى فى دول أمريكا الجنوبية لا تتجاوز هذه النسبة 70%.
وتشارك الزراعة فى الناتج القومى الكلى لجميع هذه الدول بمتوسط يتراوح بين 30 و40% حيث تعد الصناعة هى المستهلك الأكبر للمياه فى هذه الدول كدول صناعية كبرى وأيضا دول ذات كثافة سكانية منخفضة ومعدلات زيادة سكانية قليلة إضافة إلى تطبيقات عالية للتكنولوجيا فى الإنتاج الزراعى حيث إن نسب منخفضة من السكان لا تتجاوز 3 4% تكون قادرة على إطعام باقى شعوبها وتحقيق فائض للتصدير، فى حين أن 60 80% من تعداد سكان الدول النامية والعاملين فى القطاع الزراعى غير قادرة على إطعام باقى شعوبها وتستورد كميات كبيرة من الغذاء.
وعلى الرغم من أن لدينا الكثير من الاعتراضات على أن مشاركة القطاع الزراعى فى الناتج القومى المصرى لا تتجاوز 20% وأنها تستوعب عمالة لا تتجاوز 30% من القوى العاملة، لأن هناك العديد من الجهات والمهن التى تعتمد على الزراعة تصنف بالخطأ على أنها تتبع قطاعات الصناعة أو التجارة أو الاستثمار (مثل المطاحن والمخابز والأفران السوبر ماركت محال بيع اللحوم والدواجن والبيض والألبان مصانع ومدابغ الجلود مصانع النسيج والخيوط والأصواف والملابس الجاهزة نجارة وأثاث آلات زراعية وجرارات تقاوى وأسمدة ومبيدات وحبوب وعلافة مصانع زيوت ومسلى وزبد ومضارب أرز محال زهور وعطور.... إلخ) إلا أن هناك ضرورة كبيرة لترشيد استخدامات المياه فى مصر على الرغم من أنه المتفق عليه عالميا أن العائد من المتر المكعب من المياه فى القطاعات التجارية والعقارية والصناعية يدر عائدا يتراوح بين 15 و50 ضعف العائد من الزراعة إلا أنه يجب ألا يغفل الجميع إلى أنه المتفق عليه عالميا أيضا أن الزراعة هى المنتج الوحيد للغذاء وأن الأمن الغذائى فى العالم هو العمود الفقرى للاستقرار المجتمعى.
ويمكن إيضاح العائد من المتر المكعب من المياه فى القطاع الزراعى بالتركيز على إنتاج الغذاء من الحاصلات والغذاء غير المستنزفة للمياه. فإنتاج رأس واحدة من الماشية (بقرا أم جاموسا) يستهلك أربعة آلاف متر مكعب من المياه فى حين أن إنتاج رأس الضان يستهلك 500 م3، كما أن إنتاج كيلوجرام من لحوم البقر يستهلك 15 م3 مقابل 10 م3 فى الخراف وفقط 6 م3 لكيلو لحوم الدواجن، ويحتاج إنتاج لتر اللبن إلى نحو 6 م3 من المياه.
وفى إنتاج الحبوب والبقول والخضراوات والفاكهة نجد أن إنتاج كيلوجرام واحد من الحبوب والبقول والدرنات والفاكهة والخضراوات يستهلك من 1 1.5م3 من المياه ويتطلب لتر زيت النخيل نحو 2 م3. وبالمثل أيضا نجد أن إنتاج الكيلوجرام من الأرز أو السكر يستهلك نحو 4 6 أضعاف كميات المياه اللازمة لإنتاج نفس الكمية من القمح أو البقول وباقى الحبوب. وإذا نظرنا إلى القيمة المضافة «العائد الصافى» من استخدامات المياه فى الزراعة بالأسعار الحالية المنخفضة للحاصلات الزراعية فى البورصات العالمية نجد أن محصولى الأرز وقصب السكر لا يدران عائدا أكثر من 15 قرشا لكل متر مكعب من المياه مقابل 35 قرشا لسكر البنجر و38 قرشا فى الذرة الصفراء و 44 قرشا للبطاطس وجنيها كاملا إلى جنيهين فى القمح والطماطم والقطن طبقا لتقديرات البنك الدولى.
ولكن فى أحوال كثيرة قد لا يتوقف الأمر فقط على الكمية المطلقة من المياه التى يستهلكها محصول مستنزف للمياه مثل الأرز أو قصب السكر ولكن الأمر يتطلب نظرة أعمق وحسابات أكثر تعقلا. فعلى سبيل المثال يبلغ سعر طن الأرز حاليا فى البورصات العالمية ألف دولار للطن بينما سعر طن القمح حاليا لا يتجاوز 200 دولار للطن، كما أن فدان القمح يغل نحو 2.5 طن فقط كمحصول ويستهلك نحو 3000 متر مكعب من المياه، فى حين يغل فدان الأرز نحو 3.5 طن ويستهلك بين 6 آلاف متر مكعب من المياه فى الأصناف الجديدة و9 آلاف فى الأصناف القديمة (بمتوسط سبعة آلاف متر مكعب من المياه) وبالتالى فإن تصدير كل طن من الأرز الأعلى فى إنتاجية الفدان يمكن أن نستورد بعائدة خمسة أطنان من القمح!! وكأن فدان الأرز (3.5 طن محصول) يمكن أن يستورد نحو 17 طنا من القمح وهى تمثل محصول نحو سبعة أفدنة من زراعات القمح، ولذلك فعند مقارنة العائد من المتر المكعب للمياه فى محصولى القمح والأرز يكون إنتاج طن القمح (المستورد من تصدير الأرز) يستهلك كمية من المياه لا تتجاوز 500 متر مكعب بالمقارنة بالاستهلاك الفعلى لمحصول القمح من المياه فى مصر والتى تبلغ ألف ومائتى متر مكعب من المياه لكل طن قمح وبالتالى ففى حال ارتفاع أسعار الأرز فى الأسواق العالمية يكون العائد من المتر المكعب من المياه أعلى من مثيله فى مختلف الحاصلات الأخرى إضافة إلى كونه محصول استصلاح للأراضى الملحية يعطى عائدا اقتصاديا كبيرا من مثل هذه الأراضى ضعيفة الإنتاجية كما يبدو الأمر وكأننا فى هذه الحالة نصدر أملاح التربة إلى الخارج ولا نصدر المياه كما يعتقد البعض.
هذا الأمر لا يعنى الموافقة على التوسع فى زراعات الأرز أو حتى عدم ترشيد مساحات زراعته فى مصر بحيث لا تتجاوز 1.2 مليون فقط سنويا (بالمقارنة بمساحة مليونى فدان زرعت فى العام الماضى بالمخالفة) بما يكفى لحماية أراضى شمال ووسط الدلتا ومياهها الجوفية من التملح بسبب مجاوراتها لمياه البحر المتوسط المالحة، ولكن الأمر فقط يرتبط بالعائد من المتر المكعب من المياه بصرف النظر عن تحقيق الاكتفاء الذاتى من محصول شديد الاستراتيجية مثل القمح وهو ما يطالب به رجال الأعمال والذين ينادون باستثمار المياه فى المشروعات الصناعية والسياحية بدلا من الزراعة هادمون بذلك كل ركائز الأمن الغذائى المصرى بما يعنى تحولنا إلى الاعتماد على الغير فى غذائنا ثم وقوعنا فى براثن استخدام الغذاء فى الضغط على الشعوب المستوردة له لأغراض سياسية.
تبلغ إجمالى الموارد المائية المصرية من المياه العذبة وإعادة استخدامات المياه (نيل آبار جوفية صرف زراعى وصناعى وصحى وأمطار) نحو 69 مليار متر مكعب سنويا، وعدد السكان فى مصر الآن نحو 80 مليون نسمة وبالتالى يكون حاصل قسمة الموارد المائية على عدد السكان لمعرفة نصيب الفرد من المياه العذبة سنويا فى حدود 860 متر مكعب أى أقل من حد الندرة المقدر بألف متر مكعب سنويا، إضافة إلى أن التلوث والتدهور فى الموارد المائية يقلل من صلاحيتها وبالتالى يقلل من القيمة الفعلية لنصيب الفرد من المياه العذبة فى مصر، لذلك وجب علينا تعظيم إنتاجية وحدة المياه والتربة من الغذاء وأن يكون هدفنا المقبل هو غذاء أكثر من مياه أقل وإن كل قطرة مياه مهمة وأننا يجب أن نهتم بكل قطرة مياه Every drop count, and count on every drop وهو الشعار الذى تنادى به منظمة الأمم المتحدة للمياه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.