كثيرة هى المفاهيم الخاطئة، التى ترتبط بالصيام، وقد تجعل الصائم ينطبق عليه قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فى الحديث الشريف «رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش»، فالصيام عبادة تؤدى لحسن الخلق واحترام الآخرين والتحكم فى الغضب، لكن هناك الكثير من الأخطاء التى يقع فيها الصائم، ولا يدرى أنها قد تبطل الصيام، ومن أكبر هذه الأخطاء الغيبة والنميمة والغضب وإيذاء الناس، وإضاعة الوقت فى أمور لا تفيد، بل قد تخصم من رصيده وتضيع حسناته. ووجه علماء الدين عددا من الرسائل للصائمين بضرورة التحكم فى الغضب، لأن الصيام ليس سببا فى التوتر أو القلق أو الانفعال أو غيرها من السلوكيات الخاطئة، كما طالبوا بالبعد عن مجالس الغيبة والنميمة، وأن يستغل المسلم أيام رمضان فى الذكر والطاعة، لأن التردد على المساجد وقراء القرآن الكريم والحفاظ على صلاة الجماعة، كلها تؤدى للحفاظ على الصيام، وفى نفس الوقت طالب العلماء من خطباء المساجد بضرورة توعية الصائمين بهذه الأمور، وأن تشمل الدروس الدينية بعض الأخطاء التى يقع فيها الصائم . الحفاظ على الطاعات ويقول الدكتور مختار مرزوق عبد الرحيم، عميد كلية أصول الدين السابق بأسيوط، أن أيام شهر رمضان هى أوقات للذكر والعبادة والطاعة، وعلى المسلم أن يستغل هذه الأوقات الكريمة فى عمل الخير وقراءة القرآن، والبعد عن المعاصى والذنوب والسلوكيات التى قد تبطل الصيام، ومنها الغضب والغيبة والنميمة، وعلى الصائم ألا ينشغل بأمور الآخرين، لأن كل هذه السلوكيات قد تبطل الصيام، وتجعله مجرد جوع وعطش. الغضب مرفوض ويوضح الدكتور مرزوق، أن المحظورات فى رمضان لها وجوه متعددة على رأسها الجماع والأكل والشرب وهذه مبطلات للصوم، وعلى من يرتكبها كفارة والقضاء لأن الصيام هو الامتناع عن شهوات البطن والفرج من طلوع الشمس إلى أذان المغرب والصيام عن كل المحرمات التى حرمها الله عز وجل ويسمى ذلك أهل العلم صيام الخصوص أو صيام الصالحين وذلك بالامتناع عن كل الكبائر المتعلقة باللسان من الكذب والغيبة والنميمة وسب الآخرين فلا يكون للمسلم ثواب وذلك لقول الرسول الكريم : من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة فى أن يدع طعامه وشرابه. وكذلك صيام المحرمات المتعلقة بالنظر وذلك بأن يمتنع الصائم عن مشاهدة الأشياء التى تخدش الحياء، وكذلك التجسس على الآخرين كما يحدث من بعض الناس أحيانا ولابد أن يعلم الإنسان أن الله حرم كل ذلك فى رمضان وغير رمضان وذلك لقولة تعالي: «إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا». بالإضافة إلى الابتعاد عن أكل المال الحرام فى رمضان وغيرة فلا يجوز أن يصوم الصائم عن المحرمات ويفطر على مال حرام. النميمة تبطل الصيام وفى سياق متصل، يقول الدكتور علوى أمين أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، ان النميمة تبطل الصيام، وتعد من أكبر الأخطاء التى يقع فيها بعض الصائمين، والنبى الكريم صلى الله عليه وسلم حذر من الغيبة، ونحذر الصائمين من أن ثوابهم من صيامهم قد يضيع أو ينقص على قدر انخراطهم فى الغيبة، وذكرهم غيرهم بالذكر غير الطيب، لأن ذلك من المهلكات، فقد صح عن النبى الكريم أنه قال « اجتنبوا السبع الموبقات»، قيل ما هى يا رسول الله، قال: «الشرك بالله والسحر وأكل الربا وأكل مال اليتم وقتل النفس التى حرم الله إلا بالحق، والتولى يوم الزحف وقذف المحصنات» . ووجه مجموعة من النصائح للصائمين، تجعلهم يحافظون على الصيام، وأهمها الحفاظ على صلاة الفجر فى المسجد، لأن ذلك يجعل المسلم يشعر بالسكينة والراحة طوال اليوم، كذلك ضرورة أن يحافظ المسلم على قراءة القرآن الكريم يوميا فى رمضان، وأن يحضر دروس العلم فى المسجد، ويحافظ على الصلوات الخمس فى جماعة. من جانبه، يقول الدكتور أسامة فخرى من علماء الأزهر: إنه يجب على الصائم امتثالاً لأوامره جل وعلا، واقتداءً بسنة نبيّنا صلى الله عليه وسلم، ألا يُعرِّض الصائم صيامَه لما من شأنه أن يفسدَه عليه أو يُضيّع عليه ثواب الصيام، فالإمساك فى الصيام ليس وقفاً على شهوتى البطن والفرج فى نهار رمضان وانتهى الأمر، وإنما بجوار ذلك أيضاً أن يمسك الصائم الأعضاء والجوارح عن كل ما يغضب الله عز وجل ويضيع صومه كالغيبة والنميمة، وكذلك القيل والقال، فقد قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلَّا الْجُوعُ وَرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلَّا السَّهَرُ). والمتأمل جيدًا والمُفَكِّرَ بعمق فى الغاية من الصيام بالإضافة للمعانى الرُّوحية المعروفة، سيجد أن الغاية هى (تحصيل التقوى)، وبناء على ذلك فكل ما من شأنه أن يُذهِب التقوى أو يُضعفها فإنه يذهب ثواب الصيام أو يضعفه، فقد قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).