أيام قليلة ونستقبل شهر رمضان المبارك .. والبعض قد يغفل عن أفعال تكون سببا في التقليل من ثواب صيامه فمبطلات الصيام معروفة وتتلخص فيما يخص حفظ شهوات البطن والفرج ولكن هناك بعض الأمور التي يقوم بها الإنسان رغم أنها قد تفسد عليه صومه دون أن يدري.. توجهنا إلي علماء الدين لنتعرف منهم عن الأفعال التي تقلل ثواب الصائم: يقول د.أحمد كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر : لقد قال الله عز وجل "ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوي القلوب" وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم "رب صائم ليس له من صومه إلا الجوع والعطش" .. فهناك سلوكيات محظورة في شهر رمضان تتنافي مع حرماته منها الغيبة قال تعالي "ولا يغتب بعضكم بعضا" والغيبة أن تذكر أخاك بما يكره وبما ليس فيه بالبهتان والنميمة ونقل الكلام بين الناس علي سبيل الإفساد قال سبحانه "هماز مشاء بنميم" وقال عليه الصلاة والسلام "لا يدخل الجنة نمام" كذلك قول الزور قال الله عز وجل "فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور" وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه". أما الكذب فهو الإخبار غير المطابق للحقيقة فقد قال عنه رسول الله صلي الله عليه وسلم "إياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلي الفجور والفجور يهدي إلي النار ولا يزال الرجل يكذب ويتحري الكذب حتي يكتب عند الله كذابا" .. كذلك الكسب الحرام قال تعالي "ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل" وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم "إن الرجل لا يرفع يديه إلي السماء ويقول يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام فأني يستجاب له". أضاف د. كريمة أن إيذاء الخلق سواء بأي نوع من أنواع الإيذاء القولية والفعلية يقلل أجر الصائم فقد قال عليه الصلاة والسلام "فإن سابه أحد أو شاتمه أو قاتله فليقل إني صائم". هذه السلوكيات المحظورة منها ما يبطل الصيام ومنها ما يمحو الثواب ومنها ما يقلله .. فكل الحذر منها .. فصوم العوام الصيام عن محارم الله تعالي وصوم الخواص ألا يشغل القلب بغير الله .. وصوم خواص الخواص أن يستغرق المؤمن في الله وبالله ومع الله. أشياء مفسدة للصيام يقول د.حمدي طه الأستاذ بجامعة الأزهر إنه بجانب ما يبطل به الصيام وهذا معروف لكثير من الناس فهناك أشياء مفسدة للصيام لا ينتبه إليها الانسان وهي الحقد والحسد والضغينة وعدم حفظ اللسان والعين والأذن والتنصت علي الناس كذلك هناك التعرض لما يثير الفتنة في النفس كالمسلسلات والأفلام الإباحية وما شابهها وهناك شيء يغفل الناس عنه وهو أكل الحرام "إن العبد ليأكل اللقمة من حرام فلا يقبل منه فرض ولا عدل" أي لا يقبل ما فرضه الله عليه من الفرائض كالصلاة والصيام وغيرهما وكذلك حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم "كل جسد نبت من حرام فالنار أولي به" وكان صحابة رسول الله صلي الله عليه وسلم يتركون 99% من الحلال خوفا أن يقعوا في واحد في المائة فيه شبهة فربما يلقي الإنسان لقمة من حرام في بطنه ويصوم وصيامه باطل .. كذلك التحدث بالكلمات المثيرة والتحرش الجنسي .. كما يجب علي الصائم ألا يغضب لأن الغضب يفسد عليه صيامه وأن يحافظ علي لسانه فلا يسب الدين والله يقول "إن الدين عند الله الإسلام" فمن سب دين الله فقد سب الله .. ومن سب الله فقد حبط عمله. أكد د.طه أن التذمر وعدم الرضا بقضاء الله وقدره من أهم الأمور التي قد تبطل الصيام فيتمرد الإنسان علي قضاء الله ولا يرضي بما قسمه الله له .. فكأنه يعترض علي صنع الله في خلقه هذا بجانب أنه واجب علي الصائم أن يعلم أن الصيام ليس الامتناع عن المأكل والمشرب فالصيام صيام الجوارح فيحفظ الرأس وما حوي والبطن وما وعي وقبليه وأن يعلم بأن الله طيب لا يقبل إلا طيبا. ضوابط شرعية أكد د.محمد أبوليلة أستاذ الدراسات الإسلامية بكلية اللغات والترجمة أن الشرع لم يمنع الصائم من الاستمتاع بحياته طالما كان في نطاق الحلال والالتزام بالضوابط الشرعية والابتعاد عن كل قول أو فعل فيه شبهة معصية لله تعالي فالأحكام الفقهية ليست انتقائية وإنما حددها الله سبحانه وتعالي ورسوله الكريم صلي الله عليه وسلم بما يتوافق مع الفطرة السليمة ويحقق مصالح العباد فعلي سبيل المثال علي الصائم كي يكون صومه مقبولا أن يغض البصر ويحفظ جوارحه ولا يستهين بالمحرمات التي تحرك الغرائز وأن يبتعد عن الكلام الفاحش والألفاظ النابية وعليه كذلك أن يحرص ألا يكون أسيرا للأفلام والمسلسلات التي تضيع وقته وتقلل ثواب صومه .. فمن الطبيعي أن يتعبد الناس في نهار وليل رمضان علي قدر استطاعتهم حتي ينالوا الثواب الذي اختص الله تعالي نفسه به ولا يعرفه غيره فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام» فإنه لي وأنا أجزي به.. لكن النوم طوال النهار والسهر أمام المسلسلات طوال الليل التي أصبح الصائمون مدمنيها فهذا يقلل من ثواب صيامهم. أشار إلي أن من الأفعال التي تفسد علي الصائم أجره الإسراف في الطعام والشراب والإنفاق غير الهادف الذي تزايد في السنوات الأخيرة خاصة ما يسمي الياميش الذي يشكل عبئا علي ميزانية الأسرة ويستهلك الكثير منها ويثقل كاهل رب الأسرة بل والدولة بأسرها رغم أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال "من وجد تمرا فليفطر عليه ومن لا فليفطر علي ماء فإن الماء طهور".. والمطلوب أن يعتدل المسلم في إنفاقه فلا يسرف ولا يقتر حتي لا يفقد ثواب صيامه.