تمارس وسائل الإعلام المعادية للدولة المصرية سياسة «تدوير» تقارير المنظمات التى تنتقد الأوضاع الداخلية فى مصر دون غيرها، وذلك عن طريق الاهتمام بتخصيص مساحات نشر واسعة لهذه التقارير وتفاصيلها، وترديدها كالببغاوات، دون الإشارة إلى أى وجهات نظر أخرى مخالفة. وفى الفترة الأخيرة، أسهبت وسائل الإعلام الأربع «رويترز» و»أسوشييتدبرس» و«سي.إن.إن» و«بى.بى.سى» فى عرض تقارير المنظمات الحقوقية المسيئة لمصر، وخاصة منظمة العفو الدولية، مع مراعاة تناول التقارير بصورة تروج لتغطيتها غير المهنية المعتادة للشأن المصري، عبر وصفها «اررهابيين» و»مثيرى الشغب» ب«المعارضين» و«الإسلاميين» و«الحقوقيين»، مع التلويح لتعمد السلطات المصرية تعذيبهم وإساءة معاملتهم خلال فترات احتجازهم بالسجون، دون عرض أى تقارير صادرة عن منظمات حقوقية أخرى تنفى تلك المزاعم، أو تعرض الحقائق، وفى مقدمتها المجلس القومى لحقوق الإنسان، والذى يضم شخصيات معارضة للحكومة المصرية. وتتبع الوسائل الإعلامية الأربع فى عرض هذه التقارير نفس نهج المنظمات الحقوقية فى اجتزاء الحقائق وتشويه المعلومات، مثل القول بأن شخصية ما تعرضت للاعتقال أو صدر ضدها حكم بدعوى «انتقاد الرئيس»، دون الإشارة إلى تهمته الحقيقية مثل السب والقذف أو التحريض على العنف أو دعم وتمويل جماعة إرهابية. حدث ذلك مثلا فى تقرير بثته وكالة «رويترز» يوم 11 مايو 2018 بعنوان «منظمة العفو الدولية : اعتقال ناشطة بعد نشرها مقطع فيديو ينتقد الحكومة المصرية»، حول الناشطة المنتمية إلى حركة 6 أبريل المحظورة التى وجهت فيها عبارات السب والقذف النابية لموظفى أحد البنوك وللدولة المصرية ومؤسساتها، فى حين قالت رويترز على لسان العفو الدولية إنها تعرضت للاعتقال بعد نشرها مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعى «تنتقد» فيه الحكومة لعدم حمايتها السيدات من التحرش وسوء أوضاع المعيشة، وقد شاهد المصريون جميعا هذا الفيديو، ويستطيعون بالتأكيد الحكم على طبيعة التهم الموجهة إلى الناشطة المذكورة. وحدث ذلك أيضا فى تقرير وكالة «أسوشيتدبرس» بتاريخ 7 مايو 2018 بعنوان «العفو الدولية : مصر تستخدم الحبس الانفرادى أداة للتعذيب» حول مزاعم بأن مصر تحتجز سجناء سياسيين فى الحبس الانفرادى لمدد طويلة ولأجل غير مسمى، مما يعادل شكلا من أشكال التعذيب، فضلا عن تعرض هؤلاء المحتجزين إلى «إساءة معاملة بدنية مروعة»، مما يتسبب فى «نوبات ذعر وبارانويا وفرص حساسية للمحفزات وصعوبات فى التركيز والتذكر»، بحسب تعبير الوكالة والمنظمة!! والغريب أن المنظمة اعترفت بأن مصر ردت على تقريرها ببيان من 14 صفحة نفت خلاله استخدام الحبس الانفرادى المطول على نطاق واسع، ومع ذلك أصرت المنظمة على عدم اعترافها بالرد المصري، زاعمة أنه غير كاف، رغم أنه يفترض أن تكون البينة على من ادعى، وليس العكس! وبتاريخ 11 مايو أيضا، تناولت سى إن إن موضوع الناشطة نفسها، وموضوع الحبس الانفرادى والتعذيب أيضا، دون الإشارة إلى أى رد رسمى من جانب السلطات المصرية، وكأن الأكاذيب التى تروجها المنظمات الحقوقية الدولية المدفوعة من جهات معروفة التوجهات هى الحقيقة المطلقة التى لا تجوز مناقشتها! واتبعت بى بى سى النهج نفسه فى تضخيم تقارير المنظمات الحقوقية، مثل تقريرها بتاريخ 7 مايو 2018 بعنوان «غضب بعد القبض على مدون ساخر فى مصر» حول انتقادات مواقع التواصل الاجتماعى لاعتقال المدون الساخر شادى أبوزيد، ومثل تقرير آخر بعنوان «مصر .. المحتويات الساخرة تحت المجهر» بتاريخ 8 مايو حول ملابسات ضبط المذكور نفسه، مع عرض تصريحات لشقيقته، ولا أحد يعرف كيف قاست «البى بى سى» حجم غضب المصريين إزاء اعتقال الناشط المذكور، ومن أين أتت بفكرة أن المحتويات تتمتع بحرية مطلقة ولا تجوز محاسبة أصحابها ولا مسائلتهم، ولا يجب أن تخضع للقانون المصري. أما أطرف تقرير بثته بى بى سى فى هذا السياق فكان بتاريخ 11 مايو بعنوان «لم يترك مرضاه فعوقب بالطرد والحبس فى مصر»، حول حملة تضامن - لا أحد يعرف حجمها ولا طريقة قياسها - مع طبيب يدعى محمد حسن عبر مواقع التواصل الاجتماعى فى مصر إثر اتهامه بعرقلة عمل النيابة العامة وصدور حكم بحبسه فى ظل تأخره بسبب ضغوط العمل فى تلبية استدعاء وكيل النيابة له للحصول على مساعدته فى قضية يحقق فيها، دون أن يوضح لنا أحد عقوبة الامتناع عن المثول أمام النيابة فى قضية فى أى دولة أخرى، وكأننا نتحدث عن دولة ليس فيها سلطات ولا نيابة ولا قضاء، وتديرها السوشيال ميديا!