* أولياء الأمور: موظفو «التعليم» أخبرونا: «آخركم معاهد أو جامعات خاصة»! * الدولة تتوسع فى تراخيص المدارس الدولية وتسعى لتطوير تعليمها المحلى ليضاهى الدولى ومع ذلك تحارب أبناءنا! * أمين «الأعلى للجامعات»: الملف قيد الدراسة لحين البت فى الشكاوى.. ونظام العام الماضى مستمر
«لا تعايرنى ولا أعايرك.. الهم طايلنى وطايلك».. هذا هو لسان حال أولياء الأمور الذين اختاروا أن يلحقوا أبناءهم بنظام الثانوية الأمريكية،أملا فى تعليم أبنائهم تعليما جيدا بعيدا عن الحفظ والتلقين، على أن يلتحقوا بالجامعات المصرية حكومية كانت أم خاصة وفقا لنسبة ثابتة محددة لحملة الشهادات الأجنبية وهى 5%، إلا أنه فى السنوات الثلاث الاخيرة، واجه الأهالى مشاكل جديدة، كان على رأسها رفع الحد الأدنى لقبول أبنائهم فى الجامعات المصرية، واشتراط الحصول على 65,6% فى امتحان الدبلومة (سات1) بدلا من 60%، وهو فارق كبير فى ظل نظام تعليمى لا يعتمد على منهج محدد وإنما يقوم بالأساس على اختبار مهارات وقدرات الطالب على الفهم والاستيعاب. المشكلة نشأت بالأساس بعد أن قامت الجهة المانحة للدبلومة بتغيير المجموع الكلى لدرجات امتحان السات من 2400 الى 1600، وأصدرت جداول استرشادية توضح ما يعادل كل مجموع فى النظامين الجديد والقديم، وبدلا من أن يلتزم المجلس الأعلى للجامعات بنسبة 60% كحد أدنى للقبول فى الجامعات وهو ماكان يعادل مجموع 1440 من 2400، جعلت الحد الأدنى هو الحصول على 1050 درجة من 1600 على اعتبار أن هذا المجموع هو ما يعادل المجموع القديم فى الجدول، متجاهلة أنه يعادل نسبة 65,6% لا 60% كما هو مبين فى كتاب التنسيق. المشكلة الثانية تتعلق بقرار المجلس الأعلى للجامعات رقم 238 والذى صدر فى عام 2015،والذى سيطبق على الدفعة المتقدمة للتنسيق عام 2019،بعد تأجيله بناء على مئات الشكاوى الواردة من الأهالي. مشكلة هذا القرار تتمثل فى إلغاء حافز التفوق بنسبة 15% لمن كان يحصل فى امتحان السات على 1490 درجة فأكثر( وفى الجدول الجديد 1090 درجة فأكثر)، كما سيتم إلغاء النسبة الثابتة لمقاعد حملة الشهادات الاجنبية فى الجامعات الحكومية، لتكون «نسبة مرنة» وفقا لظروف كل عام وعدد المتقدمين به. لسنا من الأثرياء! «الأهرام» استمعت لصرخات أولياء الامور واستغاثاتهم، فتحكى شهدان محمد قائلة: «لدى ولدان «توأم» حولتهما من المدارس المصرية الى الدبلومة الامريكية فى الصف العاشر «بداية المرحلة الثانوية» وذلك فى العام الدراسى 2016- 2017 ومن المفترض انه يطبق عليهما النظام الجديد دون الالتزام بأى جداول تتعلق بالتحويل من النظام القديم الى الجديد.و منذ بداية إلحاقى لابنى بالمدرسة سألنا عن الحد الأدنى المطلوب تحصيله فى امتحان «سات1» (وهو امتحان الدبلومة فى مادتين هما الرياضة واللغة الانجليزية) فقيل لنا 60% لمن يرغب فى الالتحاق بالجامعات الحكومية و50% لمن يرغب فى الالتحاق بالجامعات الخاصة، وبناء على ذلك بدأنا المشوار، ولى ابنان الآن فى الصف الثانى عشر - ما يعادل ثانوية عامة - ويرغب أحدهما فى الالتحاق بالكلية الفنية العسكرية، أما الثانى فيرغب فى دخول كلية الفنون الجميلة، أى انهما سيخضعان أيضا لامتحان سات 2 الذى يخضع له الطلبة الذين يرغبون فى الالتحاق بكليات بها دراسة علمية. المشكلة الآن أنه من المفترض أن يكون المجموع الاعتبارى ويشمل (أعمال السنة+ سات1+سات 2) ما يعادل 90% للكليات العلمية كحد أدنى و80%للكليات الأدبية، وهو ما ينسف مبدأ تكافؤ الفرص وعدم المساواة بين طلبة الشهادات الاجنبية والمصرية، رغم أن كليهما يحمل الجنسية المصرية». وتتابع: «قيل لنا أيضا أن على الطالب الذى يدخل امتحان «سات2» أن يحصل كحد ادنى على 1100 درجة من 1600، ثم فوجئنا أنهم رفعوا الحد الادنى الى 1170، رغم ان الجهة المانحة لم تصدر أى جداول جديدة لامتحان سات2، فمن الذى يقرر هذه التغييرات، وهل يفاجأ الطالب بمصيره أمام شباك التنسيق؟!. وتكشف شهدان عن أن نظرة موظفى وزارتى التعليم والتعليم العالى توحى لهم بعدم التعاطف، فتقول: «الانطباع السائد هو اننا من الأثرياء الذين لا يحق لنا تعليم أبنائنا فى الجامعات الحكومية، وهذا الأمر غير صحيح على إطلاقه، فمثلما توجد مدارس تمنح الدبلومة الامريكية بمصروفات تصل الى 150 ألف جنيه، هناك مدارس أخرى تمنحها بأربعين ألفا، وقد اضطر كثير من اولياء الأمور لبيع ممتلكات خاصة للإنفاق على تعليم ابنائهم، لكن يبدو أن النتيجة واحدة، بل على العكس فنحن متضررون بشكل كبير بسبب عدم ترحيب الدولة بأبنائنا، وقيل لنا من بعض الموظفين: «انتوا آخركم معاهد أو جامعات خاصة». وتتساءل شهدان: «لماذا إذن تتوسع الدولة فى انشاء المدارس الدولية اذا كانت لا ترحب بخريجيها، فحتى الآن توجد 105 مدارس تمنح الدبلومة الامريكية، وتتضمن الدفعة نحو 30 الف طالب سنويا على مستوى الجمهورية، ولو حصل ابنى مثلا على مجموع اعتباري (أعمال السنة + امتحان السات) بنسبة 85% فلن يتمكن حتى من الالتحاق بكلية حدها الأدنى 60% للطالب الحاصل على شهادة مصرية». رشا بحيرى لديها ابن فى الثانوية العامة هى الأخرى ومتضرر من رفع الحد الادنى للقبول فى التنسيق والذى بدأ تطبيقه منذ العام الماضى فتقول: «من المفترض أن يكون الحد الادنى للقبول فى الجامعات الحكومية حصول الطالب فى امتحان سات 1 على 960 درجة من 1600، الا انه تم رفعها 90 درجة لتصبح 1050 من 1600، وهو ارتفاع كبير ومخالف لما ورد فى كتيب التنسيق. المشكلة الثانية كما تقول رشا هى قرار 238 وتضمن الغاء حافز التفوق وتطبيق النسبة المرنة، وهو ما يعنى ضآلة فرصهم فى العثور على مكان فى الجامعات الحكومية، خاصة أنهم يتقدمون للتنسيق فى المرحلة الثالثة، فهل سيتم حجز أماكن لهم من البداية قبل معرفة عددهم ورغباتهم؟!. لا مفر من الجامعات الخاصة جيرمين المأمون لديها ابنة فى الصف العاشر حاليا وستطبق عليها أيضا المادة 238، وتتعجب من أسلوب التعامل مع خريجى الدبلومة الامريكية فى مصر، فتقول: «فى الخارج من يحصل على مجموع 1200 من 1600 فى امتحان سات1 يعتبرونه من «العباقرة» وتتهافت عليه الجامعات من خلال المنح المجانية، أما فى مصر فمن يحصل على مجموع 1050 يرحبون به بالكاد للالتحاق بالجامعات الحكومية، وربما لا يجد مكانا بها أيضا، وتشير جيرمين هى الأخرى لفكرة التعامل معهم كأصحاب «مال وفير»، وبالتالى دفعهم قسرا لإلحاق أبنائهم بجامعات خاصة أو بجامعات خارج مصر، وهو ما تعتبره فهما مغلوطا، وتقول: «معظمنا من الطبقة المتوسطة التى لا تهتم سوى بتعليم ابنائها تعليما جيدا، لانه استثمارنا الوحيد، وفى سبيل ذلك نتخلى عن الكثير من متطلبات الحياة. الامر الثانى اذا كانت وزارة التعليم تسعى لتطوير نظام التعليم المصرى الحالى ليكون قائما على اكتساب مهارات البحث والتعلم الذاتى تماما كما فى الشهادات الأجنبية، فلماذا إذن يحاربون ابناءنا ويضيقون عليهم، خاصة أن الجامعات فى مصر تتباهى دائما بأن لديها طلبة يحملون شهادات ثانوية أجنبية، بل إن اعلانات الوظائف فى الصحف تعطى الاولوية لحاملى الشهادات الأجنبية، فلماذا بعد هذا كله يعذب أبناؤنا فى رحلة الالتحاق بالكلية التى يرغبونها، ويتركوننا فى قبضة الجامعات الخاصة التى لا هم لها سوى الربح بعيدا عن تحقيق مستوى تعليمى متميز؟! منى عبد الهادى لديها أربعة أبناء، ثلاثة منهم تخرجوا من الثانوية الامريكية والتحقوا بالجامعات بلا مشاكل، أما الابن الاخير فهو حاليا فى الصف الحادى عشر وهو أول دفعة سيطبق عليها القرار 238 وتتساءل: لماذا يتم إلغاء حافز التفوق رغم أنه مؤثر جدا فى رفع مجموع الطالب، وتتعجب من طريقة حساب الأرقام فى مصر، فتقول: «حتى يتمكن طالب السات من دخول الجامعات المصرية عليه أن يحصل على حد أدنى 1050 من 1600 للحكومية و800 للخاصة، رغم أن أغلب الطلاب لا يحصلون سوى على درجات تتراوح بين 800 و900 ونسبة قليلة هى التى تصل الى ألف وما بعدها، وأكثر الطلاب تفوقا فى مصر يحصل على 1300، أى ما يعادل نسبة 75%، أما أعلى مجموع حصل عليه طالب فى العالم وكرمته الجهة المانحة للدبلومة الأمريكية فكان 1400، فى حين تجعل الحكومة المصرية الحد الادنى لقبول طالب الدبلومة الامريكية فى الجامعة 1050، هذا اذا تمكن من العثور على مقعد فى كلية متوسطة وليست كلية «قمة»، بل ربما لا يجد مقعدا فارغا سوى فى أحد المعاهد». وتتساءل منى أيضا: «ما الهدف من القرار 238 سوى اغلاق الطريق أمام طلبة الشهادة الامريكية ومنعهم من دخول الجامعات الحكومية؟!». دعاوى قضائية أحمد بدر المتخصص فى شئون التعليم ومحامى عدد من أولياء الأمور المتضررين، أوضح ان الجهة المانحة اعتمدت نظاما جديدا لامتحانات السات، ليكون المجموع النهائى من 1600 درجة بدلا من 2400، ونظرا لان هناك من كان قد اجتاز امتحانات على النظام القديم (للطالب أربع محاولات)، فقد أصدرت جداول استرشادية للتحويل من القديم الى الجديد، فجاء فى الجدول ان مجموع 1440 فى القديم (وهو الحد الأدنى لقبول التنسيق فى الجامعات المصرية) يعادل 1050 فى النظام الجديد، فما كان من التنسيق إلا أن اعتبر هذا هو الحد الأدنى للقبول فى الجامعات، رغم أن المجموع الأول نسبته 60% أما الثانى 65% وكان من المفترض أن يلتزم المجلس الأعلى للجامعات بنسبة 60% كحد أدنى للقبول وهو ما يعادل 960 درجة، فالجهة المانحة فى النهاية ليست جهة تنسيق، وأضاف بدر: «هذا التغيير أخل بمبدأ تكافؤ الفرص ممن تم قبولهم بحد أدنى 60% ومن لحق بهم بحد أدنى أعلي.الامر الثانى هو أن هذه الجداول الاسترشادية كان معمولا بها لفترة عامين فقط حتى يتخرج الطلبة الذين اجتازوا امتحان السات القديم، وآخر دفعة قديمة دخلت الجامعات العام الماضي، وانتهى أمرها». ويشير بدر الى أن مصر هى البلد الوحيد الذى يضع حدا أدنى للطالب الحاصل على الدبلومة الامريكية عند التحاقه بالجامعات المصرية، بينما يمكنه الالتحاق بأى جامعة فى الخارج دون حد أدنى بمجرد اجتيازه امتحان السات. بدر أقام منذ ستة أشهر عددا من الدعاوى القضائية للطعن على قرار 238 ووقف تنفيذه، وهى منظورة حتى الآن أمام القضاء الإداري. وعد بالحل على الجانب الآخر تواصلنا مع د.يوسف راشد-الأمين العام للمجلس الأعلى للجامعات- والذى كشف لنا صراحة عن أنه لم ينظر بعد فى ملف الدبلومة الأمريكية،ويفضل عدم الإدلاء بأى تصريح حتى يطلع على الملف بكل تفاصيله، لكن مبدئيا سيتم الاستمرار على ما هو عليه بالنسبة للمتقدمين للتنسيق فى العام الجامعى 2018-2019، من ناحيته أقر سيد عطا رئيس قطاع التعليم والمشرف على التنسيق بوزارة التعليم العالى والبحث العلمي، بأن عددا من أولياء أمور طلاب الشهادة الامريكية تقدموا بالفعل بالتماس الى المجلس الأعلى يتضمن اعتراضاتهم وطلباتهم، لكن لم يتم البت فيه حتى الآن، ووعد بأنه سيتم النظر فيها، مشيرا الى أنه لايملك الحق فى تعديل أى قرار سابق، وانما لابد من صدور قرار جديد من المجلس.