لا شك أن مدارس الأحد التى أنشئت منذ مائة عام قد أثرت إيجابيا فى الكنيسة، وفى المجتمع كله بصفة عامة، وهذه المنظومة التعليمية التى اهتمت بتعليم النشء قادت إلى التنمية الشاملة فى مجالات عديدة، ولأن هذه الخدمة فى الكنيسة القبطية بدأت بمبادرات خاصة من شباب الأقباط قبل أن تحتضنها الكنيسة وقادتها بعد ذلك، فقد أثرت فى فكر ووجدان الشباب بصورة غير مسبوقة، وهنا نعرض بعض نماذج التنمية التى قادتها مدارس الأحد ونتجت عنها كثمار لخدمتها وهى: أولا: تنمية الفكر: من المشاهد أن قادة مدارس الأحد كانوا من الجامعيين الناجحين فى دراستهم وأعمالهم، وهو ما أعطى نموذجاً وقدوة بل وغيرة إيجابية بين الأطفال والشباب من المخدومين فى مدارس الأحد، ليسيروا على نفس النهج، ولذلك سعت الكنيسة دائما على تشجيع التعليم، وإنشاء المدارس، والصرف الجيد على التعليم كوسيلة لتقدم المجتمع، فى وقت شح فيه التعليم، وساد الجهل والأمية. ثانيا: تنمية العمل والإبداع: نتيجة لتنمية الفكر فقد أبدع خريجو وخدام (مدرسو) مدارس الأحد فى أفكارهم، وكان إبداعهم فى مختلف الاتجاهات لتنمية المواهب التى أعطاها الله لكل إنسان، وقد سعت الكنيسة نحو استثمار هذه المواهب المختلفة العقلية والفنية وتنميتها، كما سعت إلى توظيف هذه الطاقات لخدمة وتقدم المجتمع، وصار من هؤلاء الخريجين قادة فى العلم والمجتمع وفى الكنيسة ذاتها، كما انعكست جدية رواد مدارس الأحد فى حياتهم وخدمتهم على جديتهم فى العمل ، مع تحمل المسئولية بجدية فى الأسرة والمجتمع، وقدموا نماذج رائعة فى كل مجالات العمل الوطنى والاجتماعى. ثالثا: تنمية الشخصية: نمو الشخصية الإنسانية ينبع من عمق وسلامة المعلومات التى تودع فى الإنسان فى حياته ، وخصوصا فى فترة طفولته، وهو ما قامت به مدارس الأحد التى قامت على التعليم الدينى والثقافى، وعلى سبيل المثال فالنظم الإدارية التى قامت عليها منظومة مدارس الأحد، أودعت فى فكر وشخصية المتلقى قيم التفكير المنطقى، والحياتى وتنظيم الوقت واحترام الكبير وحب الوطن، وسعت مدارس الأحد منذ تأسيسها إلى تنمية الإنسان – كل إنسان وكل الإنسان- مما يؤدى إلى نضوج الشخصية ونموها المستمر. رابعا: تنمية العبادة والعلاقة مع الله: كان لمدارس الأحد دور كبير فى تنمية روح العبادة وتنقيتها من الشوائب التى لحقت بها فى سنوات الضعف، مثل الخزعبلات الدينية والممارسات غير الروحية والتواكل المرضى غير المثمر، وقد أثمرت منظومة مدارس الأحد دراسات عميقة فى الشرح المنضبط والمستنير والمنفتح لآيات الكتاب المقدس، وتراث الكنيسة القديم الذى قدمته بروح العصر الجديد، وأدى ذلك إلى نمو الكنيسة فكرياً ونهضتها كقادة وإدارة وأشخاص ليدخلوا بها إلى العصر الحديث بمشكلاته وتحدياته.