على عكس ماطالبنا به قبل أسبوعين فى هذا المكان بأن تخرج الحكومة لتبشر المصريين وتهدئ من روعهم بخبر سار عن تأجيل وليس إلغاء حزمة الإجراءات الإقتصادية المنتظرة نهاية يونيو القادم,نجد وزيرى الكهرباء والبترول يطلان علينا بتلك الابتسامة المعتادة التى تشى بما سيتلوها من أخبار مزعجة، ليبشرا من نسى أو تناسى أن رفع أسعار الكهرباء والوقود بات قريبا! الحكومة تتعامل بجدية واحترافية,لاتقف كثيرا عند منطقة التعاطف لأن برنامج الإصلاح الإقتصادى الصارم الذى تنتهجه منذ نوفمبر 2016 لايرحم ويعتبر الأساس الصلد الذى يعتمد عليه البناء للمستقبل، وبالتالى ليس بالإمكان التريث أو حتى ترك الناس ليعيشوا أجواء مشاعر روحانية استقبالا لشهر الصوم بما يحمله من أعباء ومصروفات زائدة بسبب سلوكيات استهلاكية لا تتناسب وجلال المناسبة. لكن يبقى السؤال الذى يتردد على ألسنة معظم المواطنين الذين يئنون تحت وطأة قطار الإصلاح، لماذا لاتهدأ عجلات القطار قليلا مادام برنامج الإصلاح يحقق النجاح ويتلقى شهادات دولية بذلك؟ ولماذا لا ننظر إلى تجارب دول مجاورة تجمعنا بها آليات اقتصادية متشابهة وظروف سياسية متقاربة؟فالمغرب مثلا التى تنفرد باستقلالية التجربة السياسية,واتضح ذلك فى قدرتها على الاحتواء السريع لرياح الربيع العربي، احتفظت أيضا باستقلالية التجربة الإصلاحية الإقتصادية تحت شعار (الإصلاح فى ظل الاستقرار)، وهو منهج متأن فى الإصلاح بغية التخفيف من آثاره على الطبقة الفقيرة. بعض الاقتصاديين يتحدثون عن اختلافات بين التجربتين تؤدى إلى اختلافات فى تطبيق الإصلاح,بزعم أن الظروف السياسية فى مصر (اندلاع ثورتين) وما اعترى تلك الفترة من تأثر للصادرات وتراجع للاحتياطى من العملة الصعبة وتدهور السياحة، شكلت الفارق الأهم بين التجربتين فى الإصلاح ولذلك فإن مصر كانت مضطرة للجوء للتعويم المباشر، بينما فضلت المغرب تعويما متدرجا يمتد لنحو 15 عاما. اقتصاديا.. ربما لم يكن التعويم المتدرج للجنيه ملائما للتخفيف من آلام الإصلاحات، لأن سعر الصرف وقتها ربما كان سيقفز بصورة أكبرخاصة وأن قرار التعويم تأخر نحو 10 سنوات، لكن ما قول خبرائنا عن تصدر المغرب لقائمة الأعلى جذبا للاستثمارات فى إفريقيا متخطية مصر لأسباب أهمها التجربة الإصلاحية المتأنية للأولي؟