قديما كانت الوصية الأشهر من الأم لابنتها العروس: الطريق لقلب زوجك معدته. أما أهلنا فى مركز قويسنا بالمنوفية فقد كانت حيلتهم مع الوفد الأمريكى المراقب للانتخابات الرئاسية الأخيرة فى مصر، هى مائدة عامرة بمأكولات الريف الشهية، الفطير المشلتت والجبنة القديمة والعسل، و(الحبس بالشاى والمعسل)، و(الهضم بالرقص بالعصى على المزمار البلدي). ربما لست ممن يلتفتون كثيرا للخارج ترقبا للرأى الدولى فى قضايانا أو لنيل صك القبول لتوجهاتنا السياسية، لإيمانى الشديد بأن الممارسة الديمقراطية الحقيقية لاتحتاج لتأشيرة خارجية، لذلك اعتبرت الحفاوة التى استقبلنا بها المراقبين الأمريكيين وغيرهم هى مجرد تكريم لضيوف خاصة ان تاريخنا الطويل مع أمريكا ينحاز لحقيقة أن لديها نهما لاينقطع للسيطرة وفرض الديمقراطية على طريقتها (المتلونة) يفوق نهم أعضاء وفدها الزائر للفطير المشلتت والمعسل ! ولا أعتقد أن التقرير النهائى للوفد الأمريكى عن تقييم الانتخابات الرئاسية المصرية يهمنا كثيرا خاصة اننا معتادون على التقلبات الأمريكية فى توجهاتها حسب سير مصالحها العليا دون الالتفات كثيرا لمصالح الآخرين، ولعل مباركة واشنطن لاتهامات (هيومان رايتس ووتش)ومن قبلها تقرير الخارجية الأمريكية حول أوضاع حقوق الإنسان فى مصر بشكل يجافى التصريحات المعلنة للبيت الأبيض حول الشراكة الاستراتيجية مع مصر، لهو أكبر دليل على الازدواجية الأمريكية. وأرى أن الأهم من الالتفات لرأى الخارج فى تجربتنا الديمقراطية، هو أن نقوم بتقييم ذاتى للعملية الانتخابية وما صاحبها من زخم شعبى وجدل حول حتمية المشاركة رغم حسمها مبكرا للرئيس السيسي، ومدى نجاح التغطية الإعلامية فى دفع المترددين للنزول للمشاركة الإيجابية. ولا مفر من احتواء المترددين والتوقف عن ملاحقتهم باتهامات الخيانة والتآمر لأن معظم هؤلاء يؤمنون بالدولة الوطنية والنظام الجمهورى والدستور ومن الظلم جمعهم فى سلة واحدة مع المتربصين بالوطن، لأن الفترة القادمة تحتاج لنقاش مجتمعى جاد يجمع الوطنيين على اختلاف آرائهم حول الهدف القومى للمرحلة وهى (معركة التنمية) التى تتطلب إعلاما وطنيا محترفا ينبذ الأصوات الزاعقة التى تبايع كل عصر !