خبر قرأته فى إحدى الصحف: «أجهزة سيادية تراجع القوائم الانتخابية للأحزاب واعتراضات أمنية على بعض الأسماء»، ربما لم نكن لنسعد بمثل هذا الخبر فى فترة ماقبل ثورة يناير، حيث كانت النبرة السائدة آنذاك أن حرية الترشح والانتخاب من الحريات الرئيسية التى يحرم تدخل الدولة لحرمان مواطن منها. العكس يسود الآن، فلا تزال تحكمنا أجواء التخوين والإقصاء التى واكبت ثورة يناير، وأصبح الشعب يمارس بنفسه ماكانت تفعله أنظمة ماقبل الثورة برفض أسماء مرشحة للبرلمان القادم لمجرد الشبهات.ولن تجد الكثير من أفراد الشعب متحمسين للانتخابات البرلمانية ولسان حالهم «اتركوا الرئيس يعمل نحن بحاجة للمشروعات الكبيرة أكثر من شىء آخر»! بالطبع لهؤلاء بعض العذر وهم لا يلومون الآن سياسيين سابقين واجهوا المصريين بحقيقة أنهم شعب غير مؤهل للديمقراطية.فتداعيات ثورة يناير وأجواؤها التى كانت ملبدة باتهامات العمالة وممارسات الإقصاء وولاء بعض نخبها السياسية لأجندات خارجية ثم وقوع أغلبية الناخبين فى براثن آلة دعاية إخوانية متلونة أفضت إلى تسليم البرلمان للإسلاميين وانفراد الإخوان بالرئاسة،جلّ تلك الوقائع التى كان يفترض أنها استحقاقات ديمقراطية لناخب يمارس حقه كادت تضيع البلد وتلحقه بطابور البلدان الفاشلة، لهذا معظمنا الآن يقول: بلاها سياسة ووجع دماغ وخلينا مع الرئيس. أنا أتعاطف مع تلك الآراء وخاصة فى ظل حياة حزبية متعثرة تجد فيها ضجيجا بلا طحين، وأتحدى من يجاهر بالقول إنه استقر على حزب أو تحالف سيدعمه فى الانتخابات، فالصورة شديدة الضبابية والأحزاب نفسها وراء الحيرة بمعاركها اليومية التى لا تنتهى ولا تنبئ عن نخب سياسية قادرة على مراقبة السلطة التنفيذية. لعبة القط والفار دائرة مع فلول الإخوان الذين يحاولون الولوج إلى البرلمان، وجوه كريهة تحاول العودة لإحياء فسادها عبر صناديق الاقتراع، المشتاقون للحصانة تطاحنوا أمام اللجان الانتخابية حتى يلحقوا بما تبقى من التورتة وآخر ما يفكرون فيه مصلحة الناخب،أسماء منهم وقعت فى قبضة الأجهزة الرقابية وآخرون ينتظرون نفس المصير،فهل بعد ذلك نجد الترحيب اللائق ببرلمان قادم بعد ثورتين!