يظن البعض أن الكتابة للطفل حديثة، ولكن الحقيقة أنها قديمة مع اختلاف الأدوات وانتقالها من الشفاهية إلى الحجر المسنون، ثم البرديات حتى الوصول الي أزرار الكيبورد. والحقيقة أن الكتابة للطفل لها الكثير من المدخلات، ولها وصف محدد في كل العالم إلا العالم العربي، فرغم أن الغرب هو صانع التكنولوجيا، إلا أن الغرب يقرأ، ويحرص على أن يعتاد الطفل القراءة، فالطفل هناك يذهب إلى سريره لينام فى الساعة الثامنة مساء، ولا ينام قبل أن يستمع إلى قصة تقرأها له أمه أو والده بدءا من عمر عام واحد، لتحفيز خياله وشحذ تفكيره، وإعداده تربويا من خلال المحاكاة، ومن إعجابه بأبطال الحكايات وحقنها بالقيم التربوية المطلوب سوقها إليه. ونمتلك أحد نجوم الكتابة للطفل منذ بواكير أدباء الكتابة للطفل وهو الكاتب الكبير يعقوب الشاروني، رائد جيل انبثق من حكايات العالم الشعبية، وهو الجيل الرائع الذي اشتبك مع ما يسمى بحكايات الشعوب مثل قصص (عقلة الإصبع- وفتاة الثلج- وذات الرداء الأحمر)، بينما تبعه جيل تلقف ما صنعه الجيل الأول كامل كيلانى، محمد أحمد برانق، أحمد نجيب، وغيرهم، وضع قواميس عبر ترجمة ما يسمى ثراء اللغة العربية، أما الجيل الثالث فيحاول خلق قاموس جديد ليناسب الجيل الذي يستخدم أزراز الكيبورد. ويجب أن نذكر أن التاريخ الحديث للكتابة للطفل بدأ بالرائد كامل الكيلاني، والذي طبع ونشر ما يزيد على 150 قصة، حيث اعتمد على الأساطير في كتاباته باعتبار أن الأسطورة هي أكثر ما يؤثر في الطفل، وهو التأثير الذي ما زال مستمرًا حتى الآن. وهذا الجيل كان يأخذ التراث ويصلح بعض التعبيرات اللغوية به، ولم يغير في جوهر القصص القديمة وذلك فيما قبل 1920، وعلينا أن ندرك أن عوامل النشر القوية المؤثرة في الطفل أهمها المؤلف والرسام ومحتوى الكتاب، الذي يجذب الطفل لقراءته، لذلك ليس من الحصافة أو رعاية الجانب التربوى إيجاد أي نوع من العنف في كتب الأطفال. ويرى كثير من كتاب الطفل المميزين، ضرورة تمتع كاتب الطفل بمقومات معينة، فيجب أن يكون بداخل الكاتب طفل، بمعنى أن يندهش لأشياء لا تدهش الإنسان العادي، فالمحفز له في الكتابة هو الطفل نفسه، ويهتم بما يشغله والتساؤلات والأخطار التي تحيط به.
وهناك ابتكاريات لدى الموهوبين من كتاب الطفل أو الحكائين لقصصه فيما يسمى بالكتاب المسموع مثل الفنانة الحكاءة سماح أبو بكر عزت، حيث تصف تجربتها وما ابتكرته، حيث تختم بجملتها الكاشفة: "بعد النهاية تبدأ الحكاية"، حيث تطلب من الأطفال إعادة كتابة القصص مرة أخرى لإلهاب خيال الأطفال وتطويره. لمزيد من مقالات ياسر عبيدو;