* مطلوب بروتوكول بين الأوقاف والأزهر الشريف وبين الجامعات والمدارس، لغرس الوازع الدينى لدى الشباب * الهوس الاستعراضى وغياب رقابة الأسرة والمدرسة من أسباب المشكلة قامت الدنيا ولم تقعد بمجرد أن تداول عدد من نشطاء الفيس بوك فيديو يصور حفل خطوبة في حرم جامعي، ظهر فيه طالب يتقدم لزميلته بإحدى الجامعات الحكومية حاملا بين يديه باقة من الورود، وعلبة صغيرة بداخلها خاتم «الخطوبة» وقد زُينت حديقة الكلية بالورود والبالونات بمساعدة أصدقاء الشاب لتحضير مفاجأة للفتاة، التي عبرت عن سعادتها بهذه المفاجأة بالبكاء بحرارة وسط تصفيق وتهليل زملائهما، وإلقاء الورود عليهما تعبيرًا عن الفرحة العارمة وسط تلك الجموع التى حضرت الأمر الذى وصفه الكثيرون على السوشيال ميدي ب»الاحتفال العبثى» الذي تم فى ظل غياب الأسرتين. هذا الفيديو انتشر بسرعة كبيرة وسط انتقادات لاذعة من الكثير من رواد التواصل وسخط البعض الآخر وترحاب من فريق وتحفظ لدى فريق آخر، وبين هذا وذاك ظهرت تعليقات من نوعية «دعهم وشأنهم»، وبعد أيام قليلة من تداول هذا الفيديو توالت الفيديوهات المماثلة، أحدها بجامعة إقليمية أخرى يحمل نفس المضمون بتسلسل الأحداث.. الإختلاف الوحيد هو الشخصيات والمكان، ومع التكرار مرت هذه الأفعال - الغريبة على مجتمعنا - مرور الكرام ولم ننتبه إلى خطورتها وتأثيرها على تفكير وتصرفات أبنائنا فى هذه المرحلة العمرية الخطيرة، إلى أن فوجئنا مؤخرا بتداول فيديو جديد يحمل نفس المضمون، ولكن هذه المرة أمام إحدى المدارس الثانوية، فعقب انتهاء اليوم الدراسى وانصراف الطالبات فوجئت إحداهن بانتظار فتاها والذى لا يتعدى عمره 15 عامًا بسيارة مزينة بالورود كسيارات الزفاف، أمام المارة والطالبات زميلاتها!! هنا كان يجب علينا أن ندق ناقوس الخطر ونتعرف على الأسباب والدوافع لهذه الظواهر الشاذة والغريبة عن المجتمع وطرق التصدى لها كما يراها الخبراء. فى البداية يقول الدكتور وليد هندى إستشارى الصحة النفسية أن التقاليع والعادات السلوكية الغريبة التى ظهرت لدى بعض طلاب الجامعات و المدارس فى المراحل التعليمية المتقدمة كالثانوية والإعدادية ترجع إلى طبيعة المرحلة العمرية التى يمر بها المراهق والتى يتجاهلها الوالدان عند التعامل معهم، فالطالب فى هذا السن نجد لديه اضطراب فى الهوية مع بحثه الدائم لتكوين مفهوم "الذات الإيجابى"نحو نفسه، كما يسعى دائما لإشباع حاجته إلى الانتماء الذي افتقده فى الأسرة التى غالبًا ما تجهل الأساليب التربوية فى مصاحبة المراهق واحتوائه وتدعيم ذاته من الناحية النفسية..فلا شك أن جهل الآباء بأساليب التربية المستحدثة يدفع الأبناء للتعبير عن ذواتهم والشعور بها من خلال مثل هذه السلوكيات الشاذة ، وفى ظل الانشغال الدائم نحو السعى وراء" لقمة العيش" يفتقد الأبناء لرقابة الوالدين، والبيئة التعليمية سواء فى المدارس أو الجامعات لا تعمل على إشباع الاحتياجات النفسية والاجتماعية والتربوية لدى الطالب، مثل عدم وجود أنشطة وفرق موسيقية وفنية وانحسار دور المسرح التعليمي مما جعل الطلاب يقومون بتفريغ طاقتهم فى مثل هذه التصرفات. وأرجع د. وليد هندى ما يحدث من تجاوزات فى بعض الجامعات سببه إلغاء الحرس الجامعى، وهى جريمة مجتمعية فى حق أبنائنا فقد كان له دور فى ضبط سلوكيات الطلاب وبعد إلغائه لا توجد آلية رقابية تمنع هذه السلوكيات، فضلا عن "السوشيال ميديا" التى تروج لمثل هذه الأفعال، فنجد استحسانا وقبولا لدى بعض ضعاف النفوس من أجل الحصول على كم من "اللايكات" والمشاركات..و إذا أردنا الإصلاح يجب أن يعترف الجميع بأخطائه مناشدًا الجهات المعنية بعودة الحرس الجامعى بأى صيغة مبتكرة بحيث لاتتعارض مع أحكام القضاء. الهوس الاستعراضى الدكتور سعيد صادق أستاذ علم الاجتماع السياسى يقول هؤلاء الشباب مصابون بالهوس الإستعراضى على وسائل التواصل الإجتماعى لجذب التعاطف والانتباه، وفى ظل بحثهم الدائم عن طرق جديدة فى الاستعراض يصابون بالتقليد الأعمى لبعض الثقافات الوافدة على المجتمع ، فعلى الرغم من أن المجتمع المصرى متنوع الثقافات إلا أن الفجوة متسعة بين الأجيال، مما ساعد على حدوث ثورة اجتماعية منذ سنوات قليلة ماضية، ولم ننتبه لها ألا وهى ثورة "الفيس بوك" والتى لم تكن فى الإعتبار..ولفت أستاذ علم الإجتماع الى أن صيغة النصح والإرشاد لم يعد الحل الأمثل، ولابد من إيجاد حلول مختلفة ، فالكبت والمنع سيترتب عليه نتائج أسوأ الوازع الدينى ورأى الشيخ أحمد تميم المراغى من علماء الأزهر الشريف أن السبب فى وجود مثل هذه الظواهر، هو ضعف الوازع الدينى عند هؤلاء الشباب وعدم توجيه الآباء للأبناء التوجيه الصحيح وعدم تنشئتهم على مراعاة حرمة الآخرين، وما يحدث على "السوشيال ميديا "من مهاترات بعيد كل البعد عن الدين والشريعة، مناشدًا القائمين على العملية التعليمية القيام بالتوعية الدينية الصحيحة المعتدلة، واقترح أن يكون ذلك من خلال " بروتوكول "يتم تفعيله بين وزارة الأوقاف والأزهر الشريف وبين الجامعات والمدارس، لغرس الوازع الدينى لهؤلاء الشباب وتوجيههم التوجيه الصحيح لما يحبه الله ويرضاه. المنظمات الحقوقية أشرف الفضالى خبير شئون التعليم حمل البيت المصرى مسئولية هذه السلوكيات، فانشغال الأسرة وابتعادها عن أطفالها ومتابعتهم بشكل مستمر جعل هؤلاء الشباب يلجأون لمثل هذه التصرفات، وأدان انصهار أفكار ومبادئ المنظمات الحقوقية فى المجتمع والتى وصفها بأنها حطمت قيم وعادات وتقاليد الأسرة المصرية، وأكد ضرورة على ضرورة عودة الدور التربوى لوزارة التربية والتعليم و الدور الرقابى للمعلم الذي انسحبت منه صلاحياته فى إثابة أو عقاب الطالب.