أنشأ دستور عام 2014، مركزا دستوريا جديدا للنيابة الإدارية غير مسبوق فى الدساتير المصرية، بالنص صراحة فى المادة - 197منه على «أن النيابة الإدارية هيئة قضائية مستقلة،تتولى التحقيق فى المخالفات المالية والإدارية،وكذا التى تحال إليها، ويكون لها بالنسبة لهذه المخالفات السلطات المقررة لجهة الإدارة فى توقيع الجزاءات التأديبية...» هكذا تحدث اللواء دكتور محمد العبودى الاستاذ بأكاديمية الشرطة، قائلا: لم تتحدث الدساتير السابقة عن النيابة الإدارية بصفة مستقلة وإنما تحدثت عنها تحت مسمى «الجهات القضائية» كما ورد بنص المادة -167- من دستور1971، والتى أحالت إلى القانون لتنظيم شئون هذه الجهات،كما أنه لم يسبق منحها سلطة توقيع الجزاءات. وبناء على هذا الاستحقاق الدستورى، أصدر المستشار رئيس هيئة النيابة الإدارية بتاريخ 26يوليو - 2015 القرار رقم 429 لسنة 2015، بإنشاء لجان التأديب والتظلمات، وقام وكلاء النيابة الإدارية بتطبيق هذا القرار على جميع القضايا الإدارية التى يباشرونها ،وأصدرت لجان التأديب العديد من قرارات الجزاء ضد بعض العاملين بعد انتهاء التحقيقات إلى إدانتهم، الا أن بعض هؤلاء أقاموا دعاوى أمام المحاكم التأديبية لإلغاء هذه القرارات،وبالفعل قضت جميع المحاكم لصالحهم ،واستندت فى أحكامها لبطلان إنشاء لجان التأديب بقرار رئيس هيئة النيابة الإدارية، لأنه وإن كان الدستور قد منح النيابة الإدارية سلطة توقيع الجزاءات، إلا أنه كان يجب أن ينظم القانون هذا الأمر،وهو ما لم يصدر حتى الآن، مما ترتب على هذا الوضع الشائك أمر فى غاية الخطورة،وذلك فى حالة إلغاء قرار الجزاء على النحو السابق بيانه ، فأين حق الجهة الإدارية ، وهى التى تم الاعتداء عليها بارتكاب العامل الصادر ضده قرار الجزاء أحدد المخالفات التأديبية ،وأيضا أين حق من وقع عليه الاعتداء ، وأعتقد أن هذا الأمر يحتاج لإتخاذ إجرائيين متلازمين:- الأول:البدء فى إجراءات إصدارالقانون الذى ينظم هذا الحق الدستورى للنيابة الاداربية. ثانيا : إصدار قرار من رئيس مجلس الوزراء أو رئيس الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة بتنظيم كيفية التصرف فى قرارات الجزاءات التى ألغتها المحاكم ، لأنه وإن كانت المحاكم التأديبية قد رأت عدم اختصاص لجان التأديب ؛فإن الثابت أن النيابة الإدارية قد انتهت بصفتها سلطة تحقيق» لا منازع فيها» إلى إدانة العامل ،والحكم ببطلان لجان التأديب لايعنى ضياع حق الدولة فى محاسبة من أخطأ من موظفيها.