بكام الفراخ البيضاء؟ أسعار الدواجن والبيض في الشرقية الأربعاء 8 مايو 2024    أخبار السيارات| أرخص موديل زيرو في مصر.. أول عربية من البلاستيك.. وأشياء احذر تركها في السيارة بالصيف    بعد احتلال معبر رفح الفلسطيني.. هل توافق أمريكا مبدئيًا على عملية رفح؟    الخارجية: توقيت تصعيد الجانب الإسرائيلي الأحداث في رفح الفلسطينية خطير للغاية    القنوات الناقلة لمباراة ريال مدريد وبايرن ميونخ في إياب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    المدرج نضف|«ميدو» عن عودة الجماهير: مكسب الأهلي والزمالك سيصل ل4 ملايين جنيه    اليوم.. دار الإفتاء تستطلع هلال شهر ذي القعدة    تغير يكرهه المصريين، الأرصاد تحذر من طقس اليوم حتى يوم الجمعة 10 مايو    ياسمين عبد العزيز تكشف سبب خلافها مع أحمد حلمي    مقالب بطفاية الحريق.. ياسمين عبدالعزيز تكشف موقف لها مع أحمد السقا في كواليس مسرحة «كده اوكيه» (فيديو)    حسن الرداد: مش شرط اللي دمه خفيف يعرف يقدم كوميديا وشخصيتي أقرب لها|فيديو    عاجل.. أول رد من صالح جمعة على إيقافه 6 أشهر    مكاسب الأهلي من الفوز على الاتحاد السكندري في الدوري المصري    القاهرة الإخبارية: تعرض رجل أعمال كندي يقيم بالبلاد لحادث إطلاق نار في الإسكندرية    مفيد شهاب: ما قامت به إسرائيل يخالف اتفاقية السلام وتهديد غير مباشر باستخدام القوة    وفاة شقيقين مصريين في حريق شقة بأبو حليفة الكويتية    عزت إبراهيم: تصفية الوجود الفلسطيني في الأراضي المحتلة عملية مخطط لها    عيار 21 يسجل أعلى سعر.. أسعار الذهب والسبائك اليوم بالصاغة بعد الارتفاع الأخير    البيت الأبيض يعلق على السخرية من طالبة سوداء في تظاهرات دعم غزة    توقعات الأبراج حظك اليوم الأربعاء 8 مايو.. «هدايا للثور والحب في طريق السرطان»    محمد رمضان: فرق كبير بين الفنان والنجم.. واحد صادق والتاني مادي    تليجراف: سحب لقاح أسترازينيكا لطرح منتجات محدثة تستهدف السلالات الجديدة    «إنت مبقتش حاجة كبيرة».. رسالة نارية من مجدي طلبة ل محمد عبد المنعم    نشرة التوك شو| تغيير نظام قطع الكهرباء.. وتفاصيل قانون التصالح على مخالفات البناء الجديد    واشنطن: القوات المسلحة المصرية محترفة ومسئولة ونثق في تعاملها مع الموقف    بالمفتاح المصطنع.. محاكمة تشكيل عصابي تخصص في سرقة السيارات    ياسمين عبد العزيز: محنة المرض التي تعرضت لها جعلتني أتقرب لله    شاهد.. ياسمين عبدالعزيز وإسعاد يونس تأكلان «فسيخ وبصل أخضر وحلة محشي»    ندوة "تحديات سوق العمل" تكشف عن انخفاض معدل البطالة منذ عام 2017    ماذا يحدث لجسمك عند تناول الجمبرى؟.. فوائد مذهلة    5 فئات محظورة من تناول البامية رغم فوائدها.. هل انت منهم؟    «العمل»: تمكين المرأة أهم خطط الوزارة في «الجمهورية الجديدة»    مغامرة مجنونة.. ضياء رشوان: إسرائيل لن تكون حمقاء لإضاعة 46 سنة سلام مع مصر    رئيس البورصة السابق: الاستثمار الأجنبي المباشر يتعلق بتنفيذ مشروعات في مصر    الداخلية تصدر بيانا بشأن مقتل أجنبي في الإسكندرية    قبل مواجهة الزمالك.. نهضة بركان يهزم التطواني بثلاثية في الدوري المغربي    متحدث الزمالك: هناك مفاجآت كارثية في ملف بوطيب.. ولا يمكننا الصمت على الأخطاء التحكيمية المتكررة    تحت أي مسمى.. «أوقاف الإسكندرية» تحذر من الدعوة لجمع تبرعات على منابر المساجد    عاجل - "بين استقرار وتراجع" تحديث أسعار الدواجن.. بكم الفراخ والبيض اليوم؟    فوز توجيه الصحافة بقنا بالمركز الرابع جمهورياً في "معرض صحف التربية الخاصة"    رئيس إنبي: نحن الأحق بالمشاركة في الكونفدرالية من المصري البورسعيدي    «خيمة رفيدة».. أول مستشفى ميداني في الإسلام    رئيس جامعة الإسكندرية يشهد الندوة التثقيفية عن الأمن القومي    موقع «نيوز لوك» يسلط الضوء على دور إبراهيم العرجاني وأبناء سيناء في دحر الإرهاب    كيف صنعت إسرائيل أسطورتها بعد تحطيمها في حرب 73؟.. عزت إبراهيم يوضح    بعد تصريح ياسمين عبد العزيز عن أكياس الرحم.. تعرف على أسبابها وأعراضها    أختار أمي ولا زوجي؟.. أسامة الحديدي: المقارنات تفسد العلاقات    ما هي كفارة اليمين الغموس؟.. دار الإفتاء تكشف    دعاء في جوف الليل: اللهم امنحني من سَعة القلب وإشراق الروح وقوة النفس    صدمه قطار.. إصابة شخص ونقله للمستشفى بالدقهلية    وفد قومي حقوق الإنسان يشارك في الاجتماع السنوي المؤسسات الوطنية بالأمم المتحدة    انتداب المعمل الجنائي لمعاينة حريق شقة سكنية بالعمرانية    اليوم.. دار الإفتاء تستطلع هلال شهر ذي القعدة لعام 1445 هجرية    طريقة عمل تشيز كيك البنجر والشوكولاتة في البيت.. خلي أولادك يفرحوا    الابتزاز الإلكتروني.. جريمة منفرة مجتمعيًا وعقوبتها المؤبد .. بعد تهديد دكتورة جامعية لزميلتها بصورة خاصة.. مطالبات بتغليظ العقوبة    إجازة عيد الأضحى| رسائل تهنئة بمناسبة عيد الأضحى المبارك 2024    القيادة المركزية الأمريكية والمارينز ينضمان إلى قوات خليجية في المناورات العسكرية البحرية "الغضب العارم 24"    ضمن مشروعات حياة كريمة.. محافظ قنا يفتتح وحدتى طب الاسرة بالقبيبة والكوم الأحمر بفرشوط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رؤى نقدية مواجهة الإرهاب الديني
نشر في الأهرام اليومي يوم 13 - 04 - 2018

فى شهر مايو سنة 2003، فرغت من كتابة الطبعة الأولى لكتابى «مواجهة الإرهاب: قراءة فى الأدب المعاصر»، وكانت هذه الطبعة تعتمد بالدرجة الأولى على قراءة نجيب محفوظ لكى أتتبع التحول فى تصويره للانتقال من شخصية المثقف التقليدى إلى شخصية المتطرف الدينى، فضلا عن رواية «الزلزال» للكاتب الجزائرى الطاهر وطار، وقصة قصيرة ليوسف إدريس بعنوان «أقتلها»، ورواية صغيرة لعبد الحكيم قاسم بعنوان «المهدى»، ورواية «الأفيال» لفتحى غانم، ومسرحية سعد الله ونوس «منمنمات تاريخية»، ثم قراءات سريعة فى فيلم «الإرهابى» لعادل إمام تمثيلا ولينين الرملى كتابة، ومسرحية «الزهرة والجنزير» لمحمد سلماوى، وأخيرا رواية «الشمعة والدهاليز» للكاتب الطاهر وطار الذى افتتحت الكتاب بروايته «الزلزال» التى كنت أعدها أولى الروايات العربية التى واجهت الإرهاب الدينى، وحاولت أن ترسم صورة نفسية لشخصية الأصولى بالمعنى الدينى أو الإرهابى بالمعنى السياسى. وكان صدور الكتاب سنة 2003؛ احتجاجا على الأحداث الكارثية للإرهاب باسم الدين. ولكن هذه الأحداث لم تتوقف والفجائع الدينية لم تنته، فقد توحش الإرهاب الدينى، وامتد أخطبوطه المريع حول الكرة الأرضية كلها، مؤكدا أنه قد تعولم، وأنه لم يعد أحد فى العالم كله بمنجى عن أحداثه الوحشية أو جرائمه المرعبة التى تتناقض كل التناقض والدين الإسلامى السمح الذى أصبح البشر الأبرياء يغتالون باسمه، دون فارق كبير، بين الصغار والكبار.
........................................
لقد اقترن شيوع ظاهرة الإرهاب الدينى بمجموعة من العوامل المتضافرة، أدت إلى تولدها فى زمن السادات (سبتمبر 1970 - أكتوبر 1981) وانفجارها فى آن. وأول هذه العوامل سياسى، مرتبط بما يلازم وجود الدولة التسلطية من نزوع معاد للحريات والديمقراطية فى آن، ومتحالف مع رجال الدين ومجموعات الإسلام السياسى فى الوقت نفسه؛ تحقيقا لمصالح متبادلة، وتغطية لمظاهر الفساد السياسى والاقتصادى والاجتماعى بأقنعة دينية مخايلة، تؤدى دورا إيديولوجيا فى التخييل للمواطنين بسلامة التوجه السياسى الذى يحقق دولة العلم والإيمان، أو الصورة المعاصرة للدولة البطريركية التى يقودها رب العائلة، حيث تعلو أخلاق القرية القديمة على لوازم المدينة الصناعية المحدثة، ويتم تجريف المدينة أو ترييفها لحساب هذه الأخلاق، فتشيع المحسوبية، وينحدر التعليم الحديث، وتتبادل التبعية السياسية والاتِّباع الفكرى الوضع والمكانة، وتنتشر طبائع الاستبداد فى موازاة أنواع التعصب، ويوازى شيوع نزعات التديين تدنى النظرة إلى المرأة بما يجعل منها عورة لابد من سترها أو تنقيبها، ويقابل القرب من الجماعات الدينية (سياسية الهدف، بطريركية البناء) البعد عن مؤسسات المجتمع المدنى بأهدافها التى تقترن بقيم الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.
هكذا تحول المجتمع المصرى من بنية قيم موجبة (فى مجملها رغم تحفظات غياب الديمقراطية) إلى بنية قيم سالبة مضادة، معادية لمبادئ الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة التى استبدل بها النظام الساداتى مبادئ بنية قيم بطريركية استبدادية، تتمسح بالإسلام، وتقبل أسلمة القوانين التى لا تتناقض أصلا مع مبادئ الشريعة الإسلامية. وكانت النتيجة أن أصبحت جماعات الإسلام السياسى قوة، بل قوى نزاعة إلى التعصب، ميالة إلى العنف فى التعامل مع خصومها، منتقلة من العنف اللفظى إلى العنف المادى، مستبدلة بالمجادلة بالتى هى أحسن المجادلة بالتى هى أقمع. وهو وضع يقود إلى الإرهاب الذى وقع على خصوم المتأسلمين ورموزهم أولا، وعلى المواطنين الأبرياء ثانيا. وللأسف اقترن هذا الإرهاب بتمييز دينى ضد المواطنين المسيحيين، فأصبح إرهابا ينسف مبدأ المواطنة الذى تقوم عليه دساتير مصر الحديثة، ابتداء من دستور 1923 إلى دستور 2014. وتعددت صور هذا الإرهاب الذى يؤكد معنى طائفيا، هو وصمة فى جبين الدولة الدستورية التى لا ينبغى أن تعرف التمييز بين مواطنيها. وللأسف، لا تزال تشجع على هذا الإرهاب أحكام فقهية قديمة، من قبيل أن المسلم لا يؤاخذ بدم الذمى. وهى أحكام يؤسس لها فقه قديم، لابد من تغييره، إذا أردنا بناء دولة مدنية أو وطنية حديثة، لا مكان فيها لهذا الوصف لغير المسلمين بأنهم أهل ذمة، بدل استخدام كلمة المواطنين التى تؤكد مساواتهم الكاملة بإخوانهم المسلمين فى الحقوق والواجبات التى نص عليها الدستور. ولكن جماعات الإسلام السياسى لا تعترف بالدستور والقوانين، ولا تؤمن إلا بالحاكمية لله الذى تحتكر الحديث باسمه هذه الجماعة المتأسلمة أو تلك بما تقدمه من تفسيرات أحادية الاتجاه، ضيقة الأفق، تخدم مصلحة هذه الجماعات، كأنها تشيع مبادئ التمييز فى المجتمع، فيعلو المسلم على المسيحى، والرجل على المرأة، والغنى على الفقير، والعسكرى الذى يمثل سلطة الدولة على المواطن الذى لا يملك سوى الخضوع للدولة التسلطية فى أغلب الأحوال.
وقد انبثقت ظاهرة الإرهاب الدينى فى زمن السادات نتيجة ذلك كله، واستمرت فى زمن حكم مبارك (أكتوبر1981 - فبراير2011) الذى لم يستجب إلى كل ما كتبناه عن ظاهرة الإرهاب الدينى، وكيفية مواجهتها أو علاجها علاجا جذريا. ولذلك استمرت الظاهرة التى لم تتوقف فى زمن محمد مرسى (30 يونيو 2012 - 30 يونيو 2013) إلا لتبدأ مرة أخرى، بعد تحالف جماعة الإخوان المسلمين مع غيرها من الجماعات الدينية المتطرفة التى عولمت الإرهاب الدينى، والتى أوصلتنا إلى الوضع الذى أصبحنا عليه؛ خصوصا بعد كارثة مسجد الروضة فى شمال سيناء (24 نوفمبر 2017). وهى كارثة تؤكد تفاقم الحال وتصاعدها إلى درجة مخيفة؛ فالجناة هذه المرة مسلمون يمارسون جريمتهم ضد مسلمين، نتيجة خلاف مذهبى، لكن فى بيت من بيوت الله الإسلامية، هو مسجد لا يقل قداسة عن الكنيسة، فكلها بيوت الله، وساحاتها للتسامح والتراحم لا القتل الذى يجاوز ضحاياه ثلاثمائة شخص.
والحق إنه لا يمكن مواجهة ظاهرة الإرهاب إلا على نحو جذرى، تحتل الثقافة والتعليم الأولوية المطلقة فيه، متضافرة مع غيرها من وسائل المقاومة المناقضة لكل ما أدى إلى الظاهرة من أسباب سياسية واجتماعية واقتصادية ودينية. لكن تبقى الحقيقة المؤكدة، وهى أن المبدع العربى لم يقصر فى مواجهة هذه الظاهرة، فمنذ صدور الطبعة الأولى من كتابى «مواجهة الإرهاب» سنة 2003، والمبدع العربى كالمثقف العربى المستنير- لم يتوقف عن مواجهة الإرهاب الديني؛ فقد امتدت المواجهة إلى أغلب أقطار الوطن العربى، وعيا من مبدعى هذا الوطن الممتد من المحيط إلى الخليج بضرورة محاربة الإرهاب الدينى والتصدى له، إبداعا وفكرا فى كل مجال، فالمبدعون دائما هم الذين يشعرون بالخطر قبل غيرهم، ويتصدون دائما فى شجاعة لقول كل ما لا يجرؤ غيرهم على أن يقوله؛ دفاعا عن المستقبل الواعد، ورفضا للظلم القائم، مؤمنين دائما بأنوار العقل ومبادئ الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية، فالكتابة عندهم موقف فى الحياة، ومن أجل الحياة، وضد هؤلاء الذين:
قالوا لوردة الربيع لا تفوحي
لليمامات التى على الغصون لا تبوحي
ولنجمة العشية تلفعى بالغيم، أو فاحتجبي
وأسكتوا الصبية، قالوا لها: لا تكملى الأغنية!
قالوا لنا: لا تعبدوا الله كما ترونه
بل اعبدوه مثلما نراه نحن.
إننا حجابه ونوابه فى أرضه
نحن رعاتكم هنا، وأنتم الرعية!
هذا هو منطق الإرهاب الدينى على نحو ما وصفه الشاعر الكبير أحمد عبد المعطى حجازى الذى وقف مع أقرانه المبدعين ضد كل أشكال الإرهاب الدينى، مؤكدا دائما قيمة الإنسان الحر والعقل المستنير اللذين يرفضان دائما كل أشكال القمع، بما فيها قمع الإرهاب الدينى الذى لا يزدهر إلا فى أزمنة القمع التى تستفز دائما روح المقاومة، فالإبداع دائما ضد كل قمع، أيا كان نوعه، وضد كل إرهاب مهما تكن صفته.
هكذا كرت الشهور والأعوام حاملة معها كوارث تبدأ من كارثة تفجير برجى التجارة العالمى فى نيويورك فى الحادى عشر من سبتمبر سنة 2001، مرورا بهجمات مدريد التى وقعت فى الحادى عشر من مارس عام 2004، التى تسببت فى مقتل 191 شخصا وجرح ما يزيد على 1750 آخرين. وهجمات لندن الإرهابية، التى وقعت فى السابع من يوليو عام 2005؛ حيث شن «إرهابيون متشددون» عمليات انتحارية، بشكل متزامن، استهدفت قطارات الأنفاق، وأسفرت عن مقتل 50 شخصا، وإصابة ما لا يقل عن 700 آخرين. وهجمات متزامنة فى مومباى العاصمة الاقتصادية للهند، حيث استهدف مسلحون فى السادس والعشرين من نوفمبر عام 2008 فنادق ومطاعم ومحطات قطارات أسفرت عن مصرع 195 شخصا وإصابة المئات بجروح، وهجمات باريس فى 13 نوفمبر 2015 التى استهدفت ستة مواقع مزدحمة فى العاصمة الفرنسية باريس، من بينها ملعب رياضى وقاعة حفلات ومطاعم وحانات، حيث شملت عمليات إطلاق نار جماعى وتفجيرات انتحارية واحتجاز رهائن، وأسفرت عن مقتل ما يزيد على 120 شخصا، وانتهاء بتفجير جريدة «شارلى إبدو» فى قلب العاصمة الفرنسية باريس فى 7 يناير سنة 2015.
وقد واكب ذلك عمليات الإرهاب الدينى الذى شهدته مصر، التى أذكر منها: الانفجارين اللذين حدثا فى التاسع من أكتوبر من عام 2004، وأوديا بحياة ما لا يقل عن 34 شخصا، وأصيب أكثر من 150 بجراح، أغلبهم إسرائيليون، فى منتجعين سياحيين بطابا قرب الحدود مع إسرائيل. وتعرض منتجع شرم الشيخ فى عام 2005 لهجمات إرهابية من إحدى خلايا سيناء تزامنت مع احتفالات العيد القومى الرئيسى فى مصر 23 يوليو، فقتل 88 شخصًا، معظمهم مصريون، وجرح ما يزيد على 200 شخص. وبعد ذلك بأقل من عامين فى ليلة الاحتفال بعيد الميلاد المجيد خلال عام 2007، وقع هجوم مسلح على «كنيسة العذراء» بالدخيلة أدى إلى سقوط نحو أربعة قتلى. وخلال عام 2009، كانت «كنيسة إمبابة» محطة جديدة للإرهاب، فقد تعدى عليها مجهولون بالقنابل والمولوتوف، واحترقت الكنيسة تمامًا، واستهدف التفجير أيضًا «الكنيسة الرسولية» بشارع البصراوى، و«كنيسة نهضة القداسة» بشارع الوردانى، التى التهمت النيران جميع محتوياتها. وفى ليلة (7 يناير عام 2010)، وقع تفجير دامٍ بجانب مطرانية «نجع حمادى» فى محافظة قنا، راح ضحيته 6 أقباط وعدد غير معلوم من المصابين، ووقعت المجزرة بواسطة عربات مجهولة فتحت النيران بشكل عشوائى مكثف على تجماعات الأقباط أمام المطرانية، وكانوا فى طريقهم إلى قداس الاحتفال بعيد ميلاد المسيح. وفى عام 2011، تزامنًا مع احتفالات الأقباط بعيد الميلاد المجيد، تم استهداف كنيسة «القديسين» بمنطقة سيدى بشر بالإسكندرية وراح ضحية الانفجار24 قبطيًا ومئات المصابين.
والغريب أن كل هذه الجرائم توقفت على نحو مفاجئ، خلال فترة حكم الإخوان المسلمين، الأمر الذى يدل على أنه كان لهم يد فيها قبل ذلك. ومع ذلك وبعد أن ثار الشعب المصرى على حكم الإخوان فى الثلاثين من يونيو 2013 تواصلت الأحداث الإرهابية، التى بدأت باقتحام مبنى دار الحرس الجمهورى فى الثامن من يوليو 2013. وقد ارتفعت هجمات الإرهاب الدينى فى الرابع عشر من أغسطس 2013 بالتزامن مع فض اعتصام رابعة؛ حيث توجه الآلاف من عناصر الإخوان إلى محيط قسم حلوان وحاولوا اقتحامه، الأمر الذى أسفر عن استشهاد ثلاثة ضباط وأفراد شرطة قسم حلوان ومقتل مواطنين تصادف مرورهم فى مكان الأحداث. وقد قام أفراد الجماعة بإحداث ضرر كبير فى مبنى القسم وإحراقه بالكامل وتحطيم نوافذه وإتلاف وتدمير عشرين سيارة تابعة للقسم وثلاث سيارات تابعة للمواطنين تصادف وجودها بالقرب من القسم، وذلك فى أثناء اقتحام الإخوان له. وتبع ذلك أيضا الهجوم على ضباط وأفراد قسم كرداسة فى 17 أغسطس 2013، وراح ضحيته أحد عشر ضابطًا من قوة القسم، وخلال المحاصرة قام عدد من الإخوان بإلقاء عدد من زجاجات المولوتوف على واجهة المبني؛ مما أسفر عن اشتعال النيران به، فى أثناء وجود ضباط وأفراد الشرطة داخله. وقد أسفر الاقتحام عن استشهاد العميد محمد جبر، مأمور القسم، ونائبه العقيد عامر عبد المقصود، ومحمد فاروق معاون المباحث، والملازم أول هانى شتا، الضابط بالقسم، وثلاثة مجندين، فيما أصيب عدد آخر من رجال الأمن بين ضباط ومجندين، وتم إحراق القسم بالكامل والاستيلاء على محتوياته من أوراق وأسلحة. وفى الشهر نفسه (أغسطس) 2013 قامت عناصر تابعة للإخوان باقتحام قسم شرطة أبو قرقاص، عقب قيام قوات الجيش والشرطة بفض اعتصامى رابعة والنهضة.
وأضيف إلى ذلك ما وقع فى المنصورة فى ليلة الرابع والعشرين من ديسمبر 2013، من تفجير مديرية أمن الدقهلية، حيث قتل 16 شخصا، وجرح نحو 150 آخرين، حسب بيان وزارة الداخلية، وأصدر تنظيم أنصار بيت المقدس بيانًا أعلن فيه رسميًّا مسئوليته عن التفجير، وأعلنت السلطات يومها مسئولية الإخوان عن الحادث وإدراجها ضمن المنظمات الإرهابية. ولم يقتصر الأمر على ذلك، فقد امتد الأمر إلى تفجير مديرية أمن القاهرة فى الرابع والعشرين من يناير 2014، قبل يوم من ذكرى ثورة 25 يناير 2011. قتل فيه أربعة أشخاص، وأصيب ست وسبعون ضحية، وفق بيانات وزارة الصحة. كما دمر جزء من مقر الشرطة المصرية فى العاصمة.
وأعلنت جماعة «أنصار بيت المقدس»مسئوليتها عنه، فى تغريدة تضمنت تسجيلا صوتيًّا.
وقد وقع فى ذلك اليوم مقتل ثلاث ضحايا وإصابة ثلاث عشرة فى الفيوم ومقتل اثنين فى حوش عيسى ومقتل شخص آخر فى المنيا. وواكب ذلك حرق الكنائس وتفجيرها، عقب فض اعتصامى ميدانيّ رابعة والنهضة، حيث قامت جماعة الإخوان المسلمين وأتباعها بتفجير الكنيسة البطرسية الملاصقة للكاتدرائية المرقسية بالعباسية فى صباح الأحد الموافق 11 ديسمبر 2016، وقد بلغ عدد الوفيات 29، و31 مصابا (تنظيم داعش - ولاية سيناء)، وفى أسيوط سنة 2013 تعرضت كنيسة القديس «مار يوحنا» للتدمير الكامل، حيث ألقوا عليها النيران؛ مما أدى إلى التهام النيران للطوابق الثلاثة التابعة لها، وكنيسة «الملاك ميخائيل» بشارع النميس؛ إذ قاموا بانتزاع الصليب من أعلى الكنيسة وسط صيحات وإطلاق وابل من الأعيرة النارية. وفى العام نفسه تحديدا فى الحادى والعشرين من أكتوبر 2013 شهدت كنيسة «العذراء» بمنطقة الوراق حادث تفجير آخر، وقع فى أثناء زفاف عروسين داخل الكنيسة، والاحتفال بمراسم الزواج، وبعد انتهاء الحفل خرج الحضور من الكنيسة، فاستقبلهم مسلحان يركبان دراجة بخارية ويحملان سلاحا آليا، وأطلقا الرصاص بطريقة عشوائية على الموجودين، مما تسبب فى وفاة ثمانية أشخاص وإصابة آخرين.
وقد تم التركيز بعد ذلك على سيناء، فحدثت تفجيرات واستهداف للمنشآت الأمنية فى أكتوبر 2013. وجاء بعد ذلك قيام انتحارى فى السادس عشر من فبراير 2014 باستهداف حافلة سياحية فى طابا، حيث قام إرهابيٌّ بتفجير نفسه داخلها؛ مما أسفر عن مصرع ثلاثة سائحين كوريين وسائق الحافلة وإصابة خمسة عشر آخرين.
(وللمقال بقية)
لمزيد من مقالات جابر عصفور


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.