لعله من فيض عطف الله علي مصرنا الغالية وشعبها أن يظلنا هذه الأيام شهر رمضان الكريم, شهر الرحمة والسكينة والمودة والغفران, فلو طفت ببلاد الكون لن تجد رمضان كرمضان مصر, ولا ألفة ولا مودة ولا تضامنا ولا تراحما ولا بهجة ولا سرورا بالذي تراه في الحبيبة مصر, يتبادل الناس التهاني من أول يوم فيه إلي آخره, جو منعم بالحب والأنس والمودة والكرم, يصوم المسلمون رمضان ويشاطرهم إخوانهم المسيحيون الصوم والافطار, شعار الناس فيه رمضان كريم وكأنها تعويذة السقيم وترنيمة الشجي وخمادة الجريح وترويحة المتعب وسماحة المغضب. في هذه الأيام المباركة نريد أن نستلهم سماحة الشهر الكريم, فلا تكون بين المصري وأخيه عداوة أو شفارا ولا انتقاما ولا ثأرا, فشعبنا المصري علي طول تاريخه بعد ما يكون عن الشحناء والبغضاء والبغضاء وأقرب ما يكون إلي السماحة والكرم والمروءة والسلام ولم تغب البسمة عنه حتي في أشد المحن, فالمصري بطبعه ودود كريم يعرف للحياة قدرها وللأوطان حقها. فيا شعب مصر بلادكم تستحق منكم أن تتسامحوا وتتصالحوا من أجل وطنكم وما أشجع من يعترف بأخطائه وما أعقل من يؤمن بأن رأيه صواب يحتمل الخطأ ورأي غيره خطأ يحتمل الصواب, فادعوا الله أن يلم شملكم ويهلك عدوكم ويذل الشامت فيكم عسي أن تنجلي الغمة وتعود بلادنا درة الشرق إلي قيادة العالم كما يحكي لنا تاريخنا التليد.