المستشار عبد العاطي محمود الشافعي عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية مع عيد الميلاد المجيد.. تسترجع الدنيا قاطبة ترنيمة السماء.. أجمل حداء.. وأعذب نشيد.. "المجد في الأعالي.. وعلي الأرض السلام. وبالناس المسرة".. تلكم السيمفونية الملائكية التي شنفت أسماع الأنام.. تواكب ميلاد السيد المسيح عليه السلام. وكان مولدك - سيدي المسيح - إيذاناً بتخليص البشرية من الأحزان والآلام.. وبشارة بزوغ فجر العدل والإحسان والوئام.. وإشارة اندحار الظلم والظلام.. والبغضاء والخصام. وفدت إلي الدنيا - سيدي المسيح - ومعك.. وبك ولد السلام.. في المهد.. معك كان السلام.. وترعرعت ومعك قيثارة السلام.. عشت حياتك من أجل السلام.. ودعوت الناس أن يعيشوا مع السلام في سلام.. ورفعت قوماً ينحازون إلي السلام إلي أعلي مقام لينتسبوا إلي الملكوت الأعظم دون كل الأنام.... ذلك قولك :"طوبي لصانعي السلام، لأنهم أبناء الله يدعون". سلكت بأتباعك درب التسامح والرفق والحنان.. وارتقيت بهم أعلي مراتب كرامة الإنسان... وأمرتهم أن يقابلوا الإساءة بالعفو والإحسان.. فتعلموا في رحابك أن المحبة هي غايتهم.. وإنها هي وسيلتهم.. بل هي جوهر إيمانهم وصميم عبادتهم.. وكيف لا - سيدي المسيح - وقد علمتهم.. أن من يحبون.. هم أبداً.. لا يكرهون .. وأن من يحسنون هم البررة الذين لا يسيئون.. ولا يعتدون..ولاينقمون..لأنهم أبداً.. لايكرهون.. وأنهم دائماً يحسنون.. ومن ثم كان نصحك السديد القويم.. وأمرك السامي الكريم.. إلي من تبعك من أهل العقل والفضل والطبع السليم: "أحبوا أعداءكم.. باركوا لا عنيكم.. أحسنوا إلي مبغضيكم.. وصلوا من أجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم". نداء السلام - سيدي المسيح - الذي انطلق يوم مولدك.. يجوب الآفاق.. ليعتنقه اقتداء بك.. أهل الفكر والذكر.. أصحاب الأخلاق.. كأني بك اليوم - سيدي المسيح - سعيداً راضياً قرير العين.. وأنت تسمعه.. يدوي عالياً.. من الأرض التي سعدت وشرفت باستقبالك قبل ألفي عام.. حيث يتعانق ويتلاصق فيها.. صليب المسيحية.. وهلال الإسلام.. مع نسيج وطني.. عروته الوثقي.. لا يدركها وهن - أبد الدهر - ولا خلل فيها ولا انفصام.. ورثت مصر عنك.. ثم عن أخيك محمد.. عليكما السلام.. نداء السلام.. ينطلق منها اليوم إلي بقاع الأرض وكل الأرجاء.. يدعو البشر جميعاً.. ويخاطب وجدان العقلاء.. أن يغرسوا علي الأرض من جديد شجرة السلام.. أن يستعيدوا فضائل الألفة والمودة والتراحم والوئام.. أن يطفئوا نيران العداوة والشحناء والحروب.. أن يجنبوا البشرية أخطار المصائب والكوارث والكروب. وإذا كان هذا - سيدي المسيح - من مصر الكنانة.. شعبها وقائدها.. وجهاً مشرفاً تقر به عينك.. ويرضيك.. فأحسب أن ثمة وجهاً آخر.. مظلماً.. يحزنك اليوم.. ويشقيك.. ذلك أن فرقاً شاذة من البشر.. قد صمت آذانها عن سماع ندائك .. نداء السلام.. حرموا الناس المسرة.. وجلبوا لهم الاسقام والآلام.. اعتنقوا في همجية دنيئة شريعة الغاب.. وفي إخوانهم في الإنسانية.. أعملوا الظفر والمخلب والناب.. ما احسبك - سيدي - إلا مستاء حزيناً... لما يجري في فلسطين السليبة التي شرفت بمولدك العظيم.. وفي الأرض المقدسة الحبيبة.. حيث كان مهدك الشريف الكريم.. إذ طفق خصوم البشرية.. شذاذ الأفاق.. دعاة الشقاق والنفاق وسوء الأخلاق.. يدنسون المقدسات .. ويعيثون فساداً في الأرض.. يهدرون حقوق الإنسان.. ينتهكون الحرمات والشرف والعرض.. يحرمون الناس نعمة الأمن والسكن والاطمئنان.. يرتكبون في همجية وحشية.. أحط وأحقر جرائم الإبادة البشرية.. يسفكون دماء الكبار والنساء والصغار الولدان.. وبعض حكام الغرب الذين يتشدقون بشعارات الحرية والديمقراطية والإخاء زوراً وبهتاناً.. قد ارتضوا إجرام المجرمين.. وانقلبوا صماً وعمياناً.. بل هم.. قد ناصروا الظلم والظالمين.. فازدادوا بهم بغياً وعدواناً.. وتنكروا لتعاليم السماء - تعاليمك سيدي - فما عرفوا حقاً ولا عدلاً ولا إحساناً.. إنهم يغتالون السلام ويعيثون في الأرض فساداً.. يهلكون الحرث والنسل.. عياناً بياناً. ما أحوج البشرية - سيدي المسيح - إلي أن يلبوا مع ذكري ميلادك المجيد.. نداء السلام.. نداءك.. وأن يحتفلوا بالذكري الغالية.. علي النحو الذي يرضيك ويحقق فيهم الرجاء.. رجاءك. ليتهم يؤمنون - من جديد - ليس بمجرد الأقوال والشعارات .. بل بالفعل الصائب والعمل السديد . أن المجد لله في الأعالي.. وأن يزرعوا في الناس المسرة.. وأن ينشروا علي الأرض السلام.. أن يجتثوا جذور العنف والقسوة والإرهاب والإجرام.. وأن يقطعوا دابر العنصرية والهمجية والقرصنة والانتقام.. كيما تستعيد البشرية ما أفقدها إياه الطغاة البغاة من قيم الأمن والأمان.. والاستقرار والوئام. ليت هؤلاء.. الذين يدعون أنهم حماة الحرية وحقوق الإنسان.. ثم يغتالون السلام الذي به ناديت.. يحرمون الناس المسرة التي إليها دعوت.. ويطفئون النور الذي أتيت به وله هديت.. يناصبون البشرية العداء.. ويدقون طبول الشحناء والبغضاء والفتنة العمياء.. وتنفتح شهيتهم لسفك الدماء.. وقتل الأبرياء.. وترويع الآمنين.. واستدعاء الخراب والدمار والبلاء. ليتهم يستحون علي وجوههم.. ويثوبون إلي رشدهم.. ويتوارون منك - سيدي المسيح - خجلاً..! ليتهم يلبون نداءك ويحققون رجاءك.. نداء المحبة ورجاء السلام. ومن مصر السلام.. عليك السلام.. يا نداء المحبة. وبشير السلام.