غداً »الثلاثاء 21 سبتمبر« يحتفل المجتمع الدولي باليوم العالمي للسلام.. حسب قرار الأممالمتحدة منذ تسع سنوات.. وأزعم أن هذا احتفال بذكري غائب مفقود وليس احتفالا بحاضر موجود.. فما افتقدت البشرية- ذات عصر من العصور- قيم ومبادئ وفضائل الأمن والسكينة والوئام والسلام.. مثل ما هو واقع مشهود تعانيه وتكابده وتقاسيه هذه الأيام.. فطبول الحرب تدق في كل مكان.. ونذر التخويف والترويع والارهاب تقض مضاجع الأبرياء.. وتهدد بالويل والثبور وعظائم الأمور كل إنسان.. وعكفت الدول الكبري.. بل وغير الكبري.. علي تصنيع معدات الحروب.. وآلات المصائب والكروب.. واختزان أسلحة الدمار الشامل التي تكفي لتدمير مقومات الحياة.. بل وإهلاك سكان المعمورة في الشرق والغرب والشمال والجنوب.. وكأنما لا يوجد من كبار ساسة الأرض رجل عاقل رشيد.. يرفع ويحمي مخلصا راية السلام.. ويضع أقدام البشرية علي طريق الأمن والاستقرار والعيش الهانئ الرغيد..!! السلام- إذن- هو مناط وقوام ومظلة استمرار واستقرار وازدهار الحياة ومع غياب السلام.. فلا أمن ولا سكينة ولا تنمية ولا تقدم في أي اتجاه، لذلك حفلت واحتفلت بالسلام تعاليم السماء.. عنيت به الأديان السماوية أيما إعتناء.. فلقد كانت الترنيمة الملائكية التي صاحبت ميلاد السيد المسيح عليه السلام.. تتوسطها قيمة السلام: »المجد لله في الأعالي وعلي الأرض السلام وبالناس المسرة« ثم جاء الأنجيل ليكرس قيمة السلام وليبشر السيد المسيح أنصار السلام بأعظم بشارة.. »طوبي لصانعي السلام«.. ثم جاء الاسلام مشتقا اسمه من لفظ السلام.. حتي لكأن الاسلام »لغة« هو فعل السلام.. واحتفي القرآن الكريم بقيمة السلام.. وارتقي بها إلي أعلي مقام، فجاء لفظ السلام في أكثر من أربعين آيه.. ثم جاءت مشتقات وتعريفات كلمة السلام في أكثر من مائة آية أخري من الكتاب المبين.. ولقد صبغ الاسلام حياة المسلم.. في دنياه وأخراه بصبغة السلام.. أحاط مسلكه علي الأرض بهالة السلام.. وجعل جائزته في الجنة دار السلام.. والمسلم حين يلقي أخاه يبادره السلام.. وحين يصلي لربه لا تختتم صلاته إلا بالسلام.. والمسلمون: »إذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما« »الآية 36 الفرقان«.. ثم إن »لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون« »الآية 721 الأنعام« و»دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام« »الآية 01 يونس«، وجائزتهم العظمي: »تحيتهم يوم يلقونه سلام، وأعد لهم أجراً كريما« »الآية 44 الأحزاب«.. وقبل كل هذا وبعده.. قد بلغ السلام في الاسلام ذروة الذري.. وقمة القمم.. حين عظم الله تعالي منزلته.. وأعلي قدره ومكانته.. فاتخذه- جل شأنه- إسما له.. جعل له موقعا بين اسمائه الحسني وصفاته العلي.. فعلمنا- نحن المسلمين- علم اليقين.. أن معبودنا هو السلام.. »الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام« »الآية 32 الحشر«، ثم ها هو رسول الاسلام.. سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام يقرع أذان الدنيا ببيانه المبهر المعجز حول أهمية وضرورة وحتمية السلام.. مخاطبا البشر عامة.. والمسلمين خاصة.. مبينا لهم ومعرفا إياهم ان تأشيرة الدخول إلي الجنة.. وطريقة الحصول عليها.. هو اعتناق ثقافة وسلوك درب السلام.. ذلك ان السلام هو سبيل المحبة.. والمحبة هي دليل الايمان.. والايمان هو الطريق إلي الجنة.. ذلك معني الحديث الشريف »لن تدخلوا الجنة حتي تؤمنوا، ولن تؤمنوا حتي تحابوا، أفلا أدلكم علي شئ إذا فعلتموه تحاببتم: افشوا السلام بينكم. كاتب المقال : عضو المجلس العلمي المصري والمجلس الأعلي للشئون الإسلامية ، عضو المجلس المصري للشئون الخارجية