يرفض بعض دعاة الحريات لدينا أن يجتهدوا فى تفسير المبادئ المُدرَجة تحت عنوان حقوق الإنسان فى الدستور أو القانون أو الاتفاقيات الدولية، ويُصرّون على تقديس النصوص كما هى، بمعانيها المباشرة! ولكنهم يُذعِنون عندما يجيء تفسير إضافى من الغرب، فيعتمدونه، حتى إذا كان مما يرفضونه قبلها، ويعتبرونه قد نال التزكية بعد أن جرى الأخذ به فى أوروبا وأمريكا! فماذا عن الفوضى التى تضرب شبكة الإنترنت لدينا، بعد أن صارت منبراً لنشر أى شيء، فى أى موضوع، ضد أى شخص، وبما يصل إلى حد السباب المقذع، وكل هذا دون رادع، بل إن البعض يدافع عما يحدث بدعوى أنه يحمى حرية التعبير؟! طيب، واضح أن هناك اتجاها يتنامى فى الغرب الديمقراطى يُعيد النظر فى الحريات الواسعة المتاحة على الإنترنت، والتى تسمح ببث وترويج شائعات ومواد مُضلِّلة. وقد صدرت بالفعل أحكام قضائية بالسجن لمن نشر بوستات اعتبرها القضاء فى أمريكا وفرنسا مؤيدة لداعش. كما تعلو الآن أصوات بعض المعنيين فى أمريكا وأوروبا يُصرون على معرفة الآلية التى استخدمها الروس، وفق اتهامهم، فى استخدام البريد الإلكترونى والفيس بوك فى نشر شائعات قيل إنها مفبركة كان لها أثر سلبى على فرص هيلارى كلينتون فى انتخابات الرئاسة، بما عاد على منافسها دونالد ترامب بفوائد دفعت به إلى البيت الابيض. ونحن، فى مصر، منتظرون حتى يصل الغرب إلى حل ثم نحتمى بخبرتهم ونعتبرها الجواز الذى يسمح لنا أن نحمى بلادنا ومواطنينا. حتى الآن فى مصر، أنت لا تستطيع أن تحمى نفسك من التطاول والسباب الشخصى البذيء، لمجرد أن تعرض رأيك الذى لا يُرضِى البعض. كما أنه ليس هناك قواعد تحميك من التعرض لسيل الأكاذيب والشائعات والأخبار الملفقة ضد جيش بلادك فى معركته ضد الإرهاب لحماية الوطن والمواطنين، وضد نتائج الانتخابات الرئاسية! بل ستتعرض لهجوم نارى إذا طالبت بمساءلة من يفبركون الأخبار ويروجون الشائعات، وسوف يوجهون لك اتهامات صارخة بالعداء لحرية التعبير، بل التبعية لنظام الحكم، بل بتقاضى أموال من أجهزة استخبارات خارجية لتنال من هؤلاء الذين يعتبرون أنفسهم أشرف من الشرف..إلخ [email protected] لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب