لم يعد هنالك حصانة لأحد من أن يناله السباب الفاحش على المواقع الإلكترونية لا لشىء سوى لعرضه رأياً لا يعجب البعض، ولم يعد هنالك ما يردع السبّاب أو يعاقبه! بل أحياناً يكون المنصب السياسى الكبير أو المكانة الأكاديمية الرفيعة أو الحظوة الاجتماعية لمن أصاب نجاحاً فى الفن أو الأدب عاملاً حفّازا للجريمة! وحتى الآن، فإن السبّاب لا يزال فى حصنه الافتراضى بمنأى عن المساءلة، ولا يزال الضحية لا يعلم عنه إلا الاسم الذى يظهر به والذى قد يكون مستعارَاً، ولا يمكن معرفة عنوانه الحقيقى بسهولة. كما أن أجهزة الدولة التى تستطيع أن تصل بأدواتها إلى الفاعل لا تزال معفاة من هذه المسئولية، بل إن بعض المسئولين لا يدركون خطورة ترك الأمور تنزلق أكثر، كما لم تصدر تشريعات بعد تُجَرِّم هذه الافعال وتضع لها العقوبات القانونية، مثلما سبقتنا دول ديمقراطية عتيدة انتبهت إلى أنه يجب رد الاعتبار لمن يتعرض للسب والقذف على الإنترنت، كما يجب أن ينال المتجاوز عقاباً! بل إن هذه الدول أدركت خطورة ترك الإنترنت فى هذه الفوضي، ووضعت تشريعات تحدد تهم استخدام المواقع والصفحات الشخصية فى التحريض على العنف أو إشاعة خطاب الكراهية، وتغلظت العقوبات حتى وصلت الأحكام فى بعض الجرائم للحبس سنوات، ولم يشفع للفاعل صغر سنه أو ادعائه بأنها مجرد دعابات! أما لدينا، فلا يزال الأمر ملتبسا لدى كثيرين حتى أنه يصعب عليهم إدانة هذه الجرائم خشية أن تتأثر حرية التعبير! وكأن جرائم التطاول بالسباب الفاحش تدخل تحت مظلة ما ينبغى أن يصونه القانون..إلخ! بل إن هناك من يُصرّ على حصر الجريمة فى حدود أن الفاعل مريض نفسياً، وأن من أعراض مرضه أن يتستر بالمخبأ الذى يوفره الواقع الافتراضي! وكأن هذا يعفيه من المساءلة والعقاب! وكأن هذا التأويل يُسقِط حق الضحية! لقد تدهور الأمر سريعا، من حالات فردية متناثرة إلى ظاهرة بدأت على يد ما صار يُعرَف بميليشيا الإخوان الإلكترونية. وهو ما يحتاج مقالاً آخر. [email protected] لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب