55 عاما قضاها الكاتب والروائى الدكتور أحمد خالد توفيق فى هذه الحياة قبل أن يغادرها أمس الأول فى مستشفى حكومي، كما يليق بواحد حمل هموم الناس، مستجلبا ترحمات ودعوات الملايين من قرائه فى العالم العربى، الذين أثرى خيالهم بأعماله الأدبية على مدار ال 25 عاما الماضية. دعوات ستكون له عونا في مواجهة ما بعد الموت الذي كان يخشاه، حيث كتب مؤخرا: «أنا أخشى الموت كثيرا ولست من هؤلاء المدعين الذين يرددون فى فخر بطولي: نحن لا نهاب الموت، كيف لا أهاب الموت وأنا غير مستعد لمواجهة خالقي. إن من لا يخشى الموت ه و أحمق أو واهن الإيمان، وكفاني أن عمر بن الخطاب كان يخشى الموت كثيرا فأين نحن منه؟». توفيق، الذى ولد فى طنطا بمحافظة الغربية عام 1962، وتخرج فى كلية الطب عام 1985، ثم حصل على الدكتوراه في طب المناطق الحارة عام 1997، كان شديد التواضع، رغم تميزه الشديد فى كتابة روايات الخيال العلمى، وذياع صيته فى تأليف قصص الرعب، ولم ينتش عندما أطلق عليه محبوه لقب «العراب»، بل عبر أكثر من مرة عن أن الهالة التي يضفيها قراؤه عليه تزعجه، لأنها تشعره أنهم يتوقعون منه ما هو أكبر من إمكاناته». إنتاج الدكتور أحمد خالد توفيق الإبداعى كان متنوعا، حيث أصدر أكثر من سلسلة قصصية مثل «ما وراء الطبيعة» و«فانتازيا» و«سافارى»، كما صدرت له عدة روايات، منها «يوتوبيا» و«السنجة» و«مثل إيكاروس» و«في ممر الفئران»، ومن القصص القصيرة «قوس قزح»، و«عقل بلا جسد»، و«حظك اليوم»، و«الآن نفتح الصندوق»، و«لست وحدك»، كما ترجم عشرات الكتب والروايات، وكان يكتب مقالات في عدد من الصحف والمواقع الإلكترونية. كانت قضايا المجتمع شغله الشاغل والقاسم المشترك بين معظم أعماله، ففى رواية «يوتوبيا» التي صدرت عام 2008 صور حالة الانفصال التام بين من يملكون كل شىء وأحاطوا أنفسهم بسياج الترف في مدنهم المسورة ويطلقون على غيرهم لقب «الأغيار»، وبين بقايا المدن القديمة التي تحولت في الرواية إلى خرائب يسكنها حطام بشر وجثث تتنفس، ومن المفارقات أن منتجعا للأغنياء أقيم بعدها بسنوات وحمل اسم يوتوبيا، الذى يعنى المدينة الفاضلة. جمع توفيق في أسلوبه بين البساطة وجلال الحكمة وخفة الظل وتجارب البشر وخبراتهم في الحياة، ومما قال: «فجأة وجدت أننى في الأربعين.. الخامسة والأربعين.. ثم سن الخمسين.. هذه أرقام لم أسمع عنها قط، ولم أتخيل أنها ممكنة». وقد كتب توفيق قبل ساعات من وفاته: «وداعا أيها الغريب.. كانت إقامتك قصيرة، لكنها كانت رائعة.. عسى أن تجد جنتك التي فتشت عنها كثيرا.. وداعا أيها الغريب.. كانت زيارتك رقصة من رقصات الظل.. قطرة من قطرات الندى قبل شروق الشمس.. لحناً سمعناه لثوان من الدغل ثم هززنا رءوسنا وقلنا إننا توهمناه.. وداعا أيها الغريب، لكن كل شىء ينتهى». سيظل الدكتور أحمد خالد توفيق، الذي شُيعت جنازته أمس، حيا من خلال إبداعاته وعطائه، ، وهو الذى قال: «لا أخاف الموت.. أخاف أن أموت قبل أن أحيا».