لعله من نافلة القول، أن الرسالة الإعلامية ،ينبغى أن يكون لها هدف تسعى إلى تحقيقه ، وأن العوامل الفنية مثل توقيت الرسالة، والجرعة المقدمة قد تحقق هذا الهدف أو تؤدى إلى الفشل فى تحقيق الهدف، كما قد تؤدى إلى آثار سلبية. وتشير القراءة الأولى لأهداف تغطية وسائل الإعلام المصرية للانتخابات الرئاسية إلى أنه كان ينبغى أن يكون هدفها الإستراتيجى حشد الجماهير لأداء الواجب الانتخابى بصفته حقا دستوريا لكل مواطن عليه أن يتمسك به، إثراء للتطور الديمقراطى ودعما لأركان الدولة العصرية، التى هبت الجماهير من أجلها فى 30يونيو، ومن ثم كان حريا بالقائمين على العمل الإعلامى، أن تكون التغطية الإعلامية احترافية شكلا ومضمونا حتى تحقق أهداف مصر والمصريين. وبدلاً من تلك الأهداف الإستراتيجية سارع الخطاب الإعلامى إلى الترويج لمقولات تخاطب الجوانب العاطفية وتلائم البسطاء وقد نجحت إلى حد ما فى حشد تلك الفئات، وأغفلت تماما الخطاب العقلى الذى يرسخ للدولة العصرية فكان فشلها الذريع فى حشد الشباب وغالبية الطبقة الوسطى مثل مقولة إن التصويت رد جميل للسيد الرئيس عبدالفتاح السيسي، وشهدائنا من رجال الجيش والشرطة, وبمد الفكر على استقامته، ماذا كان سيفعل أصحاب القرار الإعلامى فى هذا البلد بأدائهم البائس لو غاب عن المشهد زعيم بقيمة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى وإنجازاته؟. ثانية الأسافى التركيز المبالغ فيه بالصورة على مشاركة كبار السن بالانتخابات، هذه المبالغة تحمل رسائل سلبية داخليا وخارجيا ، داخليا لم تحقق الهدف من حشد الجماهير لممارسة حقها الانتخابى ، خاصة أن مجتمعنا لا يقل عدد الشباب فيه عن 60% من تعداد السكان ، وأول دروس الإقناع كما ندرس فى كليات الإعلام فى السنوات الأولى ما يسمى «تصنيف المكانة» أى أنه كان ينبغى أن تركز الصورة الإعلامية أساسا على الشباب بما يضمن الحد الأدنى من الحشد. على المستوى الخارجى حيث الرسائل لا تقل أهمية عن الداخل ، هذه المبالغة فى استخدام كبار السن، دون أن يقابلها زخم من صور الفئات السنية الأخرى تعكس أمام الخارج عزوفا إجتماعيا عن المشاركة فى الانتخابات ، يمكن أن يؤول خارجيا بما لا يصب فى مصلحة مصر الوطن والنظام . ثالثة الأسافى، المبالغة فى استخدام صور المعوقين من المراحل السنية المختلفة، ومساعدة رجال الجيش والشرطة حفظهم الله لهم، إلا أن هذا المنحى العاطفى لا يصمد أمام ترسانة العهود والمواثيق الدولية الخاصة بحقوق المعوقين، التى يحترمها ويقدرها الرأى العام العالمى بل يصب فى إظهار قصور الدولة المصرية عن تمكين تلك الفئات من ممارسة حقوقها الحياتية. نأمل أن يواكب الإعلام المصرى عصرية الدولة الحديثة ويرتقى إلى مستوى الإنجاز الذى تحققه الدولة المصرية على أرض الواقع منذ 2014، والمواطن الذى أدهش العالم بعبقرية ثورته أى أننا نستطيع القول إن ممارسات الإعلام المصرى غاب عنها الكثير من التخطيط والأسس العلمية لإعداد المنتج الإعلامى بما يضمن تحقيق أهدافه السياسية والاجتماعية داخليا وخارجيا. لمزيد من مقالات ◀ د.ياسر الأنصارى