«أننا متهمون بقبول بعض القضايا، وبأننا جزء من حملة مناهضة للديمقراطية، بيد ان القضاة لا يجب ان يتعرضوا لضغوط»، .” «أن السلطة القضائية يجب ألا تدع أى شخص يعانى من الظلم».هذه كلمات ميان ثاقب نزار رئيس المحكمة العليا فى إسلام آباد ،قالها دفاعا عن القضاء وأحكامه ،بعد أن تصاعدت موجة من الاتهامات تجاه المحكمة العليا فى باكستان، وإدعاءات بأنها تلعب دورا سياسيا ضد الحكومة ،وتتحيز فى أحكام القضاء التى تشمل الحزب الحاكم ومسؤوليه،خاصة بعد أن قضت المحكمة العليا منذ أيام قليلة ، بعزل رئيس الوزراء السابق نواز شريف من رئاسة الحزب السياسى الذى أسسه ( الرابطة الإسلامية الباكستانية ) ،مما حرمه من خوض أنتخابات مجلس الشيوخ التى جرت فى أوائل الشهر الماضي . وكذلك بعد ان أطاحت المحكمة بشريف فى قضية فساد فى شهر يوليو الماضى ،وهى المرة الثانية فى تاريخ باكستان ، منذ استقلالها قبل 70 عاماً، التي تقوم فيها المحكمة العليا بإسقاط الأهلية عن رئيس للوزراء خلال توليه مهامه،حيث أقيل يوسف رضا غيلاني عام 2012 بتهمة ازدراء القضاء، عندما رفض إعادة فتح التحقيق في قضية فساد بحق الرئيس آصف علي زرداري فى ذلك الوقت. إتهام الحزب السياسى الحاكم للسلطة بتشويه الحزب هو ادعاء ينكره القضاة للقضاء وتفصيلا ،وعلى رأسهم القاضى ميان نزار-64عاما- الذى أصبح رئيسا للمحكمة العليا فى نهاية عام 2016،ويطلق عليه بحكم المنصب «منصف أعظم باكستان « نظرا لكفاءته وخبرته العالية فى القانون الدستورى،وسمعته الطيبة التى تحظى بكل التقدير. وأثار نشاطه الشخصى والقضائى كثير من الجدل بين مؤيد ومعارض، فقد قام بإجراء تفتيش شخصى لمستشفى لاهور لتفقد حالة صحية وانتقد عدم قدرة الحكومة على وقف الاتجار بالبشر فى مقاطعة البنجاب ،واعتبربعض المحللين ان النشاط القضائى بهذه الصورة يدمر صورة القضاء ويسيسه أكثر، وقد ردت المحكمة العليا على هذه الانتقادات بشكل عملى ،وأدانت عضو مجلس شيوخ وحكمت عليه بالسجن لمدة شهر بتهمة انتهاك حرمة المحكمة كما مثل وزيران ، أمام المحكمة العليا بسبب ذات التهمة ،و تم استدعاء نواز شريف وابنته مريم وريثته السياسية بسبب انتقادها للقضاء. ولقد خاض رئيس المحكمة العليا وهى أعلى هيئة قضائية معركته مع الحزب الحاكم ، حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية وعلى رأسه رئيس الوزراء الذى قامت المحكمة العليا بإقالته بعدما قررت عدم أهليته للبقاء فى منصبه ،إثر تورطه فى قضايا فساد ،وعدم قدرته وأسرته على الكشف عن مصادر ثرواتهم ،وأعلن نواز شريف استقالته من منصبه بعد قرار المحكمة،وقال انه تنحى رغم أن لديه تحفظات قويه على العملية القضائية . ومنذ ذلك الحين تصاعدت وتيرة الخلاف بين السلطة القضائية والحزب الرئيسى بباكستان،فيقول نواز وحلفاؤه عن ما تقوم به المحكمة «هذه ليست عدالة بل مزحة» فى انتقاد واضح لدورها ، وتقول المعارضة إن حكم عزل شريف معيب خاصة بعد انتخاب شخصية موالية لشريف لتحل محله في رئاسة الوزراء. وكانت المحكمة العليا قد رفضت التماسا قدمه زعيم حزب الرابطة الإسلامية الحاكم حنيف عباسي يقضي بعدم أهلية عمران خان زعيم حركة «إنصاف» (الحركة الوطنية من أجل العدالة في باكستان) وطلب تنحيته من منصبه لعدم الكشف الكامل عن ممتلكاته في أوراق الترشيح عام 2013،وذكر موقع صحيفة «داون» الباكستانية أن المحكمة أقرت بأن «خان» سيبقى في منصبه كنائب برلماني ،وبهذا الخصوص، قال رئيس المحكمة ميان ثاقب نزار إن «خان قدم جميع الوثائق الرسمية التي طُلبت منه لإثبات براءته من اتهامات وجهتها ضده لجنة الانتخابات الباكستانية بتلقي مساعدات خارجية»،ويرجع الخلاف بين الحزبين إلى أن عمران خان هو منافس نواز وشن مع مناصريه عدة احتجاجات لإسقاطه وعزله من رئاسة الوزراء، وهذا الحكم أجج الخلاف بين الحزب الحاكم والمحكمة العليا. و القاضي نزار بالرغم من تناوله للقضايا المتعلقة بالحزب الحاكم والمخالفات من قبل السلطات المدنية، تصدى لقضايا أكثر حساسية مثل ممارسات وكالات الاستخبارات، إلا ان المعارضين من جهة أخرى يدعون أن رئيس القضاء لم يقدم آي دليل على المطالبة بعودة برويز مشرف الذي هرب من البلد في منتصف محاكمته بتهمة الخيانة. وقال ابن عبد الرحمن- 88 عاما- أحد المدافعين البارزين عن حقوق الإنسان، الذي يرى أن المحكمة قد تجاوزت في بعض الأحيان «هناك جو من المواجهة». “.”»يجب على القضاة ألا يبدأوا في محاولة حل المشاكل بأنفسهم». ورد على دعوة القاضي نزار إنه يود أن يدعو الناشط منذ فترة طويلة لتناول الشاي معه بقوله «بدلا من دعوة الشاي من الأفضل توفير العدالة»وذلك أثناء حضوره لإعطاء شهادة خبير أمام المحكمة العليا. . وفي الوقت الراهن، يبدو أن الاشتباكات بين السلطة القضائية وحزب شريف قد تتفاقم ،بعد الحكم الأخير بعزل نواز من رئاسة حزبه، والذى قال عنه رئيس المحكمة العليا»على لجنة الانتخابات شطب أسم نواز شريف من كل السجلات الرسمية»ولقد شمل قرار المحكمة مرشحين للحزب فى أنتخابات مجلس الشيوخ ،التى جرت فى 3مارس الماضي ،وبسبب الحكم شارك المرشحين كمستقلين وليس بإعتبارهم ممثلين عن حزب نواز شريف ،وفوزهم فى الانتخابات يمكنهم من تعديل الدستور من أجل إتاحة الفرصة لرئيس الوزراء السابق والزعيم الفعلى للحزب للوصول إلى السلطة مجددا عندما يخوض الحزب الانتخابات العامة المقررة خلال هذا العام ،و سوف يؤدى ذلك إلى تصاعد الخلاف والصراع بين الحكومة والسلطة القضائية بشكل كبير مما يؤثر على الحياة السياسية والاستقرار فى باكستان .