خطواتى إلى صندوق الانتخاب تهمس لى بالكثير من أحداث كرتنا الارضية؛ وهى ليست مجال مفاضلة بين المرشح عبد الفتاح السيسى والمرشح مصطفى موسي؛ فإنجازات عبد الفتاح السيسى واضحة؛ ومجرد قبول مصطفى موسى الترشح هو أمر مشكور له؛ وعلى الرغم من صعوبة قرارات تعويم الجنيه فإن ما يمنح الأمل فى أن التنمية المستمرة والتى تجرى بسرعة هائلة على عموم الخريطة المصرية؛ هذه التنمية تعطى كل مصرى حق الحلم فى مستقبل غير مترهل؛ مستقبل به إنتاج يمكن أن نصلح به ما أفسدته سنوات عدم حساب حقائق الواقع؛ فأربعون عاما من عدم امتلاك خريطة لمواجهة العشوائية السياسية وإهدار التعليم وهدر القطاع العام والتخبط فى أمور الرعاية الصحية والوقوف أمام كاميرات التليفزيون لافتتاح مستشفيات لا يوجد بها أطباء أكفاء؛ وهذا بعض مما شاهدناه فى السنوات الخمس الأخيرة من سنوات حكم السادات, ثم حدث اهتمام جزئى فى بدايات حكم مبارك لتترنح فكرة العدالة الاجتماعية حين أقنعه عاطف عبيد ببيع كثير من الشركات العملاقة للقطاع الخاص والمثل الزاعق هو شركة المراجل البخارية وغيرها مما أسساه بدم القلب؛ وطبعا كان لابد من خروج جيل يطلب حقه فى الحياة فجاء الخامس والعشرون من يناير حاملا هذا المطلب لكن مصر تعرضت لعملية نهب من قبل تنظيم قام والعياذ بالله بتزوير الدين. ومن يتابع قصة التأسلم الكاذب الذى حاول سرقة الروح المصرية وبيعها فى سوق النخاسة العالمي، من يتابع تلك القصة سيرى ملامح محمد البلتاجى كبير بلطجية التأسلم الكاذب وهو يهددنا بأن إرهابيين من كل بقاع الأرض سيجتمعون فى سيناء ليعيدوا حكم الإخوان، ولولا دقة وحسم قيادات القوات المسلحة لما استطعنا تخليص أنفسنا من عار التأسلم الكاذب؛ وانكشفت أمامنا ملامح من أرادوا لنا المزيد من التخلف؛ بقيادة الحالم ببعث الإمبراطورية العثمانية رجب طيب أردوغان، وكان من أساليب تشجيعه للتطرف والإرهاب هو مساندته لما سمى تنظيم داعش الذى سلك فى كل بقعة ظهر فيها بما تركته الإمبراطورية العثمانية من أساليب الرعب؛ فقطع الرءوس كان ممارسة عثمانية عادية. ومن يقرأ روايات الكاتب اليونانى العظيم كازينتزاس يمكنه أن يرى كيف تصرف العثمانيون مع البشر فى كل بلد دخلوه؛ سواء بقطع الرءوس أو بالوضع على الخوازيق. وبيقظة وحسن فهم للتاريخ والجغرافيا خرج الجيش المصرى ليخلصنا من احتلال منخفض التكاليف شاءه التأسلم السياسي. وطبعا لم يغفر التأسلم الكاذب لعموم المصريين عملية النداء الفعلى بخروج المصريين مرتين؛ الأولى فى الثلاثين من يونيو, والثانية حين جاء نداء عبد الفتاح السيسى طلبا للتفويض؛ فخرج ما يزيد على الثلاثين مليون مواطن مصرى يمنحونه تكليفا واضحا بضرورة التخلص من آفة التخلف المسماة التأسلم الكاذب. ولتبدأ من بعد ذلك إعادة صياغة الواقع المصرى بدستور طيب وحكيم, لكنه لم يمنح القيادة سوى فترة أربع سنوات تتلوها أربع أخري؛ وراح عبد الفتاح السيسى فى السنوات الأربع الأولى يرمم ويبنى ويوقظ الإرادة ويدعو لتحمل مشاق قاسية مثل تعويم الجنيه، وحاول مقاومة آفات كانت مزعجة بغير حد مثل آفة فيروس سى الذى احتل مكانة البلهارسيا؛ فإذا كانت ثورة يوليو قد هزمت البلهارسيا فى أجساد المصريين فثورة الثلاثين من يونيو رصدت وهزمت فيروس سي. لكن فيروسات الأطماع العثمانية أرادت لنفسها هزيمة الإرادة المصرية؛ فقد ظهر بوضوح صاعق إرادة المصريين؛ فبينما كان التأسلم الكاذب يقتات بدماء سوريا وليبيا فقط حاول حصار مصر؛ لكن الجيش المصرى واجه ومازال يواجه هذا الحصار بنبل وجسارة عارمة. وإذا كنا قد صككنا عبر 23 يوليو شعار يد تبنى ويد تحمل السلاح؛ فإعادة الترجمة العملية لهذا الشعار تجلت عمليا فى عملية ازدواج المجرى الملاحى لقناة السويس. وراحة اليد التى تبنى فى عملية استكشاف آفاق التنمية فى الزراعة وفى مجال الثروة السمكية، ثم أكرمتنا السماء بظهور الغاز فى البحر المتوسط ليبدأ إنتاجه. لكن ذلك جعل حلم الإمبراطورية العثمانية الجديدة يتآكل أمام صاحبه أردوغان الذى عثر على ممول خاضع لأفكار التأسلم الكاذب هو خزانة قطر الدولارية، تلك الخزانة التى مولت هدم ليبيا على رءوس مواطنيها بعد أن أسقط حلف الأطلنطى نظام معمر القذافى الهش ومازال يهدم سوريا بسكاكين الطائفية المختلفة التوجهات؛ ويضع يده فى يد إيران التى أخذت العراق من عروبته لتعيد تشكيله على هواها، وزرعت فى لبنان ما يضمن تفككه وأعنى حزب الله. ولأن التأسلم الكاذب ارتضى لنفسه دور العميل منذ نشأته عام 1928على يد حسن البنا ووضع نفسه عبر التاريخ فى موضع هادم الأوطان، لأن الأمر كذلك فقد سهل استخدامه ضد عموم المصريين. ووضح ذلك فى حرص مكتب الإرشاد على تلقى التعليمات من الدوحة وأنقرة عبر جواسيس معتمدين. وها نحن نغسل سيناء من الأفاعى الأردوغانية ونعيد تحريرها من التجاهل بعد أن حررها جيل أبطال السادس من أكتوبر 1973. ولا أظن أن ألما فاق آلامنا نحن عموم المصريين حين نودع شهيدا شاءت قوى التخلف القطرية والتركية أن تستأجر باسم الدين من يقتله. ولأن خزانة تمويل القتل فى قطر ما زالت مفتوحة؛ فرقصة أردوغان على الحبال المختلفة التوجهات مازالت مستمرة حيث يحلم حاليا باقتطاع جزء من سوريا المفتتة ويغازل حلم الأطلنطي؛ ويناور مع الروس الذين وجدوا فى سوريا كى يطلوا على البحر المتوسط؛ ولكن الرقص على الحبال يمكن أن يكسر رقبة الراقص. وطبعا فأردوغان لا يكف عن ممارسة كراهيته لمصر وعبد الفتاح السيسي؛ وسيثبت المصريون أنهم بإعادة انتخاب عبد الفتاح السيسى هو تذكير لأردوغان بجيش مصر الذى دق أبواب الإمبراطورية العثمانية فى الثلث الأول من القرن التاسع عشر بقيادة إبراهيم باشا. ونحن لا نهدد لكننا نصون ولا نبدد. نبنى مستقبلا مصريا ستجتمع حوله العروبة فى يوم قريب. لمزيد من مقالات ◀ منير عامر