بدأ البيت الأبيض إجراء مشاورات وعقد اجتماعات لوضع, الترتيبات المتوقعة والمنتظرة لهذا الاجتماع المفاجئ الذى هز اعلانه أركان واشنطن وعواصم العالم. قبول الرئيس الأمريكى دونالد ترامب دعوة لقاء مع رئيس كوريا الشمالية كيم جونج أون أثار التساؤلات والتكهنات حول احتمالات نجاح هذا الاجتماع أو فشله فى إنهاء ما هو قائم من عداء بين واشنطن وبيونج يانج امتد عقودا طويلة والأهم إمكانية تحقيق هدف استراتيجى هو نزع السلاح النووى الكورى الشمالى وضمان استقرار أمنى فى شرق آسيا. وذكر الرئيس الأمريكى فى تغريدة له ان «الصفقة مع كوريا الشمالية مازالت فى طور التكوين .. واذا اكتملت فستكون حسنة جدا للعالم». مضيفا: «ان الزمان والمكان سيتم تحديدهما». ويذكر أنه فى اليوم الأول لاعلان الاجتماع ذكر أنه سيتم فى شهر مايو. كما أن مصادر صحفية ذكرت أن مكان الاجتماع قد يكون بيت السلام (مبنى المؤتمرات الكائن فى منطقة منزوعة السلاح بين كوريا الشماليةوكوريا الجنوبية). وفى ردها على أسئلة الصحفيين حرصت سارة هاكبى ساندرز المتحدثة باسم البيت الأبيض على القول إن الرئيس يحدوه الأمل (حسب تعبيرها) حول الاجتماع المقترح مع الرئيس الكورى الشمالى إلا أنه أوضح أن الاجتماع لن يعقد حتى ترى الولاياتالمتحدة أفعالا ملموسة تم اتخاذها بخصوص الوعود التى ذكرها الكوريون الشماليون . قالت أيضا «إن الولاياتالمتحدة لم تقدم أى تنازلات وإن كوريا الشمالية تعهدت بنزع السلاح النووي». وما يلفت الانتباه أن مستشار الأمن القومى لكوريا الجنوبية كان قد وصف موقف كوريا الشمالية بالقول إنها ملتزمة بنزع السلاح النووي. المتحدثة باسم البيت الأبيض ذكرت فى معرض حديثها عن الاجتماع أيضا أن حملة الرئيس بالضغط للحد الأقصى من الواضح أنها أتت بتأثيرها وان الصين والآخرين صعدوا الأمر وفعلوا أكثر مما فعلوه مع إدارات أمريكية سابقة وكان هذا جهدا جماعيا. وأن ركس تيلرسون نائب وزير الخارجية كان حاضرا فى الغرفة التى شهدت مناقشات حول هذا الأمر وبالتالى من العبث الاعتقاد أن تيلرسون تم ابعاده من دائرة القرار. وقالت ساندرز - أيضا-ان الرئيس كان يقوم بالتحضير لهذا الاجتماع منذ فترة مضت وذلك فى لقاءاته المنتظمة مع فريقى الاستخبارات والأمن القومي. ولأن اعلان الاجتماع كان مفاجأة صادمة وخروجا صريحا عما هو معتاد ومتبع فى الدبلوماسية الأمريكية والسياسية الأمريكية بشكل عام, احتد الجدل حول جدية هذه الخطوة وجدواها. ولم يتردد بعض المعلقين السياسيين والخبراء الاستراتيجيين فى وصفها بأنها مقامرة خطيرة خاصة أن خطوات الوصول الى اتفاق ليست بالأمر الهين ولا يمكن التسريع فى اتمامه دون معرفة التفاصيل والنتائج. وشدد بعضم على أنه مرة أخرى يتضح طريقة ترامب وأسلوبه المتميز فى تفادى الدبلوماسية التقليدية والاعتماد أولا وأخيرا على قدراته الشخصية فى عقد صفقة والاتفاق حولها. وفى كل الأحوال فإن ما يريده صورة تاريخية ويريد أيضا التصريح بأن ما حققه لم يحققه أى رئيس من قبله!. نعم، جاءت الفكرة قبل أن تدوم السكرة. اذ حذر دبلوماسيون سابقون فى ادارات من كلا الحزبين الجمهورى والديمقراطى, ومنهم نيكولاس بيرنز وغيره من تبعات وعواقب هذا الاندفاع دون التمهيد أو الاستعداد للجلوس مع عدو قديم له سلاح نووى رفض من قبل أى مفاوضات بشأن برنامجه النووى وتهديداته للجيران. ولم يفت بيرنز أن يقوم فى حوار تليفزيونى بالتذكير بأن الاجتماع سوف يحدث وليس هناك سفير لأمريكا لدى كوريا الجنوبية ولا مساعد وزير الخارجية لشئون شرق آسيا. كما أن أكبر المسئولين المتخصصين فى الشأن الكورى الشمالى بالخارجية الأمريكية استقال من منصبه مؤخرا. وحرص أيضا على القول إن مثل هذه المفاوضات الدولية بالنسبة للولايات المتحدة لا تجرى على المستوى الرئاسى فقط بل بمشاركة جميع أركان الدبلوماسية والعسكرية والأمن القومى فى عملية اتخاذ القرار. بالاضافة الى دور للكونجرس، أما ريتشارد هاس رئيس مجلس العلاقات الدولية فقد ذكر فى تعليقات منشورة بموقع أكسيوس الاخبارى : «ان ما لا نعرفه يزيد كثيرا عما نعرفه» و«علينا أن نتقدم بدبلوماسية حذرة وحريصة»، مضيفا: «ان الدعوة للاجتماع تثير أسئلة حرجة منها. 1 ما الذى أتى بكل هذا ؟ هل هو خليط من الضغط الاقتصادى والتهديدات العسكرية؟ أم أنها حيلة من جانب كوريا الشمالية للخروج من ضغط العقوبات أو لإحداث انقسام بين الولاياتالمتحدة و دول أخرى ومنها كوريا الجنوبية واليابان وروسيا والصين؟. 2- هل كوريا الشمالية مستعدة للاستغناء عن سلاحها النووى وصواريخها الطويلة المدى بعد كل ما فعلته من أجل الحصول عليها وتطويرها؟ وهل ستقبل بإجراء عمليات تفتيش لما تملكه؟ 3- ماذا ستطلب كوريا الشمالية فى المقابل.. إضافة إلى الحث على تخفيف العقوبات أو رفعها هل ستطلب إنهاء إجراء التدريبات العسكرية المشتركة بين الولاياتالمتحدةوكوريا الجنوبية أو إنهاء الوجود العسكرى الأمريكى فى كوريا الجنوبية؟ «حيث يصل عدد أفراد القوات المسلحة الأمريكية داخل كوريا الجنوبية إلى نحو 28 ألفا و 500 فرد». ان الأيام المقبلة بلا شك مملوءة بكل الاحتمالات والتكهنات .. فلننتظر ونري.