أقبل منطقيا طرح بعض المسئولين الروس لمقارنة بين سلوك المجتمع الدولى تجاه روسيا فى الأراضى السورية، وسلوك ذات المجتمع تجاه قوات التحالف بقيادة الولاياتالمتحدة فى البلد، نفسه، فالعالم ممثلا فى المنظمة الدولية أثار ضجة كبرى حول قصف الغوطة الشرقية بواسطة النظام العربى السورى والقوات الروسية وأصدر قرار مجلس الأمن رقم 2401 مطالبا بهدنة فى سائر أنحاء سوريا، وتوفير ممرات آمنة للمدنيين لخروجهم أو لإمدادهم بمواد الإغاثة، وعلى الرغم أن روسيا طبقت هدنة لعدة ساعات، وهو ما اخترقته الجماعات الإرهابية التى قصفت معبر الرافدين أكثر من مرة، وعلى الرغم كذلك من استمرار تركيا فى عملية «غصن الزيتون» فى عفرين رغم الهدنة، فإن موسكو طبقت الهدنة فى نهاية المطاف، ولكن المسئولين الروس تساءلوا وهذا ما أقبله منطقيا عن عدم حدوث أى رد فعل دولى للقصف المكثف والوحشى من قوات التحالف لمدينة الرقة الذى أسقط العديد من المدنيين بأكثر مما جرى فى الغوطة التى وقف العالم كله على أطراف أصابعه لأن روسيا والنظام العربى السورى قصفا الجماعات الإرهابية الموجودة هناك، ومن ناحية أخرى فإن جهة دولية واحدة لم تطالب الولاياتالمتحدةالأمريكية بتوفير ممرات آمنة وإنسانية فى مخيم «الركبان» عند «التنف» فى منطقة تسيطر عليها القوات الأمريكية. إن هذه المعايير المزدوجة السائدة فى النظام الدولى تشير إلى أننا نحتاج إلى نظام عالمى جديد، يساوى بين جميع الأطراف، وبخاصة أن الولاياتالمتحدة موجودة فى سوريا عبر البلطجة السياسية والعسكرية وفى ظل عدم دعوة أى طرف سورى، بينما الروس موجودون فى سوريا بدعوة من الحكومة الشرعية السورية والبرلمان، ثم إن المعايير المزدوجة امتدت إلى مناقشات فى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة فى جنيف حول مشروع قرار بريطانى يهدف إلى إفشال القرار الأممى 2401 وإثارة ضجة إعلامية حول ارتكاب موسكو ودمشق جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية وضرورة رفع الموضوع إلى المحكمة الجنائية الدولية، وكل هذا لأن قرار مجلس الأمن نص على هدنة لا تشمل داعش وهيئة تحرير الشام والجماعات المرتبطة بهما، فأرادت أمريكا وأراد الغرب حماية فلول الإرهابيين بتلك الضجة الإعلامية مؤكدين أن كل قوى الإرهاب هى صناعة أمريكية وغربية. لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع